صيدا ــ خالد الغربي البدّاوي ــ عبد الكافي الصمد

على الرغم من خشية أبناء مخيم عين الحلوة من انتقال فتنة الداخل إلى مخيمهم، ولا سيما بعد استهداف منزل مسؤول حركة حماس في منطقة صيدا أبو أحمد فضل داخل المخيم بقنبلة يدوية. إلا أن مصادر فلسطينية أكدت أن الوضع لن يتجه إلى التصعيد لاعتبارات عدة، منها أن جميع الفصائل الفلسطينية تدرك أنه ليس في مصلحتها حصول أي توتر داخل المخيم، ولا سيما في ظل الأوضاع التي يشهدها مخيم نهر البارد، وخصوصاً أن التفوق الذي تتمتع به حركة فتح داخل المخيم لا يعطيها حسماً للموقف، ولا سيما مع تنبيه القوى الإسلامية إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت حركة حماس لأي اعتداء كان، وهو ما فسر بالرسالة الشديدة اللهجة لمن كان يحاول التشفي من حماس في المخيم.
واستنكرت لجنة المتابعة الفلسطينية بعد اجتماعها في منزل أبو أحمد فضل محاولة اغتيال «فضل» على أيدي من وصفهم بيان اللجنة بـ«العناصر المشبوهة» التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار والفتنة بما يخدم المشروع الأميركي. ودعا المجتمعون إلى عدم الإنصات إلى الشائعات المشبوهة والتأكيد على الوحدة الوطنية لأنها صمام الأمان لأهلنا وشعبنا.
وفي مخيّم البدّاوي، كاد حادث إطلاق النّار على مركز حركة «حماس» الذي قامت به مجموعة مسلحة تابعة لحركة «فتح»، يؤدّي إلى ما لا تحمد عقباه، لو لم يسارع المعنيون إلى تطويقه سريعاً، وتجنب ذيوله وتداعياته. وعلى الرغم من تضارب المعلومات عن طبيعة الحادث ودوافعه، وإبعاد كلّ طرف منهما تهمة التسبّب به عن نفسه، ورميها على الفريق الآخر، فإنّ التحركات السريعة التي بذلتها شخصيات وقوى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف الفلسطيني، أدّت إلى عقد اجتماع عاجل عقد مساء أول من أمس في مقر اللجنة الشعبية، واستمر إلى ما بعد منتصف الليل، صدر على إثره بيان شدّد على «رفض الفتنة الهادفة إلى نقل الأحداث الجارية في فلسطين إلى مخيّمات لبنان عموماً ومخيّمات الشمال خصوصاً»، كما دانوا الحادث الذي أدّى إلى إطلاق النّار على مركز لحركة «حماس»، مشيرين إلى أنّه «لا خلفيات تنظيمية له»، ومطالبين «بمحاسبة مطلقي النّار ورفع الغطاء التنظيمي عنهم وعن كل مسيء».
وكان الحادث الذي وقع قرابة الساعة الثامنة إلا ربعاً من مساء أول من أمس، وسبقه تمزيق لافتات لحركة «حماس»، وتمزيق صور مؤسسها الشيخ أحمد ياسين وحرقها، قد أدى إلى إصابة المدعو أشرف إبراهيم (فلسطيني مقرب من «حركة التوحيد الإسلامي») الذي صودف وجوده في المكان بجروح طفيفة، وتعرض واجهة مركز «حماس» ومسجد «زمزم» القريب منه لرصاصات طائشة. وأعقب الحادث انطلاق تظاهرة عفوية دعت إلى تجنيب مخيّم البدّاوي ذيول الصراع الحاصل في غزّة والضفّة الغربية، وردّد المشاركون فيها هتافات دعت إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية.
ورأت أوساط فلسطينية دخلت على خطّ نزع فتيل الحادث، أنّ «تجاوب كلّ الأطراف لناحية رفضهم تكرار مثل هكذا حوادث مستقبلاً كان شاملاً، وخصوصاً أنّ مخيّم البدّاوي المكتظ بلاجئيه ونازحي مخيّم نهر البارد إليه، غير قادر على تحمّل خضّات أمنية من هذا القبيل».
كما أعلنت النائبة بهية الحريري وقيادة الجماعة الإسلامية في لبنان دخولهما على خط التهدئة بين حركتي فتح وحماس في لبنان في مسعى مشترك بدأ مع حماس ويستكمل لاحقاً مع فتح. وفي هذا الإطار عقد في مجدليون اجتماع ضم النائبة بهية الحريري ورئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان الدكتور علي الشيخ عمار وممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، حضره المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب بسام حمود ومسؤول العلاقات السياسية في حماس علي بركة ومسؤول الحركة في منطقة صيدا أبو أحمد فضل والمسؤول الإعلامي رأفت مرة وعدنان الزيباوي. وأكدت الحريري وعمار خلال اللقاء على ضرورة إنهاء هذه الإشكالات ومعالجة أسبابها والعمل على تحصين الساحة الفلسطينية في لبنان. وتحدث أسامة حمدان إثر اللقاء فثمن «دور جميع الذين تدخلوا لوقف الاعتداءات على مراكز حركة حماس. لكن مع الأسف، اليوم (أمس) فجراً جرى الاعتداء في مخيم البص على سيارة إسعاف وجرى تدميرها إضافة إلى القيام بعدد من الأعمال الاستفزازية (...) هذا المناخ بالنسبة إلينا مناخ مرفوض وغير مقبول». وأضاف: «موقف حماس هو ضبط النفس وهو ناشئ من قناعة لدى الحركة بأن أي مشكلة تحصل لا بد من محاصرتها وتطويقها وحلها، لا أن نذهب في اتجاه تصعيدها وتوسيع الأزمة».