صيدا ــ خالد الغربي
على رغم المعلن من ودّ وتفاهم، والشعور السائد بانتظام «العلاقة التاريخية» بين التنظيم الشعبي الناصري والفصائل الفلسطينية، يسود تململ واسع صفوفَ التنظيم مما يعتبرونه «مغالاة القيادات الفلسطينية في مديح الباب العالي في مجدليون وقريطم، وتقديم واجب الطاعة اليومية». وينسج مناصرو التنظيم قصصاً ونكات تشي بشعورهم بـ«ظلم ذوي القربى»، ومن هذه النكات أن فريق 14 آذار قرر ترشيح قيادي فلسطيني للانتخابات الفرعية في بيروت مكافأة لولائه!
ولا تخفي قيادات بارزة في «التنظيم» انزعاجها من الأداء الفلسطيني في لبنان و«المبالغات غير المبررة» التي تبديها القوى الفلسطينية بكل تلويناتها (باستثناء قلة قليلة) في الغزل بالسلطة اللبنانية، وتحديداً تيار «المستقبل»، بذريعة أن في ذلك «مصلحة للشعب الفلسطيني، فيما الأمر بات أشبه بانحياز أعمى من الجانب الفلسطيني الى قوى السلطة، انطلاقاً من اعتبارات متداخلة، بينها المذهبي والمصلحي الضيق، وما هو قائم على سياسة المحاور في المنطقة، وبينها «مشاريع سلطة» لم تخرج من دائرة التأثير الأميركي».
وتساءل أحد قياديي التنظيم، في حديث الى «الأخبار»: «كيف يمكن أن يساوي أصحاب القضية بين مقاومي المشروع الأميركي ــ الإسرائيلي ومن يناضلون من أجل حق العودة، وبين حماة هذا المشروع وأصحاب مشروع القريعة؟»، مشيراً الى «أننا قد نتفهّم ظروف الواقع الفلسطيني واللبناني وتداعياتهما، وما يمليانه من ضرورة إقامة القيادات الفلسطينية علاقات متوازنة مع مختلف القوى، موالاة ومعارضة، وألا تكون مع طرف ضد آخر. وإننا لا ندعوها الى تبنّي خياراتنا في لبنان، لكننا، في المقابل، لا نفهم هذه الاندفاعة والحماسة المبالغ بها لممالأة قوى السلطة».
ويصبح «العتب» الناصري مزدوجاً على القوى الفلسطينية المنتمية الى خيار المقاومة التي تذهب هذا المذهب في إقامة علاقة منحازة لطرف لبناني دون آخر، ويُطرح التساؤل عن سبب «رمي كل الأوراق الفلسطينية في سلة فريق واحد في لبنان؟».
لذلك جرى نقاش جدّي داخل «التنظيم»، أخيراً، حول جدوى اللقاءات التي يعقدها رئيسه النائب أسامة سعد مع ممثلي القوى الفلسطينية «الذين بات معظمهم يأتي رفعاً للعتب، ويعطينا كلاماً شاعرياً وإنشائياً ودروساً في التاريخ».
وتشير مصادر قريبة من سعد الى أنه كان في صدد الامتناع عن استقبال أي من المسؤولين الفلسطينيين، قبل أن يعدل عن ذلك أملاً في «صحوة» فلسطينية، وهو ينصح سائليه في التنظيم عن جدوى اللقاءات، بالتروّي والصبر «لأن في النهاية لا يصحّ إلا الصحيح، وما يعني بيت معروف سعد هو الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ونحن في قلب هذه القضية ولسنا ضيوف شرف وتجار مواقف، وثمة فرق بين المقاومة والمقاولة»، مشيراً الى أنه لا يخاف مما يحصل لجهة الوضع الفلسطيني وملفاته «لأن الواقع الفلسطيني في لبنان أقوى من أن تُملى عليه خيارات في غير مصلحته».
وعلى رغم العتب والتململ، يؤكد القيادي «أننا سنبقى متمسّكين بعهد قطعناه منذ الرصاصات الأولى للشهيد معروف سعد عام 1936 على هضاب فلسطين، وعهد الراحل مصطفى سعد الذي وقف الى جانب الشعب الفلسطيني قناعة وإيماناً في أحلك الظروف، وهو عهد الانتماء الى هذه القضية بمعزل عن مواقف طائشة من هنا وتغريد خارج السرب من هناك».