صيدا ـــ خالد الغربي
قتيلان «فتحاويان»، وجريح مدني، وإطلاق نار، ومسلحون انتشروا سريعاً كالفطر. أمور كادت أن تحول نهار عين الحلوة إلى ما هو أسوأ بكثير، وكادت معها الأوضاع أن تفلت من عقالها لولا تدخل العقلاء في هذا المخيم الذي شهد أمس «خضة أمنية» هي الأولى منذ فترة، بعد إقدام مجموعة من «جند الشام» على تصفية اثنين من عناصر حركة فتح، هما من مرافقي المسؤول العسكري في الحركة «اللينو» بعدما كمن لهما أربعة من «الجنداويين» وما أعقبه من اشتباكات محدودة لبعض الوقت بين مقاتلين من الطرفين ليسود بعدها توتر شديد وسط استنفار مسلح، ولا سيما من جانب حركة فتح التي هددت باللجوء إلى عمل أمني إذا لم يتحقق شرطها بتسليم منفذي عملية الاغتيال.
وفي التـــــــــفاصيل أنه عند ظهر أمس، وبيــــــــــــنما كان اثــــــــــــنان من مرافقي اللينو (المعروف أنه خاض أكثر من معركة مع جند الشـــــــــــام وعناصر أصولية) هما رائد إبراهيم ديب (أبو عميرة الأسمر) وأبو عمــــــيرة الأشقر (فلسطيني ـــ سوري) بالقرب من محل للدراجات عــــــــــــــــند مدخل بستان اليهودي في مطلع الشارع التحتاني من المخيم أجهزت عليهم عناصر الجند بإطلاق النار وتصفــــــــــــــيتهما فيما أصيبت الفتاة رولا الغضبان التي صودف مرورها في المكان.
في مسرح الاغتيال يسأل الحاج نور الذي يمر على عكازه أمام بركة من الدماء أمعنت محاولات تطوع رفاق أبو «العمرتين» (الأسمر والأشقر) بإزالتها عبر خرطوم صغير من المياه بتوسيع قطر البركة، فيما الحذاء الرياضي «السبادرين» العائد لأحد القتيلين تدفعه المياه، ما هذا الذي يحصل؟ ألا يسعنا أن نعيش بسلام آمنين؟
إحدى النساء الحائرات تسأل عن أطفالها، ويؤكد أحد الأساتذة الذي يقوم بقفل باب المدرسة التابعة للأنروا مسرعاً أن أولادها بخير وذهبوا إلى المنزل ولا داعي للقلق. الشوارع خلت وسوق الخضار المشهود بحركته يوم الاثنين ذبلت خضاره دون من يشتريها، أما الكفاح المسلح الذي يطلب من المسلحين عدم الظهور، فتقف عناصره مقابل حاجز الجيش اللبناني الذي اتخذ بدوره تدابير أمنية قضت بقطع الطريق لبعض الوقت لتجنيب المواطنين الخطر.
التصفية الجسدية لمقاتلي فتح قد تندرج في إطار تصفية الحسابات مع مجموعة «اللينو» الذي خاض ومجموعته كراً وفراً ومطاردات واشتباكات سابقاً مع عناصر جند الشام بشكل خاص وعناصر أصولية بشكل عام، وأبرزها في عام 2004 و2006 وما بينهما من توترات بين الجانبين.
وعصراً عقد اجتماع في منزل مسؤول ميليشيا حركة فتح العميد منير المقدح حضره أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح في الجنوب خالد عارف وإمام مسجد النور الداعية الشيخ جمال خطاب، حيث علم أن عارف سلم خطاب أسماء خمسة ممن تتهمهم حركة فتح بالتخطيط وتنفيذ اغتيال عنصريها.
ومساء كشف ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي إثر لقائه النائب بهية الحريري أن حركة فتح حددت مهلة 72 ساعة لتسليم قتلة عنصريها في مخيم عين الحلوة، واعتبر أن القتلة لن يفلتوا من العقاب وأن الأمور حالياً تعالج بحكمة كي لا يسقط أبرياء ولا يربح الذين أرادوا تفجير الموقف وأن المخيمات لن تكون ملجأ للهاربين من وجه العدالة ولن تكون ثغرة في جدار السلم الأهلي الفلسطيني أو اللبناني.
وأضاف زكي «المهلة أعطيت بهدف تشييع جنازتي الشهيدين وإعطاء كل الأخوة الفرصة والمشاركة في اتخاذ القرار كي لا يكون هناك تصرف بعكس النتائج المطلوبة من هذه الجريمة.. كل هدفنا كسب الشارع والاستقرار والأمن ولا توجد لدينا أهداف انتقامية ولا محاربة أحد، وإنما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أننا قادرون في الوقت المناسب على أن نأخذ حقنا ولكن نحن في بلد نحترم قوانين وسيادة هذا البلد، وإن شاء الله حينما يسلّموا إلى العدالة سنكون وصلنا إلى ما نريد.
تجدر الإشارة إلى أن الحادث الأمني الذي وقع أمس يأتي فيما الحديث بدأ يتنامى همساً وعلناً عن تراجع ملموس لنفوذ وقوة «جند الشام» التي تعرضت لـ«ريجيم» قاس في العدد، ولا سيما بعد دخول الجيش اللبناني إلى القسم الأكبر من منطقة التعمير وقيام معظم عناصر الجند من اللبنانيين بتسليم أنفسهم إلى الجيش اللبناني، والحديث عن مغادرة آخرين المنطقة إلى مخيمات الشمال اللبناني.