طرابلس ـــ عبد الكافي الصمد
تظهر أوضاع سجن القبّة في طرابلس تحسناً كبيرا إذا قورنت بما كانت عليه خلال سنوات الحرب الأهلية والأعوام القليلة التي تلتها، ولكن دون الوصول إلى مستوى الآمال بتحويله، هو وبقية السجون اللبنانية، إلى مكان لإصلاح السجين، تمهيداً لإعادة اندماجه في المجتمع.
فسجن القبّة المؤلف من 7 غرف، تضم كل واحدة منها نحو 60 سجيناً، حالت ظروف ضيقه واكتظاظ السجناء فيه وضعف الإمكانات المتوافرة دون تطويره وتفعيل عملية إصلاح السجناء، ذلك أنّ «أي مسعى في سبيل ذلك الهدف يبقى غير مجد في ظلّ ظروفه الحالية»، حسب ما أوضحت لـ«الأخبار» رئيسة «الجمعية اللبنانية للتأهيل وإعادة التأهيل» دورا مكاري.
ولفتت مكاري إلى أنّ «مشاريع تأهيل سجن القبّة موجودة في الأدراج منذ فترة، غير أنّها تحتاج إلى إرادة ونيّة لدى المسؤولين كي تبصر النور، وذلك عبر إدخال برنامج لإصلاح السجناء، لا جعل السجن «مدرسة» تخرّج مجرمين».
وتشير مكاري إلى أنّ آخر الأفكار في هذا المجال، كان المشروع الذي أعدّه رئيس اللجنة الهندسية في بلدية طرابلس محمد أمين مرحبا لتأهيل سجن القبة، وقدّمه إلى المسؤولين بتاريخ 19/2/2007، وفيه يُبيّن أنّ «كلفة تأهيل السجن تبلغ نحو 60 ألف دولار أميركي، وهو مبلغ يكاد لا يُذكر إذا علمنا مدى فائدته ودوره الإيجابي في المساعدة على إصلاح السجناء».
وعن التحسينات التي طرأت على أوضاع سجن القبّة في الأعوام الأخيرة، تلفت مكاري إلى أنّه «بات متوافراً في كل غرفة من غرف سجن الرجال جهاز تلفزيون يشاهدون بواسطته برامج المحطات اللبنانية فقط، ومراوح كهربائية للتهوئة في الصيف. كذلك يداوم طبيب يومياً لمعاينة السجناء، وثمة صيدلية، فضلاً عن المساعدات التي تأتي من الجمعيات الأهلية».
وإذ توضح مكاري أنّ معاملة رجال الأمن للسجناء قد تحسنت، فإنّها تشير إلى أنّ «ضيق مساحة السجن يجعل نزلاءه يتكدسون بشكل غير مقبول، ما جعل إعطاء السجناء دروساً في محو الأمية أو تعلم الكومبيوتر أمراً مستحيلاً». إضافة إلى ذلك، فإنّ مكاري تعبّر عن أسفها لأنّ «بعض المعنيين والمسؤولين يحاولون تسييس موضوع السجون في لبنان»، مستغربة ذلك «لأنّ الموجودين فيها، فضلاً عن أنّهم ينتمون إلى كلّ المناطق والمذاهب والتيّارات، فإنّهم يعانون مشاكل اجتماعية وتربوية وماديّة، تطاول كلّ فئات الشعب اللبناني دون استثناء».
وأوضحت مكاري أنّ «أوضاع السجناء اللبنانيين تبقى، وإن بتفاوت، أفضل من أحوال السجناء الأجانب الذين لا يجدون من يهتمّ بهم أو يتابع ملفاتهم على نحو دؤوب، كما أنّ العشوائية والظلم لا يزالان يخيمان في السجن، لأسباب كثيرة، أهمها أنّ أحدهم يحاول القول، أو أنّه يريد إيصال رسالة ما مفادها أنّه يعتبر العمل الذي أدخل السجن بسببه إنجازاً، ولو في غير مكانه الطبيعي».