إبراهيم عوض
يتفق رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سليم الحص على أن المملكة العربية السعودية، وحدها، قادرة في الوقت الحاضر على جمع القادة اللبنانيين حول طاولة الحوار، واستعادة الدور الفاعل الذي أدّته يوم أقر اللبنانيون اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب التي عصفت بلبنان لسنوات.
ولا ينفك الحص يحث المملكة على القيام بمبادرة تعيد وصل ما انقطع بين الأطراف اللبنانية. ولا يكاد يخلو تصريح صادر عنه يتناول الأزمة اللبنانية من ذكر الدور السعودي، والرهان عليه لأن الرياض «تمثل القوة الإقليمية التي لا تثير الحساسيات عند أحد، ولأنه كانت لها تجارب سابقاً».
وكان الحص أثار موضوع المبادرة السعودية خلال استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز له في الرياض في شباط الماضي، وقد تمنى عليه يومها أن تعمل السعودية على انعقاد «طائف ثانٍ» يُخرج لبنان من أزمته. وذُكر أن العاهل السعودي حاذر الرد على طلب الحص، وإن بدا متحمساً له. وثمة أوساط سياسية لبنانية رأت أن أي تحرك سعودي فعال تجاه لبنان يستلزم تفاهماً مع واشنطن التي كانت لديها مآخذ على ما فعلته الرياض حين وفّقت إلى جمع القادة الفلسطينيين في مكة، وقبلها استقبالها للرئيس الإيراني أحمدي نجاد وكذلك وفد من «حزب الله».
وفي بيروت، سئل السفير السعودي عبد العزيز خوجة عن سبب إقدام فرنسا، لا المملكة، على جمع الأفرقاء اللبنانيين على أرضها وحثهم على الحوار، فأكد أن بلاده كانت «السباقة في الدعوة الى الحوار وما فتئت تبذل المساعي لترطيب الأجواء والبحث عن حلول للخروج من الوضع المضطرب الذي يعيشه لبنان». وقال خوجة لـ «الأخبار» إن «الجهود يجب أن تنصبّ حالياً للحفاظ على الجيش ودعمه في الحرب التي يخوضها على الإرهاب». وحذّر من «محاولات التشكيك بالمؤسسة العسكرية، أو المسّ بها تحت أي ذريعة»، مناشداً اللبنانيين «أن يدعوا خلافاتهم جانباً ويلتفّوا حول جيشهم الباسل الذي يخوض أشرس المعارك ويقدم الشهداء في مواجهة عصابات ومرتزقة اتخذت من الاسلام ستاراً لها، وهو منهم براء».
وفي دمشق، يتابع المسؤولون الحركة الفرنسية الجديدة تجاه لبنان وانفتاحها المفاجئ على سائر الاطراف بعد إيفادها السفير جان كلود كوسران لهذه الغاية، ويأملون أن يكون ذلك مؤشراً إلى بدء مرحلة يطوى معها عامل الشخصنة الذي طبع سياسة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة.
وفيما تؤكد أوساط سياسية سورية متابعة أن المبادرة الفرنسية بدعوة اللبنانيين الى الحوار شأن لبناني يعود لأصحابه البحث في كيفية التعاطي معه، أشارت الى أنه لم يصدر عن العهد الفرنسي الجديد برئاسة نيكولا ساركوزي الوثيق الصلة بالإدارة الاميركية، ما يدل على حصول تبدل في النظرة الفرنسية تجاه سوريا، وإن كانت هناك مؤشرات في هذا الإطار توحي بها تصريحات إعلامية فرنسية لم ترقَ بعد الى درجة المواقف الرسمية على غرار التلميح إلى عزم كوسران على زيارة دمشق، وقبله الكلام على جولة ينوي ساركوزي القيام بها تشمل دولاً في الشرق الاوسط من بينها سوريا. ولفتت الى أن دمشق تأمل من باريس أن تتفهم دور سوريا في المنطقة لا حصره في المسألة اللبنانية فحسب، وأن تتعامل معها على اساس أنها جهة تساعد على إيجاد الحلول لمشاكل المنطقة لا تعطيلها. وأكدت انفتاح سوريا على أي حوار مع فرنسا بغية اعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.
واستغربت الأوساط السياسية السورية المتابعة لجوء مسؤولين في لبنان وقياديين من قوى 14 آذار الى اتخاذ كلام وزير الخارجية وليد المعلم على دخول عناصر من «فتح الإسلام» الى لبنان خلسة عبر الحدود السورية ذريعة لإلصاق التهم بدمشق وتحميلها مسؤولية كل ما يجري على الساحة اللبنانية. وأوضحت أن ما قصده المعلم هو الرد على هذه الادعاءات والحديث بشفافية عن وجود عمليات تسلل من سوريا الى لبنان وبالعكس، والحاجة الى ضبط الحدود من كلا الجانبين. وأفادت الأوساط المذكورة بأن السلطات السورية تقوم بما في وسعها لمنع التسلل والتهريب عبر حدودها، وقد ضاعفت من عدد حرس الحدود لهذه الغاية، مشيرة الى أن الجانب السوري رحّب أكثر من مرة بعروض تقدمت بها دول أوروبية قبل أشهر لتزويده بمعدات وآلات تقنية متطورة خاصة بمراقبة الحدود، وتبرع هذه الدول بتدريب رجال الأمن السوريين على استخدامها، الأمر الذي لم يحصل حتى الساعة».