برقايل ـــ غسان سعود
بسرعة قياسية خرق رئيس بلدية برقايل عبد الحميد الحسن الحياة السياسية السنية العكارية التي يتنازع عليها فريقان يضم الأول نواب تيار المستقبل وقيادييه،
والثاني النواب السابقين المتهمين بالولاء الكامل للسوريين. ويحدث الحسن بحركته وسط البلدات العكارية حالة معارضة جديدة تتوسع شيئاً فشيئاً


ضيف جديد حلّ أخيراً على أحاديث العكاريين السياسية المحلية. اسمه عبد الحميد الحسن. رجل ستيني يلف على رأسه كوفية المزارعين العكاريين، ويتجول في بلدته السنيّة التي تضم ستة آلاف ناخب، مبشراً بمعارضة الحكومة «التي تجوِّع العكاريين وتذلهم يومياً بتقنين المياه والكهرباء والأموال البلدية»، ومفتخراً بخروجه عن سيطرة تيار المستقبل، ومعلناً إيمانه بصدقية رئيس الجمهورية إميل لحود ونظافته، وشدة إعجابه بالعماد ميشال عون.
واستثنائية الشاغل الجديد للعكاريين تكمن أساساً في انتمائه إلى الطائفة السنيّة، كما يوضح أحد الشباب، لافتاً إلى أن غالبية رؤساء البلديات الكبيرة ومخاتيرها من أبناء الطائفة السنيّة في عكار اندفعوا سياسياً إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري صوب نهج تيار المستقبل. وتعرض المعترضون على هذا النهج لتضييق سياسي من جهة وشعبي من جهة أخرى. فيما نجح الحسن بتخطي هذين «الخطرين» وحافظ على وجوده موسعاً نشاطه باتجاه البلدات المجاورة.
ويقول أحد مخاتير برقايل إن حركة الحسن السياسية تثير ذعر نواب حاليين وسابقين يتخوفون من احتمال تستر الحسن على «مشروع نائب» بعد فوزه برئاسة المجلس البلدي في دورتين متتاليتين. رغم عدم انحداره من عائلة إقطاعية أو امتلاكه للثروة المالية.
من جهته، يعيد «الريس» مشكلته مع تيار المستقبل إلى الفترة التي سبقت الانتخابات البلدية الأخيرة: «كنت أسعى لأجدد لنفسي في رئاسة المجلس. وإذ بالسوريين يرتبون تحالفاً يضم تيار المستقبل، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب البعث لمنعي من تكرار الفوز. وأرسلوا من يتمنى علينا احترام التوافق. لكنني تحديت نفوذ السوريين وأموال المستقبل. وفازت لائحتي كاملة بفارق شاسع».
ويقول الحسن إن بلدته من أفقر القرى العكارية، وناسها لا يملكون أرزاقاً بحكم امتلاك «الباكوات» السابقين لمعظم الأراضي. ويشكو من تراجع الفرص التي كانت تقدم لأهالي البلدة عبر ضمهم إلى مؤسسة الجيش. ويرى أن نقطة قوته الرئيسية تكمن في شعور أبناء بلدته بأنه واحد منهم، يتأثر بما يتعرضون له «على عكس نواب المنطقة الغائبين عن البصر والسمع».
وفي السياسة، يُذكر بمحاربة السوريين له في الانتخابات البلدية الأخيرة. لكنه اليوم و«بين خياري سوريا والولايات المتحدة يختار تأييد الأولى والدفاع عن موقفها مهما كلف الأمر». ويؤكد أن ورثة الرئيس الحريري لا يريدون بين قيادات تيارهم أشخاصاً وأعياناً أصحاب كيانات مستقلة، بل مجرد موظفين، يقبضون مالاً لقاء خدماتهم، مشيراً إلى انتقام «أزلام المستقبل» من كل الذين وقفوا سابقاً بوجه تنسيقهم مع السوريين. وبلهجة عكارية مفعمة بالثقة بالنفس، يؤكد أن ما لم تستطعه هذه المجموعة حين كان النظام الاستخباراتي السوري يقف وراءها لن تنجح به اليوم.
أما الأهالي فمنقسمون بشأن «ريسهم»، وسط مؤيديه، هناك من هو معه في الإنماء والسياسة، ومن هو معه في الإنماء وضده في السياسة، تماماً كما هي حالة معارضيه، الأمر الذي يشير بوضوح إلى طغيان العامل العائلي على خيار الأهالي، إلى جانب العامل الخدماتي طبعاً. ويقول صاحب فرن في البلدة يضع صورة ضخمة للرئيس الحريري إنه رغم مواقف الحسن المتعارضة مع مواقف المستقبل، سيستمر في تأييده خلال الانتخابات البلدية المقبلة، لأنه «يقوم بمعجزات» مقارنة بما قدمه نواب المستقبل الذين انتخبهم، فيما يُقسم أحد المسنين الذين اقترعوا لمصلحة الحسن على عدم تكرار «الخطأ» بعد أن فاجأهم الحسن بموقفه «السوري» خلال الانتخابات النيابية الماضية. ويوضح الرجل السبعيني انتخابه للحسن بحجة عدائه للسوريين، الأمر الذي ثبت «زيفه».
ووسط تعدد الآراء، يروي شاب أن أحد رجال الدين في البلدة كاد يوصي بتطويب رئيس المجلس البلدي بعدما كان سباقاً في إطلاق اسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على أحد الشوارع الرئيسية في البلدة وفاء له. لكن «الشيخ نفسه» عاد لينظم حملة استنكار كبيرة إثر تسليم «الريس» مفتاح البلدة إلى رئيس الجمهورية ممثلاً بمحافظ الشمال ناصيف قالوش على هامش تدشين حديقة عامة برعايته. وتسري شائعات في برقايل والبلدات المجاورة، عند الكلام على الحسن، عن تخصيص تيار المستقبل ميزانية مالية، هي الأكبر في عكار، لتغيير واقع برقايل، وإضعاف عبد الحميد الحسن.