strong>يوم ماراتوني من اللقاءات وعودة إلى عين التينة وزيارة قريبة إلى دمشق
أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حصول تقدم في المحادثات التي يجريها مع المسؤولين والقادة اللبنانيين، آملاً استئناف الحوار برعايته في وقت قريب. ورفض ترتيب الأولويات، مشيراً إلى أن كل المواضيع مترابطة. وأوضح أنه سيعلن نتائج مهمة الوفد العربي اليوم، معلناً أنه سيزور سوريا قريباً.
وكان وفد الجامعة قد أمضى يوماً ماراتونياً من اللقاءات مع القادة والمسؤولين بعد تمديد مهمته 24 ساعة، وزار رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة للمرة الثالثة. وبعد اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات ونصف، وتخلله مأدبة غداء، لم يشأ موسى الإدلاء بأي تصريح واكتفى بالقول: «لا نستطيع التحدث قبل نهاية المحادثات».
والتقى الوفد الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل في دارته في بكفيا، في حضور عدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب. وبعد اللقاء رأى موسى أنه «من المفيد جداً الحديث مع القادة والمسؤولين، وتحريك الإرادة اللبنانية نحو التقدم وحل هذه الأزمة وإنهاء التوتر»، آملاً أن يعلن عن حوار برعايته في وقت قريب.
من جهته، أكد الجميل ترحيب اللبنانيين بالمبادرة العربية وكل المساعي التي يقوم بها الأمين العام للجامعة والوفد المرافق، وشكر «بعض الدول العربية التي لها أياد بيضاء على لبنان»، مرحباً بـ«استعادة الجامعة العربية المبادرة لأن في إمكانها المساعدة على حل الأزمة اللبنانية الراهنة»، مشيراً إلى «أن كل الأطراف اللبنانية تود الخروج من المأزق، ويمكن لهذا المبادرة أن تنجح». وقال: «نحن أبدينا كل استعداد للدعم والمساعدة لأننا بذلك نكون نساعد أنفسنا ولبنان».
ورداً على سؤال قال: «مجرد زيارة لبنان هو مبادرة في حد ذاتها. الجامعة العربية لن تقوم مقام اللبنانيين، فعلى القيادات اللبنانية تحديد أين تكمن مصلحتها، ويمكن للجامعة مساعدة الأطراف على التلاقي والتحاور والوصول إلى علاج شاف لبعض المشاكل المطروحة على الساحة».
ورأى أن الصعوبات التي تعترض مهمة موسى هي «الوضع الأمني وما حصل في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة وبعض مناطق الجنوب، إضافة إلى الاغتيالات وما يحصل من شغب، كلها لها أبعاد خارجية»، معتبراً أن «المطلوب من الجامعة العربية مساعدتنا لوقف التدهور المرتبط بقضايا داخلية، ومنها الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية».
أضاف: «أوضحنا أننا نريد حكومة إنقاذ وحكومة وحدة وطنية، ونريد المصالحة والمشاركة الحقيقية، وحبذا لو يلتئم شمل الحكومة مع «حزب الله و«أمل» و«التيار الوطني الحر»، هذه رغبة فريق 14 آذار الصادقة، ولكن في الوقت نفسه نتخوف من أن تشكل هذه الحكومة البديل عن انتخاب رئاسة الجمهورية»، محذراً من أنه «إذا تم تأجيل الاستحقاق الدستوري، فلا أحد يعلم ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستتم في ما بعد».
وقال: «كلنا أمّ الصبي ونريد التوصل إلى سلة متكاملة من الحلول تضمن معالجة المسائل الأساسية، وإيجاد التدابير التي من شأنها أن تنقذ الدستور والنظام اللبناني الديموقراطي». ورأى أنه «ربما الأمور أنضج الآن مما كانت بالأمس لنعيَ مسؤولياتنا، ونتمكن من التوصل إلى حل».
وزار الوفد البطريرك الماروني نصر الله صفير في بكركي، وبعد اللقاء قال موسى: «الاجتماع هو غاية في الأهمية. والحصول على بركة غبطة البطريرك مهم جداً في الوضع اللبناني. وقد استمعنا الى طرحه ونصائحه وتقويمه للوضع وعرضنا له المساعي التي نقوم بها ومجمل النتائج حتى الآن، وقد حصلنا على دعمه وتأييده وبركته أيضاً».
وأوضح أن الوفد مكلف بإجراء اتصالات في لبنان وأخرى إقليمية ودولية. ولفت إلى أن الوفد يعمل على القضاء على هواجس كل الأطراف، مشيراً إلى أن «المشاكل معقدة ليس فقط في لبنان وإنما حوله أيضاً وفي المنطقة ككل، لذلك مهمتنا هنا حساسة».
وعن إقفال سوريا معبراً مع لبنان، أوضح موسى أن الأحداث اليومية من إقفال معبر أو فتح آخر لا تؤثر. وقال: «سنزور سوريا قريباً، وهذا أمر ضروري». مؤكداً أن المهم إصلاح العلاقات اللبنانية ـــ السورية «لكونهما بلدين متجاورين ولهما ارتباطات كبيرة جداً، سواء كانت تاريخية أو حياتية».
وعما إذا كان اللقاء مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد تطرق إلى موضوع السلاح الذي يدخل الى لبنان قال موسى: «لقد اطّلعنا على بعض الوثائق والأوراق، إنما الموضوع متداخل في بعضه كثيراً ويتضمن مشاكل كبيرة جداً، ولست مستعداً للتحدث في هذا الموضوع». وأمل رداً على سؤال «إيجاد حل خلال زيارته هذه إلى لبنان».
وانتقل الوفد إلى الرابية حيث التقى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في حضور النائبين: ميشال المر وآغوب بقرادونيان، وعدد من المسؤولين في «التيار الوطني الحر»، وصف موسى الاجتماع بأنه «مفيد للغاية»، موضحاً «أن المحادثات ركزت على الوضع في لبنان والتعاون معاً للتغلب على هذه الأزمة بالتواصل بين مختلف الأفرقاء». وأكد وجود تقدم في المحادثات ولم يحصل أي تراجع عن المواقف.
وما إذا كان هناك ارتباط بين معاودة الحوار وتأليف حكومة وحدة وطنية قال: «الموضوع ليس ربط هذا بذاك، كل المواضيع مترابطة، إنما دون اشتراطات أو عقبات توضع تحت اسم «ماذا يأتي أولاً». نحن في مهمة شاملة تتعلق بمصير لبنان الذي هو اليوم في موقف في غاية التوتر، وأضراره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية واضحة، فلا يصح أن نقف عند نقطة: من يأتي في الأول، وهذا كلام يعتبر فيه الكثير من إضاعة الوقت»، لافتاً الى أنه لم ير أي مناقشة وقفت عند هذا الحد.
ورداً على سؤال، رأى أن «المهم أن تكون العلاقات طيبة بين سوريا ولبنان، وهذا يدفع الأمور الى الأمام»، موضحاً أن هذا الموضوع جزء من المهمة التي يقوم بها هذا الوفد، مبرراً سبب تمديد زيارة بيروت بأن «الجو حلو».
أما النائب المر فقال: «اللقاء كان إيجابياً جداً، ولقد شرح لهم العماد عون المعطيات المتعلقة بالأزمة والمرحلة التي توصلنا إليها». ورأى المر «أن المطلوب حكومة اتحاد وطني تضع برنامجاً وتصبح طاولة الحوار»، مشيراً إلى أنه «كان هناك اقتناع لدى الوفد في هذا الاتجاه، وبقيت هناك نقطة حول بدء الحوار، وهل هو قبل تأليف الحكومة أو بعدها، ولكن يمكن أن يكون التوقيت نفسه حول تأليف الحكومة وبدء الحوار».
والتقى الوفد رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع في بزمار، في حضور نواب كتلة «القوات» وأعضاء القيادة. وبعد الاجتماع، أكد موسى «أن المسألة ليست مسؤولية خارجية فقط، إنما هناك مسؤولية وطنية وقومية على الزعماء اللبنانيين مواجهتها واتخاذ قرارهم لإنقاذ بلدهم».
أضاف: «إن البطريرك صفير أبدى انزعاجه من الوضع الحالي، وأمله في تحسينه والحركة إلى الامام»، معلناً أن «كل المحادثات كانت إيجابية وتصب في الخانة الصحيحة للتقدم على طريق الحركة السياسية في لبنان، بالإضافة الى الحفاظ على أمنه».
من جهته، قال جعجع: «نحن مستعدون لأي حوار. ووفد الجامعة العربية طرح بدء حوار فوري لمناقشة كل الأمور الخلافية، معتبراً أنه من الأفضل حصوله في لبنان لأنه لا شيء يمنع ذلك. من جهة أخرى، طرحت بعض المواضيع لتشكل برنامج العمل، ومن أولوياتنا أن تأخذ المواضيع الأمنية الأولوية، بالإضافة الى مسألة الحدود اللبنانية السورية»، مشيراً إلى «أن المواضيع التي تحتاج الى مناقشة من دون شروط مسبقة هي بالأخص مسألتا الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية». أضاف: «نحن طرحنا أن يكون اللقاء بأسرع وقت وفي لبنان، وتمنينا أن يكون على المستوى الأول».
سئل: تقولون إنكم مع الحوار من دون شرط مسبقة، لكنكم وصفتم مطلب حكومة الوحدة الوطنية بـ«أنتي وطنية» أليس ذلك شرطاً مسبقاً؟ أجاب: «إن هذا الكلام نقل محرّفاً، ويجب أن يؤخذ الكلام في سياقه. ونحن جاهزون للحوار من دون أي شروط مسبقة. نذكّر من يسوق الكلام بهذا الشكل بأننا نؤيد منذ ثمانية أشهر طرح حكومة واسعة تتمثل فيها كل الكتل النيابية، لكن هذا شيء والثلث المعطل لتعطيل الحكومة شيء آخر».
ورداً على سؤال قال: «في الأسبوع الفائت اغتيل نائب من نوابنا، وقبل ذلك كان التفجير في زوق مصبح وسد البوشرية وعاليه، وفي ظل هذا الجو هل نبحث في جنس الملائكة؟ كأن بعض الأطراف لا يملكون الحس الوطني لرؤية هذه الأحداث بل يبحثون بأمور أخرى. نحن قلنا إنه يجب أن يتمثل التيار الوطني الحر والكتلة الشعبية في زحلة وحزب الطاشناق في الحكومة، فهذا أمر مفروغ منه». لكنه شدد على «وجوب معالجة المشكلة الأمنية الملحة في لبنان قبل البحث في التمثيل الحكومي»، لافتاً إلى أن الجو يميل إلى الإيجابية.
وزار الوفد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الذي رأى «أن توسيع الحكومة الحالية لتضم كل الأطراف هو المدخل لانطلاقة الحوار والتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وإقرار قانون انتخابات عصري يحقق التمثيل الصحيح ويرضي غالبية الأطراف».
من جهته، قال موسى: «كان متعة أن نلتقي بسماحة الشيخ قبلان، ونستمع إلى تمنياته وحكمته ونصائحه وتحليله السديد للأمور لإنقاذ لبنان مما هو فيه، ونصيحته أن نقوم بكل ما نستطيع للإحاطة بالمشاكل الكثيرة القائمة سواء أكانت أمنية أم سياسية. والكل يعلم تمام العلم أن الأمر في لبنان خطير جداً، ولا يمكن أن ننفق الوقت في أمور صغيرة وحزازيات لا قيمة لها إذا قورنت أو إذا وضعت في كفة، ومصالح لبنان ومجتمعه ومستقبله في كفة أخرى، وهذا كلام في غاية الحكمة».
واستقبل موسى في فندق «فينيسيا»، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، يرافقه السفير فؤاد الترك، في حضور الوفد العربي المرافق. كذلك استقبل موسى كلاً من النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود.
وكان الوفد قد زار مساء أول من أمس نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الياس المر، في الرابية، في حضور مدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري، وتم تقويم الاتصالات التي يقوم بها الوفد مع القيادات اللبنانية وكيفية إنجاح مهمته. بعدها، أقام المر حفل عشاء على شرف الوفد.
(الأخبار، وطنية)