strong>لحود يشدِّد على حكومة الوحدة مخرجاً وحيداً للأزمة والحريري يسأل: هل توقف الاغتيالات؟
خرج الأمين العام للجامعة العربية وأعضاء الوفد العربي المرافق له بعد جولة المحادثات التي أجروها مع عدد من أركان الحكم وقيادات سياسية وعسكرية وروحية بانطباع مفاده أن هناك صعوبات كثيرة تحول دون التوصل إلى حل للأزمة اللبنانية، وأعلن موسى أنه سيكشف عن تفاصيلها اليوم، إلا أن اللافت كان سؤاله بعد لقائه النائب سعد الحريري عن سبب عدم استئناف الحوار بعد إقرار مشروع المحكمة الدولية.
استهل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وأعضاء الوفد العربي اليوم الثاني من جولتهم على أركان الحكم والقيادات السياسية والعسكرية والروحية بلقاء رئيس الجمهورية إميل لحود في حضور وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ. ثم انتقلوا بعد ذلك إلى اليرزة للاجتماع بقائد الجيش العماد ميشال سليمان قبل أن يتوجهوا إلى قريطم حيث استقبلهم رئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري. وزار موسى منفرداً رئيس المجلس النيابي نبيه بري للمرة الثانية بعد زيارته له مساء أول من أمس مع أعضاء الوفد الذي يضم وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي نزار مدني ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري أحمد بن عبد آل محمود، ومساعد وزير الخارجية المصري هاني خلاف، والمندوب التونسي عبد الحفيظ الهرقام وسفيري السعودية ومصر لدى لبنان عبد العزيز خوجة وحسين ضرار.
كذلك زار الوفد مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، وانتقل بعد ذلك للاجتماع مرة ثانية مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. ثم زار الوفد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للمرة الثانية أيضاً في السرايا الحكومية، وجرى خلال الاجتماع عرض شرائح إلكترونية (سلايدز) عن مراحل وعن بعض الأجزاء من المعلومات التي توصلت إليها التحقيقات مع عناصر من «فتح الإسلام» عن النشاطات التي مارسوها وارتباطاتهم.
وزار رئيس «الكتلة الشعبية» النائب الياس سكاف الأمين العام للجامعة في مقر إقامته.
وقد أبلغ الرئيس لحود الوفد الذي انضم إليه أمس القائمان بأعمال سفارتي قطر وتونس أحمد عبد الله الكواري ومحمد مسعود، أن «المخرج الوحيد للأزمة السياسية الراهنة في لبنان هو تأليف حكومة وحدة وطنية يشارك فيها ممثلون عن جميع الفئات التي تكوِّن المجتمع اللبناني»، مشدداً على «أهمية الإسراع في هذه الخطوة لمواجهة الاستحقاقات الراهنة سياسياً وأمنياً»، مشيراً إلى أن «حكومة كهذه توفر المناخات السياسية المناسبة لإنهاء الاعتصامات في الوسط التجاري ولانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق الأصول الدستورية المتبعة».
وعرض لحود الأسباب التي دفعته إلى «اعتبار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة فاقدة للشرعية الدستورية والميثاقية»، لافتاً إلى «خطورة استمرار الوضع الحكومي على ما هو عليه»، محذراً من «دفع فئة كبيرة من اللبنانيين إلى المطالبة باتخاذ خطوات رداً على استمرار الحكومة غير الشرعية وغير الدستورية في تجاهل رأي هذه الفئة وإبعادها قسراً عن المشاركة في إدارة شؤون البلاد». وأشار إلى أنه «لم يطرح تشكيل حكومة ثانية لأن تجربة الحكومتين في لبنان أظهرت أنها لم تكن جيدة، بل ألحقت أضراراً كبيرة، تتطلب إزالة آثارها السلبية وقتاً طويلاً إلى أن استعادت المؤسسات والإدارات اللبنانية وحدتها».
وفي موضوع مخيم نهر البارد أكد لحود أن لا بديل من تسليم المعتدين على الجيش للقضاء اللبناني لمحاكمتهم وفق الأصول.
وكرر أمام أعضاء الوفد أن «جرائم الاغتيال التي حصلت منذ عام 2005 وحتى اليوم، استفاد منها أعداء لبنان، في مقدمهم إسرائيل والأصوليون المتطرفون»، مشدداً على أن «التحقيقات الجارية في الجرائم المرتكبة يجب أن تتكثف لمعرفة الحقيقة بعيداً عن توجيه الاتهامات جزافاً». وذكّر بـ«الدور الإسرائيلي في تنفيذ عدد من الجرائم، مثل اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا بواسطة عملاء لإسرائيل أدلوا باعترافات خطيرة كشفت دور المخابرات الإسرائيلية في زرع البلبلة والرعب في لبنان».
وبعد اللقاء، قال موسى «إن الحديث مع الرئيس لحود تناول مهمة الوفد والوضع في لبنان، ولقد دعونا إلى حركة لبنانية شاملة للتعامل مع التوتر القائم، ولإحداث نقلة نوعية في الحركة السياسية. ونحن سنواصل دفعنا في هذا الاتجاه خلال اجتماعاتنا اليوم (أمس) وغداً (اليوم) إن شاء الله».
ولفت إلى أن «المؤشرات تؤكد أمراً واحداً أساسياً، وهو أن هناك مجالاً للحديث ولتبادل الأفكار، ولإمكان الاتفاق. إنما الصعوبات لا تزال قائمة»، منبهاً إلى أن «الوضع عموماً صعب في المنطقة كلها ويقتضي الكثير من التحليل والتفاهم والتشاور، والدخول في تفاصيل أكثر، وذلك يأخذ
وقتاً».
وأوضح أن الصعوبات التي يواجهها الوفد كثيرة، مرجئاً الحديث عنها إلى اليوم.
وعن أولويات الحل وإذا ما كانت في الرئاسة قبل الحكومة أو في الحكومة قبل الرئاسة أو في ضبط الحدود، أجاب: «هل من أحد وضع هذه قبل تلك؟»، وأضاف: «من الممكن التفاهم على كل هذه الأمور في الوقت نفسه، ثم إن الوقت يدهم لبنان، ولا داعي لترتيب الأولويات. إن وقت ترتيب الأولويات كان ممكناً لو كان أمامنا سنة أو أكثر، أما الآن فأمامنا ثلاثة إلى أربعة أشهر».
وأكد أنه «لمس من رئيس الجمهورية كل خير»، ووصف المناقشات معه بـ«الطيبة للغاية» ولم يستبعد أن يلتقيه ثانية إذا احتاج الأمر إلى ذلك.
ورأى أن الفصل والربط بين الأمني والسياسي «يمكن أن نكتب عنه مواضيع إنشائية، لكن الأمر يحتاج إلى ضبط أمور تتعلق بالأمن وحركة تتعلق بالسياسة».
وسئل موسى إذا ما كان متفائلاً، فأجاب بأنه لم يقرر حتى الآن، وقد يفعل ذلك اليوم.
وبعد لقاء الوفد النائب الحريري في حضور النائبين باسم السبع وغازي يوسف والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري، قال موسى
رداً على سؤال عن العائق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد إقرار المحكمة، إن «هذا السؤال يجب أن يوجه إلى كل الأطراف لا إلى طرف واحد. أما الآن فقد انتهينا من إحدى العقبات، فلماذا لا يستأنف الحوار؟ ولماذا تتم الموافقة على استئنافه في عاصمة ما ولا تتم هنا
أيضا؟».
وعن طبيعة المساعدة التي ستقدمها الجامعة في مسألة الحدود مع سوريا، وإذا ما كان هناك طلب محدد من النائب الحريري في هذا الإطار، أوضح أن «هناك طلباً محدداً ذكرته الجامعة العربية ومجلس الجامعة، ونصَّ عليه قرار مجلس الجامعة واتخذ بالإجماع ووافق عليه كل من لبنان وسوريا ويتضمن إشارة إلى مسألة الحدود».
بدوره قال الحريري إنه تحدث «بكل وضوح وصراحة عن موقفنا كتيار المستقبل وكجهة سياسية في لبنان. وكنت قد أجريت اتصالاً بالأمين العام للجامعة العربية لحظة استشهاد النائب وليد عيدو وطلبت منه أن تتحمل الجامعة العربية مسؤولية ما يحصل في لبنان من اغتيالات وتدهور أمني وتدهور على الحدود اللبنانية ـــــ السورية. ومن المؤكد أن هناك جزءاً من المسؤولية في هذا الموضوع يتحمله لبنان جراء ضعف المراقبة على الحدود اللبنانية، لكن هناك أيضاً مسؤولية تتحملها الدولة السورية».
أضاف: «أما بالنسبة إلى حكومة الوحدة الوطنية، فإن البلد يحتاج اليوم إلى حوار وإلى حكومة وحدة وطنية لا يكون قيامها بهدف إفراغ مركز رئاسة الجمهورية. لقد وافقنا على مبدأ قيام حكومة الوحدة الوطنية، لكن في الوقت نفسه، هناك تدهور أمني كبير، فهل إذا وافقنا على قيام حكومة الوحدة الوطنية ستتوقف الاغتيالات؟ هل سيتوقف التدهور الأمني؟ وهل سيتوقف تهريب السلاح إلى لبنان؟»
وأوضح أنه «في موضوع الحوار الذي ناقشناه مع الأمين العام والوفد المرافق، فقد قلنا لهم بكل صراحة إننا نريد الحوار، ولسنا ضده، بل إننا على استعداد للشروع به اليوم، وطلبنا أيضاً أن يحدد الأمين العام تاريخاً لاستئناف الحوار. لا أريد أن أخوض في كل التفاصيل، لكن يجب ألا يقول أحد إننا لا نريد حكومة الوحدة الوطنية، بل إننا مع قيام حكومة وحدة وطنية تكون أهدافهاواضحة».
وأشار إلى «أننا اليوم على مسافة ثلاثة أشهر من الاستحقاق الرئاسي وليس على مسافة ثلاث سنوات »، محذراً «من أن لبنان لا يحتمل التدهور الذي يحصل(...) ولقد طلبنا منه المساعدة في تفعيل طاولة الحوار في مجلس النواب».
وبعد زيارة الوفد دار الفتوى، أكد المفتي قباني «ضرورة العودة إلى الحوار مدخلاً لحل الأزمة والوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم التوافق مسبقاً على برنامجها السياسي، وتأكيد التزام كل الأطراف بما يتم التوافق عليه في برنامج الحكومة، وخصوصاً في قضية إقامة المحكمة الدولية». وطالب بمساعدة الجامعة العربية لوقف التدخل في الشؤون اللبنانية ووقف مسلسل الاغتيالات والتفجيرات التي تهدد الأمن والاستقرار وضرب النظام الديموقراطي في لبنان».
كما طالب بـ«العمل على مساعدة لبنان في ضبط الحدود ووقف تدفق الأسلحة والمسلحين لإثارة القلاقل في الداخل».
(الأخبار، وطنية)