غسان سعود
بوحبيب: لحماية «المنتجات الوطنية» في اختيار القادة للمناصب العليا

بعد غياب أكثر من سنتين عن المشهد السياسي اللبناني، عاد أمس نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس بقوة إلى الوسط السياسي من باب الاستحقاق الرئاسي، عبر إطلاق «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» الذي مثّل باطلالته الأولى مساحة حواريّة استثنائيّة، يأمل فارس بحسب الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه السفير عبد الله بو حبيب، «أن تؤدي إلى استنباط الحلول والمخارج للأزمة اللبنانيّة الحالية».
ورغم تحفّظ بو حبيب عن كشف تفاصيل برنامجهم للمرحلة المقبلة، ورفضه تحديد موعد لعودة فارس إلى لبنان، أكد لـ«الأخبار» أن «اشمئزاز الأخير من الحياة السياسية اللبنانيّة الحالية يدفعه نحو إيلاء القضية اللبنانية رأس أولوياته». وأكد بو حبيب بصفته مديراً عاماً لمركز فارس، الحاجة الملحة إلى تنظيم حوارات واسعة بين أهل القرار والرأي من اللبنانيين واللبنانيات، واعداً بلجنة متابعة تصدر توصيات بما يتم الاتفاق عليه خلال الندوات. ولفت من جهة أخرى، إلى مواكبة المركز هذه الحوارات ومساهمات أخرى ينوي تبنيها في سياق تطوير دوره في تحقيق الإصلاح السياسي الذي يصبو إليه اللبنانيون. ودعا، مستنداً إلى خبرته من عمله كسفير للبنان في الولايات المتحدة وفي البنك الدولي، إلى حماية المنتجات الوطنية، وخصوصاً في عملية اختيار القادة للمناصب العليا، سائلاً نواب الأمة البحث عن عبارة «صنع في لبنان» وسط المتقدمين لشغل هذا المنصب.
وبحضور الوزير السابق وديع الخازن ممثلاً رئيس الجمهورية إميل لحود، ورئيس مجلس شورى السابق القاضي يوسف سعد الله الخوري ممثلاً رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، والوزير المستقيل يعقوب الصراف وحشد كبير من النواب الحاليين والسابقين والمثقفين ورجال الدين، انطلقت حلقة الحوار الأولى وعنوانها «أي رئيس لأيّة جمهوريّة؟». وكانت المداخلة الأولى للنائب السابق مخايل الضاهر بعد مقدمة موجزة لمدير الحلقة الزميل غسان بن جدّو. وقدّم الضاهر ما يشبه البرنامج الذي يُفترض بالمرشحين للرئاسة أن يتبنّوه، أبرز بنوده الدعوة الى إجراء بعض التعديلات الدستورية، إصلاح السلطة القضائية، خفض سن الاقتراع، توسيع صلاحيات المجلس الدستوري، وتكريس وجود نائب رئيس للحكومة يتمتع بصلاحيات واضحة.
وبدوره، نوّه رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني باختيار بو حبيب عنوان «صانعو رؤساء لبنان: أي رئيس لأية جمهورية؟" لإطلالة مركزهم الأولى. وأكد أنه لا يعرف بلداً تتبدل فيه الجمهورية بتبدّل رئيسها، كما هي حال لبنان الذي يصح فيه القول، وفق رئيس الكتائب: «كما يكون رئيس الجمهورية تكون الجمهوريّة».
ومستنداً إلى كتاب الزميل نقولا ناصيف «الرئاسة اللبنانيّة في مهب الدول 2007» رأى بقرادوني أن انقسام اللبنانيين بعضهم على بعض وامتداد الفوضى إلى المؤسسات والمجتمع يكبّر حجم التدخلات الخارجية، وخصوصاً في ما يتعلق باختيار الرئيس.
أمّا عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن فانطلق من المادة 49 من الدستور اللبناني ليقول إن احترام الدستور هو المقدمة لمعرفة أية جمهورية نريد، ومن ثم أي رئيس ننتخب، ووفق أي برنامج، معتبراً أن مبادئ الدستور ترتكز على إيجاد الإطار والمضامين للاستراتيجية الدفاعيّة الوطنيّة للحفاظ على استقلال لبنان وحريته وسيادته أولاً. ثم التأسيس لعلاقات متوازنة ومتكافئة مع جميع الدول ولا سيما سوريا، مع التركيز على مبدأ رفض الوصاية من أي جهة أتت عربية أو دوليّة. وثالثاً احترام الحريّات والعدالة الاجتماعيّة والمساواة في الحقوق والواجبات و«هذا ما افتقده لبنان بفعل الممارسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة منذ فجر الاستقلال وبالأخص منذ عام 1992».
وإذ دعا الحاج حسن إلى ممارسة حقيقية لما يحكى عن أن «الشعب مصدر السلطات» و«الإنماء المتوازن» رأى أن تجربة البرامج أو الاتفاقات المكتوبة ينبغي أن تأخذ مكانها الواسع بدل النمط الحالي من الوعود التي قد لا يلتزمها البعض، منوهاً في هذا السياق بنص التفاهم المكتوب بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» «الذي يمثّل نموذجاً للاتفاقات وقاعدة يمكن الاستناد إليها».
وألقى وليد النقيب كلمة النائب بهيج طبارة الذي غاب بداعي السفر، فتوقف عند مبادرة الرئيس الراحل رفيق الحريري كلّما زل لسان أحد محدثيه بلفظة «التعايش» إلى التصحيح بأن التعايش أمر مفروض عليك، فيما العيش المشترك فعل إرادة، ونحن في لبنان نعيش معاً بفعل إرادة كل واحد منّا، داعياً إلى الاستلهام في الأفعال، لا الأقوال فقط، موقف الرئيس الشهيد. وأكد أن رئيس الدولة هو رمز الوطن، ورئيس لكل اللبنانيين لا رئيس فئة منهم فقط. وشدد على اشتراط المادة 49 من الدستور حصول المرشح للرئاسة في الدورة الأولى على أكثرية الثلثين من مجموع النواب الذين يتألف منهم المجلس النيابي، كذلك اشترطت أن لا تقل الغالبية التي يجب أن يحصل عليها الرئيس المنتخب، بعد الدورة الأولى، عن الغالبية المطلقة من مجلس النواب، مهما تكررت الدورات، ومهما اقتضى الأمر من وقت.
ثم كان نقاش مطول في ما تناولته المداخلات انتهى بتحديد عدة نقاط تم الاتفاق عليها، وستتابع لاحقاً.