إبراهيم عوض
صلوخ لبان كي مون: شبعنا كلاماً عن صور موثّقة هي في الحقيقة مزوّرة

مرة أخرى يتحدث التقرير نصف السنوي للأمين العام للأمم المتحدة عن استمرار عمليات تهريب السلاح من سوريا الى لبنان لمصلحة «حزب الله» معتمداً هذه المرة على معلومات مصدرها اسرائيل ودول أخرى (لم يكشف عنها)، متجاهلاً في الوقت نفسه نفي الحكومة اللبنانية وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها حصول مثل هذه العمليات.
وفي تقرير سابق أعدّه ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن تناول فيه موضوع تهريب السلاح مؤكداً حصوله مستنداً في أقواله الى من سمّاها «جهات حكومية»، الأمر الذي أثار عاصفة سياسية في لبنان استدعت رداً من كل من الرئيس فؤاد السنيورة، ووزير الدفاع إلياس المر ووزير الخارجية فوزي صلوخ، فيما طلعت أصوات تطالب الحكومة بمراسلة الأمانة العامة للأمم المتحدة وإبلاغها عدم رغبتها التعاون مع لارسن.
وعلى غرار التقرير المذكور الصادر العام الماضي لم يُعر التقرير الجديد الصادر أول من أمس اهتماماً بما أدلى به المسؤولون اللبنانيون وقيادة الجيش من تصريحات أكدوا فيها عدم ضبط أسلحة مهرّبة. فلا كلام الوزير المر عن «البرغشة» التي «لا يمكنها أن تمر حيث ينتشر الجيش على طول الحدود مع سوريا «فعل فعله، ولا إعلان الرئيس السنيورة على مسمع بان كي مون خلال المؤتمر الصحافي الذي عقداه معاً في بيروت «بأن القوى الأمنية اللبنانية لم تتمكن حتى الآن من تحديد حالة واحدة من تهريب الأسلحة»، قد أخذ في الاعتبار على ما يبدو، علماً أن السنيورة عاد وأكد على موقفه هذا في معرض نفيه لمعلومات تحدثت عن تلقّي بان رسالة منه يعلمه فيها استمرار تهريب السلاح عبر الحدود، خلافاً لما أورده في المؤتمر الصحافي المذكور.
وفيما تأخذ أوساط سياسية ونيابية وحزبية على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تناوله موضوع تهريب السلاح بناءً على معلومات إسرائيلية غاضاً الطرف عن المواقف اللبنانية الرسمية بهذا الشأن أو حتى الإشارة إليها، تتساءل عن كيفية تعامل حكومة السنيورة مع هذا الأمر، وما إذا كانت ستعمد الى إبلاغ بان كي مون اعتراضها عليه، وكذلك على ما تضمنه التقرير من مغالطات في العديد من الجوانب، أم ستلتزم الصمت من منطلق أن الشكوى للأمم المتحدة محصورة بقضية المحكمة الدولية فحسب؟!.
وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ أبدى استياءه مما ورد في التقرير وكشف لـ«الأخبار» أنه حين التقى بان كي مون في الرياض أثناء انعقاد القمة العربية قال له رداً على إثارته موضوع تهريب السلاح: «لقد شبعنا كلاماً عن وجود شرائط وصور موثّقة تتعلق بعمليات التهريب»، ورأى أن «هذا الكلام هراء، وهو يذكّر بتلك الصور التي قدمتها الولايات المتحدة الى مجلس الأمن عن وجود أسلحة نووية في العراق متذرعة بها لاحتلاله، ليتبين لاحقاً أنها مزورة». وأمل من الرئيس السنيورة «أن يقول كلمته في هذا المجال ولا يدع التقرير يمر من دون تعليق».
واستغرب صلوخ «اكتفاء بان كي مون بالطلب الى إسرائيل وقف طلعاتها وانتهاكاتها الجوية لسيادة لبنان بعد أن اعتمد التبرير الإسرائيلي لهذه الأعمال (الفقرة 20) فيما ينهال على لبنان بلائحة مطالب منها وقف شحن الأسلحة الى «حزب الله» وضبط الحدود، وسحب سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وإجراء انتخابات رئاسية في موعدها، وإطلاق سراح الجنديين الأسيرين» غافلاً عن ذكر الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، والمطالبة بانسحاب اسرائيل من مزارع شبعا وكفرشوبا وغيرهما من الأراضي اللبنانية التي تحتلها».
وسألت «الأخبار» وزيراً بارزاً عن كيفية تعاطي حكومة السنيورة مع التقرير، خصوصاً أن هناك من يرى في إهماله الموقف اللبناني والاعتماد على معلومات إسرائيلية انتقاصاً من السيادة اللبنانية، فقال إنه لم يتسنَّ له بعد الاطلاع عليه متمنياً معاودة الاتصال به ليلاً للإدلاء برأيه، إلا أننا لم نوفّق في إجراء المحادثة.
وفي دمشق، رأت مصادر سورية مطلعة أن مصدر المعلومات التي استند اليها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره يفضح نفسه «إذ ماذا ينتظر من إسرائيل أن تقوله في هذا الموضوع غير إطلاق الأكاذيب والادعاءات؟ وماذا يمكن أن تفعل دول تريد النيل من سوريا سوى استخدام مثل هذه التقارير لأغراض سياسية ولممارسة المزيد من الضغوط عليها؟».
وفيما كررت المصادر نفيها حصول عمليات تهريب سلاح من الأراضي السورية الى الداخل اللبناني تساءلت بدورها «لماذا لم تأخذ الأمانة العامة للأمم المتحدة بما صدر بهذا الخصوص من جانب الرئيس السنيورة ووزير الدفاع وقيادة الجيش؟».
وأملت المصادر السورية المطلعة من بعثة الأمم المتحدة المنوي مجيئها الى لبنان للاطلاع على حركة الحدود مع سوريا «أن تتبيّن حقيقة الوضع على الأرض» مشيرة الى أنه «سبق لدمشق أن طلبت من بعض الدول المعنية مساعدات تقنية لمراقبة الحدود وضبطها لكن لم يُستجب لطلبها حتى الساعة».