اعداد عمر نشابة

تزامن عيد العمّال مع صدور تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن «أنماط الإرهاب العالمي» لعام 2006. التقرير يصنّف المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي والمجموعات الثورية اليسارية في العالم كما يصنّف «القاعدة» ويرى أن على الحكومات «الصديقة لأميركا» كحكومة السنيورة، معاداة من تصنّفهم أميركا بـ«الإرهابيين»

  • «لم تتمكن الحكومة من أن تنزع سلاح حزب الله بسبب الخلافات السياسية ونقص الموارد وعدم الاستقرار»

    «في 12 تموز/ يوليو، دخل إرهابيون من حزب الله إسرائيل من جنوب لبنان فخطفوا جنديين إسرائيليين وقتلوا ثمانية آخرين. خلال الأيام الأربعة والثلاثين التالية، أطلق حزب الله أكثر من 4 آلاف صاروخ كاتيوشا وصواريخ أخرى باتجاه شمال إسرائيل، ما أرغم سكان مدن حيفا، ونهاريا، وطبريا، ومستوطنات شمالية أخرى على اللجوء إلى ملاجئ تحت الأرض.» هكذا يبدأ تقرير وزارة الخارجية عن الإرهاب العالمي لعام 2006 بوصف ما حصل في أيلول الماضي بين لبنان والإسرائيليين. ويتابع نصّ التقرير الأميركي: «كذلك أطلق حزب الله طائرات مسلحة بدون طيار باتجاه إسرائيل وأصاب سفينة حربية إسرائيلية بصاروخ مضاد للسفن. ردت إسرائيل بأن أرسلت طائرات السلاح الجوي الإسرائيلى لمهاجمة مُطلقي الصواريخ والبنية التحتية لحزب الله عبر مجمل منطقة جنوب لبنان وفي مناطق معينة شمال نهر الليطاني. كما قصفت طائرات السلاح الجوي الإسرائيلي مكاتب حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت وطرقاً، وجسوراً، ومحطات توليد كهرباء في كافة أنحاء لبنان. أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي قذائفه على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ومهّد الطريق أمام اجتياح عسكري نفذته ما يزيد على فرقة كاملة من القوات المدرعة والمشاة في جنوب لبنان، بهدف دفع قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وإرساء الأسس لوقف الأعمال العدائية. وخلال هذه الفترة، فرضت إسرائيل حصاراً جوياً وبحرياً على لبنان لمنع إعادة تزويد حزب الله بالسلاح من سوريا وإيران. قُتل 110 جنود و43 مدنياً إسرائيلياً على الأقل في الحرب. أدّت هذه الحرب أيضاً إلى مقتل ما يزيد على 1000 مدني لبناني و4 من مراقبي الأمم المتحدة نتيجة غارة جوية إسرائيلية.» ويلاحظ هنا عدم تحديد عدد «القتلى» المدنيين اللبنانيين بينما تمّ ذلك بدقّة بالنسبة لـ«المدنيين» الإسرائيليين.
    خطوات السنيورة ضدّ «الإرهاب»
    أعلن تقرير وزارة الخارجية الأميركية بشكل واضح ومباشر أن «حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة اتخذت بعض الخطوات التدريجية لمنع النشاطات الإرهابية. فقد عززت القوات المسلحة اللبنانية، وفقاً لقرار مجلس الأمن 1701، وجودها في المنطقة الحدودية وزادت دورياتها في الجنوب، بمساعدة من قوات اليونيفيل. ونشرت القوات المسلحة اللبنانية 15 ألف جندي في الجنوب، محققة لنفسها وجوداً في هذه المنطقة لأول مرة منذ 30 عاماً. كما استحدثت قوى الأمن الداخلي وحدة خاصة لمحاربة الإرهاب، وأقامت فروعاً لهذه الوحدة لإجهاض نشاطات الإرهابيين في المنطقتين الشمالية والوسطى اللبنانيتين». ولفت التقرير إلى أن «هناك الكثير من بواعث القلق في ما يتعلق بقدرة لبنان على محاربة الإرهاب حتى بعد اتخاذ هذه الخطوات. وما زال حزب الله أبرز المجموعات الإرهابية في لبنان. وهو يتمتع بنفوذ كبير في صفوف اللبنانيين الشيعة، الذين يشكلون حوالى ثلث سكان لبنان. وما زالت الحكومة اللبنانية تعترف بحزب الله كـ«منظمة مقاومة» مشروعة وكحزب سياسي. ولحزب الله مكاتب في بيروت وفي أماكن أخرى في لبنان، ولديه ضباط ارتباط مع الأجهزة الأمنية، كما ان لديه نواباً منتخبين يمثلونه في البرلمان وكان لديه حتى فترة قريبة وزير واحد في الحكومة».
    وذكر التقرير الأميركي أن «الوضع السياسي غير المستقر في لبنان ساهم في تمكين منظمات إرهابية أجنبية مشتبه فيها، كالقاعدة وفتح الإسلام، من التسلل إلى لبنان وإقامة خلايا فاعلة داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وتمكنت بعض هذه المجموعات، كجماعة عصبة الأنصار المرتبطة بالقاعدة، من العثور على ملجأ آمن لها داخل المخيمات لدعم عملياتها».
    «ميليشيا حزب الله الإرهابية»
    في فقرة أخرى يذكر تقرير وزارة الخارجية الأميركية أنه «رغم وقف الأعمال العدائية ونشر القوات المسلحة اللبنانية، وأعداد إضافية من قوات حفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) في الجنوب، احتفظت الميليشيات اللبنانية، وبالأخص حزب الله المصنّف كمنظمة إرهابية أجنبية، بتأثير ذي شأن على أجزاء من البلاد».
    وذكر التقرير أنه بعد انتهاء حرب تمّوز و«بسبب عدة عوامل، من بينها الخلافات السياسية الداخلية، ونقص الموارد، وعدم استقرار الوضع السياسي الذي تلا الحرب، لم تتمكن الحكومة من أن تنزع بالكامل سلاح المجموعات المسلحة المختلفة غير القانونية أو سلاح حزب الله. ولم تنجح في إيجاد حل لادّعاء حزب الله في حقه القيام بعمليات عدائية ضد إسرائيل على امتداد الخط الأزرق على أساس فرضية الدفاع عن النفس المشروع عن الأراضى والسيادة اللبنانية».
    وحتى بعد صدور تقرير فينوغراد مطلع هذا الأسبوع والذي يشير إلى فشل العمليات العسكرية الإسرائيلية ضدّ «حزب الله» خلال الصيف الماضي، استند تقرير الخارجية الأميركية الى تقارير قديمة للحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي تشير إلى «أنهما وجّها ضربة قاسية إلى حزب الله وحدّا من قدراته في إطلاق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى، وأنهما دمرا بنية الحزب التحتية في جنوب لبنان، وقتلا ما لا يقل عن 700 مقاتل من مقاتلي الحزب». لكن التقرير الأميركي يذكر لاحقاً أن «حزب الله تمكن من تعويض الكثير من خسائره في العدد والعتاد من خلال التجنيد وإعادة التجهيز من سوريا وإيران»، اللتين صنّفهما التقرير بأنهما دولتان راعيتان للإرهاب.
    «العنف السياسي»
    وضع التقرير الأميركي عملية اغتيال الوزير والنائب بيار الجميل ومحاولة اغتيال المقدّم سمير شحادة في خانة «العنف السياسي» وأشار إلى أن دافع اغتيال الجميل هو «إثارة التوترات وتخويف القوى المعارضة للتدخل السوري في لبنان». بينما الجريمة ما زالت قيد التحقيق القضائي، ولم تصدر أي إدانة أو اتّهام عن القضاء اللبناني بهذا الخصوص.


    إرهاب!
    تقرير الخارجية الأميركية يرى حزب الله إرهابياً، إذ إنه «استمر في دعم مجموعات فلسطينية لزيادة قدرتها على القيام بهجمات ضد إسرائيل. واستمر حزب الله أيضاً في الدعوة إلى تدمير إسرائيل، وشن مباشرة عدداً من الهجمات من لبنان، من ضمنها هجوم في 28 أيار/مايو وهجوم 12 تموز/يوليو» (خطف الجنود الإسرائيليين بهدف مقايضتهم بأسرى لبنانيين).




    لائحة المنظّمات الإرهابية
    الولايات المتحدة تصنف 42 مجموعة كمنظمات إرهابية أجنبية وتعتبر 43 منظمة أخرى «مثيرة للقلق». والغرض من هذه القائمة هو «تحديد وعزل الجماعات والمنظمات المدرجة عليها وذلك بتشجيع أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها على منع مواطنيها من تقديم الدعم والمساندة إليها».
    ومن أبرز «المنظمات الإرهابية» بحسب التقرير الاميركي: الجماعة الإسلامية وحماس (حركة المقاومة الإسلامية) وحركة المجاهدين وحزب الله واتحاد الجهاد الإسلامي وجيش محمد ومنظمة الجماعة الإسلامية والجهاد وكتائب شهداء الأقصى والجماعة الإسلامية المسلحة وعصبة الأنصار والحزب الشيوعي الفلبيني/الجيش الشعبي الجديد والجيش الجمهوري الأيرلندي للاستمرار ونمور تحرير التاميل والجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية وجماعة المقاتلين الإسلاميين المغاربة ومنظمة مجاهدي خلق وجبهة التحرير الفلسطينية والجهاد الإسلامي الفلسطيني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وتنظيم القاعدة وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي (المعروف سابقاً بالجماعة السلفية للدعوة والقتال) والدرب الساطع والقوات المتحدة للدفاع الذاتي في كولومبيا.



    الدول الراعية للإرهاب
    الفصل الثالث من التقرير الأميركي يعدّد «الدول الراعية للإرهاب»، ويذكر أنه «من دون الدول الراعية، ستجد الجماعات الإرهابية صعوبة أكثر بكثير في الحصول على أموال وأسلحة ومواد، وفي إيجاد مناطق هي بحاجة إليها لتخطيط عمليات وتنفيذها. وأكثر ما يثير القلق هو أن بعض هذه الدول لديها أيضاً القدرة على إنتاج أسلحة دمار شامل وتكنولوجيات أخرى مسببة لعدم الاستقرار يمكنها أن تصل إلى أيدي الإرهابيين». وذكر التقرير أن «كوبا وإيران وسوريا لم تنبذ الإرهاب، ولا هي بذلت جهوداً لاتخاذ إجراءات ضد منظمات إرهابية أجنبية.
    وقد وفّرت إيران وسوريا بصورة روتينية ملاذاً آمناً وموارد كبيرة وتوجيهاً لمنظمات إرهابية». وقد شهدت وزيرة الخارجية على أن فنزويلا «لا تتعاون كلياً» مع جهود الولايات المتحدة ضد الإرهاب. وارتكز التصنيف الوارد في القسم 40A من قانون مراقبة تصدير الأسلحة، على مراجعة لجهود فنزويلا الشاملة في مكافحة الإرهاب. وقد فرض القرار اعتباراً من 1 تشرين الأول، عقوبات على جميع عمليات بيع الأسلحة ونقلها بصورة تجارية.




    أميركا تؤسس «شبكات موثوقاً بها»
    ذكر فرانك أوربانيك، منسّق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية بالوكالة، أن «بلدان المجتمع الدولي تعمل سوية لمجابهة هؤلاء المتطرفين لأنهم يهدّدون حق الناس في كل مكان في أن يعيشوا في أماكن وأحياء سلمية وعادلة وآمنة». وقال المسؤول إن علاقات أمتن بين منظمات حكومية ومؤسسات أعمال يمكن أن تساعد بلدان العالم في أن تصبح أكثر أماناً وذاتية الاكتفاء، وأن تروّج لإصلاحات سياسية وتُوجد فرصاً اقتصادية جديدة لنزع فتيل الإحباط الذي يمكن أن يتسبّب في لجوء الناس إلى الإرهاب. ثم خلص منسّق شؤون مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية إلى القول إن هذه الشبكات تشمل زيادة الاتصالات الدولية بين الشعوب التي يمكن أن تسهم في كسر احتكار المتطرفين للمعلومات وأن توفّر بديلاً إيجابياً لرسالتهم الراديكالية.
    وتحدّث أوريانيك عن «نجاح الأسرة الدولية في مجابهة الإرهاب من خلال تنسيق أوثق وتبادل معلومات الاستخبارات اللذين أسهما في تعزيز أمن الحدود وجعلا من الأصعب اقتناء وثائق السفر المزيفة، وسهّلا الكشف عن حسابات المصارف الخاصة بالإرهابيين وتجميدها». وقال «كلما كانت حربنا على الإرهاب أطول حققنا تقدماً في إنزال نكسات خطيرة بخصومنا».
    لكن وعلى رغم ذلك، سجّل التقرير الأميركي «وقوع 14338 اعتداء إرهابياً استهدفت 74543 مدنياً في 2006، وأدت الى مصرع 20498 شخصاً، بزيادة قدرها 25 في المئة في عدد الهجمات وزيادة بمعدل 40 في المئة في عدد الوفيات الناجمة منها في 2006». ولفت أوربانيك الى أن «ثلثي الوفيات المتصلة بأعمال الإرهاب وقعت في العراق وأفغانستان»، وهما بلدان تعتبرهما الولايات المتحدة «جبهتين أساسيتين في الحرب على الإرهاب».
    وقال: «إن استراتيجيتنا ترتكز على حملة عالمية لمواجهة التطرّف العنفي واعتراض شبكات الإرهاب، وسلسلة من الجهود الإقليمية المتعاونة لحرمان الإرهابيين ملاذاًَ آمناً، وكثير من برامج المساعدات التنموية والأمنية الثنائية التي تهدف الى إقامة مؤسسات ليبرالية وتدعم أجهزة تنفيذ القوانين، وسلطان القانون، ومعالجة الظلم السياسي والاقتصادي، وتطوير طاقات عسكرية وأمنية».