غسان سعود
يبدو أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ستلقي بثقلها إلى جانب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في معاركه القضائية المقبلة، سواء ضد «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أو غيرها من المؤسسات التي تدّعي «القوات» الحق بامتلاكها.
ففيما كان اللبنانيون مشغولين بالمعركة التي يخوضها الجيش اللبناني في نهر البارد ضد مجموعة «فتح الإسلام»، وفي اليوم الثاني مباشرة لاندلاع هذه المعارك، التأم مجلس الوزراء للبحث في مساندة الجيش في معركته الحاسمة. غير أن «مصيرية» المعركة لم تحل دون إمرار الحكومة في جلستها المنعقدة في 21 أيار الماضي «مرسوماً نافذاً حكماً يلغي المرسوم رقم 4908 تاريخ 23/3/1994 المتعلق بسحب العلم والخبر المعطى للجمعية المسماة «حزب القوات اللبنانية» في بيروت».
ويعيد المرسوم الشرعية الى «حزب القوات اللبنانية» الذي أخذ العلم والخبر من وزارة الداخلية في 10 أيلول 1991، ومؤسّسوه بالنسبة الى الحكومة هم فؤاد مالك (مقيم في لبنان ـــــ معارض لجعجع)، ريشار جريصاتي (مهاجر ـــــ معارض لجعجع)، إبراهيم اليازجي (مقيم في لبنان ـــــ مستقيل من العمل السياسي)، جوزف رزق (مهاجر)، والزميل أمجد اسكندر المؤيّد لجعجع.
إلا أن اللافت أن مالك، وهو قائد «حزب القوات اللبنانية» وممثله تجاه الحكومة، لم يكن حتى يوم أمس مطلعاً على هذا القرار، الذي سبق أن طالب به مراراً وجاءه الرد سلبياًوقد برر مجلس الوزراء مرسومه الأخير الذي اقترحه وزير الداخلية حسن السبع بنقطتين اثنتين:
ـــــ تستند الأولى «إلى القانون رقم 677 تاريخ 19/7/2005 المتعلق بمنح عفو عام عن بعض الجرائم»، وهو ما ترفضه مصادر قانونية باعتبار أن سحب العلم والخبر من «القوات اللبنانية» يومها كان عقوبة إدارية لا قضائية، بدليل صدوره قبل فتح الملفات القضائية وقبل صدور أي أحكام فيها، فيما يشمل قانون العفو العقوبات القضائية لا الإدارية، كما يشمل أشخاصاً محددين بصفتهم الشخصية لا الحزبية.
ـــــ وتربط النقطة الثانية قرار السبع ببيان «العلم والخبر رقم 257/ أ.د تاريخ 1/11/2005 المتعلق بإعادة قيد الجمعية المسمّاة حزب القوات اللبنانية»، وهو أمر غير صحيح لأن مؤسسي الجمعية الثانية تقدموا بطلب تأسيس جمعية جديدة اسمها «القوات اللبنانية»، من دون أي إشارة إلى الجمعية المنحلة. ويبدو هذا واضحاً في العلم والخبر الصادر في 1 تشرين الثاني 2005، والمنشور في الجريدة الرسمية في 10/11/2005، ويؤكد أن غاية الجمعية الجديدة ومؤسسيها تختلف عن غاية الجمعية المنحلة ومؤسسيها. وتحدث العلم والخبر في الـ2005 عن استكمال تأسيس الجمعية الجديدة عبر انتخاب هيئة إدارية خلال مهلة سنة من تاريخ نشره، الأمر الذي مرَّت عليه سنتان من دون أن يحصل بعدكما يشار إلى أن قانون 62 المعني بالجمعيات يحظر إعادة الترخيص لجمعية منحلة في حال صدور أحكام جزائية مبرمة في حق بعض أعضائها لارتكابهم جرائم. ويفرض على الراغبين في خطوة كهذه التقدم بطلب قانون يصدر عن المجلس النيابي وحده. وإذا صح أن جمعية «حزب القوات اللبنانية» حلت عام 1994 على أساس المادة 3 من قانون الجمعيات، بحسب السبع، لا القانون 62، فإن شروط تطبيق هذا الأخير باتت متوافرة بعد صدور الأحكام المبرمة بحق بعض أعضاء «القوات».
وفي موازاة هذه المخالفة، أو «العفو السنيوري» عن حزب دانه القضاء اللبناني وحظره، يسأل المتابعون عن دور فؤاد مالك، «القائد الشرعي» لـ«حزب القوات اللبنانية» غير المحظور، وعن العلاقة المفترضة بين هذا الحزب و«القوات اللبنانية» التي يرأس هيئتها التنفيذية الدكتور سمير جعجع، وخصوصاً أن نظامهما الداخلي مختلف، كما أن الأعضاء المؤسسين مختلفون، والرؤية السياسية للطرفين شبه متناقضة.
ويشار في هذا السياق إلى تكرار موكلي جعجع، على هامش جلسات محاكمته في ادعاء أهالي الأسرى والمفقودين عليه، براءته من منطلق عدم وجود أية علاقة بينه كرئيس هيئة تنفيذية في «القوات اللبنانية» وبين «حزب القوات اللبنانية» الذي حظر في 23 آذار 1994.
ويثير القرار الحكومي الأخير إشكالية قانونية، إذ يوحي المرسوم بأن «قوات مالك» و«قوات جعجع» جسم واحد. وفي انتظار تبلور الصورة، يؤكد مطلعون أن هذه الخطوة تمهّد لانقضاض جعجع، قريباً، على الحزب الذي يرأسه مالك. ويرى أحد المتابعين لشؤون «قوات جعجع»، الداخلية والقانونية، أن الهدف الرئيس من إجراء حكومة السنيورة هو تمكين جعجع من الفوز بمعاركه القضائية لتملك المؤسسات والمباني التي انطلقت من رأسمال الصندوق الوطني الذي كان يجبي الأموال من المناطق المسيحية. واللافت، في هذا السياق، أن قرار مجلس الوزراء الأول في هذا الإطار، الذي رفضت رئاسة الجمهورية توقيعه، تزامن مع توجيه الإنذار «القواتي» الأول إلى «المؤسسة اللبنانية للإرسال». علماً بأن لرئيس مجلس إدارة المؤسسة بيار الضاهر الحق، والمصلحة الرئيسية، في رفع دعوى ضد الحكومة لإلغاء هذا المرسوم، والمطالبة بإبطاله.