غادر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والوفد العربي المرافق له بيروت أمس مختتماً مهمته في بيروت من دون التوصل إلى اتفاق بين الموالاة والمعارضة على ترتيب البنود الخلافية.وأعلن موسى في مؤتمر صحافي عقده في فندق فينيسيا بحضور الوفد العربي، الاستعداد للعودة إلى لبنان إذا تمّ الاتفاق، متمنياً «على كل مَن لديه عقبات أن يعمل على التغلّب عليها في أسرع ما يمكن» مشيراً إلى أن العقبات تكمن في التفاصيل.
استهلّ موسى المؤتمر بتلاوة قرار مجلس وزراء الخارجية العرب عن مهمة الوفد لمعالجة الأزمة اللبنانية، وتكليفه «بإجراء الاتصالات واللقاءات مع الرئاسة ومجلس النواب والحكومة ومختلف القادة السياسيين اللبنانيين، والعمل على توفير الأجواء الملائمة لاستئناف الحوار الوطني اللبناني في مختلف القضايا المطروحة. وكذلك، إجراء ما يلزم من اتصالات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنيّة بتطورات الوضع في لبنان»، على أن يعرض الوفد في أسرع ما يمكن تقريراً على مجلس الجامعة، الذي سيبقى في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الموقف في لبنان.
وقال: «في ضوء ذلك، قمنا باتصالات كثيفة في لبنان واتصلنا بالقوى السياسية كافة، إمّا بالزيارة أو بتلقّي زيارتها أو بالاتصال الهاتفي بها، وكان الاتصال شاملاً لدرجة كبيرة ربما غير مسبوقة. وبناءً على هذه المشاورات، وكذلك ما عرضناه وما استمعنا إليه، قدّم الوفد العربي عدداً من المقترحات تتأسس على استئناف الحوار الوطني اللبناني، في ظرف مهلة محددة ووفق تاريخ معيّن، وأن يكون استئنافه قائماً على ممثلين مفوّضين وأن يتباحثوا في الأمور الثلاثة الرئيسية التي تشغل البال الآن: تأليف حكومة وحدة وطنية، تهيئة الأجواء للاستحقاق الرئاسي ليتم في موعده الدستوري، والحفاظ على أمن لبنان واستقراره».
وأشار إلى أن هذه المقترحات أجمع عليها اللبنانيون من كل الأطراف، على أساس أن استئناف الحوار هو الباب الوطني الذي يدلف إليه اللبنانيون إلى تفاهم ينهي التوتر الجاري. وقد وافقت الأطراف أيضاً على أن موضوع قيام حكومة الوحدة الوطنية والانتخابات الرئاسية موضوعان رئيسيان، وأن كل يوم يمرّ يقرّب من التواريخ والمواعيد المنصوص عليها. وكذلك ما يتعرّض له الأمن من تهديدات.
وإذ رأى «أن هذه المهمة فتحت عدداً من الآفاق والتوافق الوطني على عودة الحوار، بعيداً عن أية تأثيرات خارجية وفق الاتفاق على جدول الأعمال الآتي: الحكومة، الرئاسة، والأمن» أكد «أن المباحثات تقدمت بشأن أوراق بعناصر واضحة، وكانت هناك موافقة مبدئية، عليها، على الأقل، ثم سرنا نحو موافقة تقترب من الوصول إلى اتفاق». لافتاً إلى أن «بعض الأفكار أو المواقف أو الصياغات التي اقترحت في الآونة الأخيرة، أخّرت الوصول إلى اتفاق رسمي مكتوب في هذا الشأن». لكنه أكد أن «التوافق السياسي في الاتصالات الشفهية التي تمت، لا يزال قائماً، ويمكننا أن نبني عليهوإذ أشار إلى أن «الظروف اللبنانية أزعجت العالم العربي كثيراً» شدّد على أن «الوضع في لبنان من مسؤولية جامعة الدول العربية، التي سوف تظل متابعة ومشاركة ومساهمة، في اتصالاتها مع القوى الإقليمية والدولية والعربية واللبنانية، مصرّة على إخراج لبنان من النفق المظلم» لافتاً إلى أن
«الاتصالات أعطتنا بعض الأمل، وكنا نودّ أن ننهي هذا الاتفاق اليوم، حتى يمكننا إنهاء كل مظاهر التوتر، ومنها الاعتصام والحملات السياسية».
وأعلن أن الوفد سوف يقدم تقريراً إضافياً عن المواقف والبنود والصياغات والتطورات المختلفة التي تمّ الحديث فيها إلى رئاسة القمة العربية ومجلس وزراء الخارجية العرب الذي قد يجتمع للنظر في هذا الموضوع».
وأوضح أن الوفد سيغادر بيروت «لارتباطات أخرى، نظراً للمشاكل الكثيرة في العالم العربي والمنطقة، وسنظل على استعداد للعودة إلى لبنان، إذا تمّ الاتفاق»، متمنياً على كل مَن لديه عقبات أن يعمل على التغلّب عليها في أسرع ما يمكن، بما يمكّننا من استئناف نشاطنا ودورنا في لبنان».
وختم: «مهمتنا لم تكتمل، لكن إيجابياتها ستشجع كافة الأطراف، وتشجعنا أيضاً على الاستمرار في هذا الجهد الذي لا يمكن أن يسقط أي موضوع من الموضوعات الرئيسية على الأجندة السياسية اللبنانية. أترككم، باسم الوفد، بروح إيجابية. الجهود سوف تستمر والاتصالات سوف تتكثّف، وسنضيف إليها اتصالات عربية وإقليمية ودولية لخدمة هذا الموقف ولدعم التوجّه الذي عبّرت عنه جامعة الدول العربية».
وأوضح رداً على سؤال، أنه لم يوضع اتفاق مكتوب بل مشروع اتفاق يقتضي وقتاً إضافياً للتوصل إليه. وأكد أن اللقاء مع الأمين العام لـ «حزب الله» السيد كان «طيّباً للغاية، والنقاش إيجابياً والتجاوب واضحاً، ضمن العناصر الثلاثة». وأشار إلى أن الوفد لا يدخل في التفاصيل، بل يقرّر سياسات وخطوات استراتيجية لعلاج الموقف في لبنان.
وأضاف أنه «خلال الحديث مع رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحت التفاصيل، وحاولنا الوصول إلى نتائج واضحة بأسرع ما يمكن، وسيستمر تواصلنا مع الرئيس بري حتى الوصول إلى صيغة تخدم الوضع الذي نريده».
كذلك أشار إلى أن رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري «كان متعاوناً تماماً، وقبِل بالنصوص التي عرضناها» مؤكداً أنه لا «شروط تعجيزية، لأن الحوار وإقراره ليسا تعجيزيين بالنسبة لجميع الأطراف». مؤكداً أن «التعاون كان جيداً، وهو موجود وقائم» ورفض الدخول في تفاصيل التعامل مع خصوصية العقبات الموجودة. مشدداً على أن «الحوار حق وواجب ومصلحة لكل اللبنانيين، على اللبنانيين أن يتحاوروا في المواضيع الثلاثة».
واذ توقع أن «ننجح في إقرار الحوار في فترة قريبة» اعرب عن اسفه «لأننا لم ننته إلى نتيجة هذه المرة». وأكد ان «هذه المرة كان هناك تقدم عن المرات السابقة، لأن هناك توافقاً في الرأي حول المواضيع الثلاثة» موضحاً ان «المشكلة تكمن في بعض التفاصيل». واعلن أنه سيزور سوريا قريباً «لأن مشاورات كثيرة تتعلق بها، ومنها ما يختص بلبنان ومن ضمن التكليف».
وكان الوفد العربي قد واصل أمس جولاته على القيادات والمسؤولين اللبنانيين، وزار الرئيس نجيب ميقاتي في حضور السفيرين السعودي عبد العزيز خوجة والمصري حسين ضرار.
وأشار موسى بعد اللقاء الذي تخلله فطور، إلى أن البحث تطرق «إلى الوضع الخطير في لبنان وكيفية إنقاذ الموقف وإيجاد الحل المناسب، كما تشاورنا في ما جرى من اتصالات، لأن الرئيس ميقاتي يملك خبرة كبيرة في الوضع وأسراره ومنحنياته، وهذه الخبرة مفيدة لكل من يحاول إنقاذ الموقف في لبنان»، مؤكداً أن «هناك من يهتم بلبنان وبمصيره، وليس سهلاً علينا أن نقوم بكل هذه الاتصالات سعياً لبلورة هذا الحل».
وعن الموقف الأميركي المتحفظ وباللقاء المقرر بين الرئيس فؤاد السنيورة والوزيرة الأميركية رايس في باريس الأسبوع المقبل قال موسى: «هذه اللقاءات مفيدة، لكن مهما كانت قوة ونفوذ أي دولة، فإن مصير لبنان يتحدد في جانب كبير منه من أبناء لبنان أنفسهم، إذا قرروا ما هو التوجه المناسب لوطنهم وعملوا على هذا الأساس. أما أن يترك مصير لبنان للآخرين فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً».
من جهته شكر الرئيس ميقاتي لموسى متابعته الوضع اللبناني، مثنياً على الجهود التي يبذلها وفد الجامعة للوصول إلى قواسم مشتركة بين مختلف الأطراف اللبنانية يمكن أن تشكل أرضية للحل المنشود. وأعرب عن ثقته «بأن تحرك الإخوة العرب لمساعدة لبنان يمكن أن يشكل القاطرة التي تحرّك عجلة الحل، إذا أحسن التعاطي معه من الموالاة والمعارضة، لكن الدول العربية الشقيقة، مهما سعت وبإخلاص، لن تكون قادرة على اجتراح المعجزات، إذا لم يقتنع اللبنانيون بأنهم قادرون وحدهم على صنع الحل. علينا نحن أن نعي مصلحة وطننا ونسعى إلى بلورة حل لبناني للمشكلات التي نعانيها»، مؤكداً أن «المطلوب اتفاق الجميع على ضمانة مستقبل الوطن».
ورأى ميقاتي رداً على سؤال «أن حكومة الوحدة الوطنية أمر مرجو، لكن ليس سهلاً الوصول إلى هذه الحكومة في هذا الجو من الخلافات والتباينات. لهذا السبب أقول إن الانتخابات الرئاسية هي محطة فاصلة تقود لبنان إلى أفق جديد، لكن يجب أن يواكبها الكثير من الجهود والخطوات»، وأشار إلى أنه تمنى على موسى «أن يصار إلى البحث في التوصل إلى سلة حلول متكاملة تتضمن انتخاب رئيس جديد ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية».
ثم زار موسى والوفد العربي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا، في حضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري.
وأعلن موسى بعد اللقاء أنه ليس لديه شيء ليقوله، مؤكداً أن الجميع مع حكومة وحدة وطنية و plus (زائد).
وظهراً زار موسى والوفد المرافق رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في قريطم في حضور النائبين باسم السبع وغازي يوسف والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري وتم عرض نتائج اللقاءات التي أجراها الوفد مع عدد من القيادات السياسية اللبنانية، واستكمل النقاش على مائدة غداء أقامها النائب الحريري على شرف الوفد. وعاد الوفد إلى قريطم في الخامسة بعد الظهر .
وكان مكتب العلاقات الإعلامية في «حزب الله» قد وزع خبراً عن لقاء موسى والوفد المرافق بالسيد حسن نصر الله في حضور المعاون السياسي الحاج حسين الخليل ليل أول من أمس، وأشار إلى أن البحث تناول المستجدات على الساحة اللبنانية والمساعي المطروحة من وفد الجامعة العربية للخروج من الأزمة السياسية القائمة، وقد قدم السيد نصر الله وجهة نظر «حزب الله» حول مختلف المسائل والقضايا العالقة وسبل معالجتها. وأكد البيان أن اللقاء «اتسم بالوضوح والإيجابية، واتفق الطرفان على متابعة الاتصال اليوم (أمس) الجمعة لمواكبة المحصلة النهائية لجهود وفد الجامعة العربية».