نهر البارد ـ نزيه الصديق
شارف الجيش اللبناني على إنهاء مهمته الأساسية بنجاح، وذلك بعدما بسط سيطرته الكاملة على الأحياء الجديدة في مخيم نهر البارد التي تشكل قرابة 40 في المئة من مساحة المخيم، والتي تضم المراكز والقواعد العسكرية الرئيسية لمسلحي تنظيم «فتح الإسلام».
وجاء هذا الإنجاز اللافت للجيش بعد مرور شهر على اندلاع الاشتباكات مع مسلحي الحركة، الذي تمثل في إحكام الطوق عليهم، وحصرهم داخل جيب صغير يعرف بحي المهجرين، ويقع بن مبنيي صامد والتعاونية، فيما فر بعض من بقي منهم إلى داخل المخيم القديم مع عائلاتهم، أو حاولوا التسلل إلى خارج المخيم عبر المدخل الجنوبي، وهو الأمر الذي كان له الجيش بالمرصاد.
وكانت الاشتباكات ودوي أصوات القذائف لا تزال تسمع داخل المخيم، وتحديداً في محيط مدارس الأونروا ومسجد الحاووظ، إضافة إلى مبنى التعاونية الهام الواقع على تخوم المخيم القديم، الذي أفادت مصادر عسكرية بعد عصر أمس لـ«الأخبار» بأنه سقط في أيدي عناصر الجيش اللبناني.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الجيش استحدث موقعين عسكريين ثابتين له داخل المخيم، وهو سيبقي عليهما بشكل نهائي، الأول قرب صالة الربيع غرب المخيم، والثاني قرب جامع بيت المقدس عند المدخل الشمالي من المخيم، إضافة إلى نيته استحداث مواقع أخرى داخله بعد انتهاء المعارك.
في موازاة ذلك، واصل الجيش اللبناني، الذي سقط له ثلاثة شهداء في معارك أمس، عمليات تنظيف الأماكن التي يبسط سيطرته عليها، عبر نزع الألغام والفخاخ التي تركها المسلحون وراءهم، إضافة إلى رفع الركام والأنقاض من أمام آليات الجيش، بواسطة جرافات استقدمت خصيصاً لهذه الغاية. وأعلنت مصادر أمنية أن جندياً لبنانياً استشهد أمس وأن جندياً لبنانياً آخر توفي أمس أيضاً متأثراً بجروح أصيب بها. وقالت المصادر الأمنية إن عناصر من الجيش اكتشفوا جثث سبعة متشددين في مبنى كانوا يفحصونه بحثاً عن شراك خداعية.
ومساءً استطاع الجيش أن يحكم السيطرة على تجمع مدارس الأونروا غرب المخيم، إضافة إلى تدمير مركز التعاونية بشكل كامل. وبذلك يكون الجيش قد أحكم السيطرة بشكل كامل على المخيم الجديد وبات عند تخوم المخيم القديم.
وفي ظل شح المعلومات الواردة من داخل المخيم، لفتت جهات فلسطينية لا تزال تحافظ على خيط التواصل الرفيع مع داخل المخيم، إلى أن حركة «فتح الإسلام» باتت مستعدة للقبول بكل الشروط التي ستملى عليها، بعد الضربات القاسية التي تلقتها على أيدي الجيش اللبناني، وأن مجموعات الحركة ودفاعاتها باتت مفككة ومشتتة وغير فعالة، وأن الأوضاع تغيرت جذرياً الآن على الأرض، على عكس ما كانت عليه في بداية الاشتباكات في 20 أيار الماضي.
وأشارت هذه الجهات إلى أن القائد الميداني للحركة شاهين شاهين «يبدي مرونة وإيجابية كبيرة في التعاطي مع مبادرة رابطة علماء فلسطين»، ما يعني أن المواقف المتشددة التي تميزت بها مواقف مسؤولي الحركة سابقاً قد تلاشت وتراجعت بنسب كبيرة، فضلاً عمّا يشاع عن أن قادة ميدانيين آخرين أمثال أبو الحارث وأبو مؤيد وأبو جعفر وأبو حمزة، قد لقوا حتفهم، إضافة إلى غيرهم من القادة الميدانيين، عدا ما يشاع عن أن قائد الحركة ومسؤولها الرئيسي شاكر العبسي مصاب بجروح، وأنه يمكث حالياً في أحد ملاجئ الحركة داخل المخيم.