بحمدون الضيعة ـــ عامر ملاعب
توسعت فضيحة توزيع مخلّفات مكبّ النورماندي في بيروت على المناطق اللبنانية، فطالت قرى الاصطياف في أعالي جبل لبنان، حيث رُميت كميات كبيرة منها على إحدى الطرق الرئيسية في بلدة بحمدون (الضيعة)، وقد تحرك المجلس البلدي لمواجهة المشكلة وإبلاغ الجهات الأمنية والإدارية في محافظة جبل لبنان، وبدا واضحاً أن رمي حمولة شاحنات عدة في أماكن متفرقة من الطريق المؤدية إلى بحمدون عبر عاليه ـــ عين الجديدة، تم تحت جنح الظلام، وكميات من النفايات وصلت إلى الطريق.
وكانت رحلة نفايات النورماندي قد تنقّلت سابقاً بين سبلين وعرمون والصرفند والقرية وصيدا والنبطية وكفرعبيدا وقلحات. وتأتي عملية رمي نفايات النورماندي في بحمدون لتدحض ادعاءات شركة «سوليدير» المتكررة بأنّ «الردميات» تنقل حصرياً إلى عقار خاص في سبلين بغرض استصلاحه. رغم توثيق مختلف الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة بالصوت والصورة لأرتال الشاحنات التي تتسلل من بيروت إلى مختلف المناطق ليلاً ونهاراً.
رئيس بلدية بحمدون الضيعة وليد خير الله، عرض للمشكلة القائمة، فقال في لقاء صحافي عقده بعد جولة ميدانية شملت مواقع رمي النفايات: «فوجئنا بهذه المشكلة في وقت ندأب فيه للتحضير لموسم الصيف، ونقوم بأعمال عدة لجذب المصطافين، ومن بينها حملة تشجير على الطرق الرئيسية، حيث اشترينا أغراساً كبيرة لأنواع عدة من الأشجار لتنمو بسرعة بدلاً من اعتماد أغراس صغيرة، لأن البيئة تشكل أولوية في اهتماماتنا البلدية، لذلك، كانت هناك صدمة عندما صحونا اليوم لنجد أن هذا المسلسل البيئي والصحي الفاضح قد حط رحاله في بلدتنا ومنطقتنا، لأنه على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، فإننا لا نزال نولي اهتماماً لموسم الصيف مع وجود بوادر إيجابية تنبئ بأن الإخوة الخليجيين سيحضرون إلى لبنان، وبعضهم لديه استثمارات قائمة في أكثر من ورشة بناء».
وأضاف: صراحة، فوجئنا بـ«عصابات النورماندي» التي رمت النفايات في بحمدون، ونطمئن «جماعة النورماندي» إلى أنه إذا ما تكررت هذه المشكلة، فسنعمد إلى تحميل النفايات وسنقوم برميها على الطريق المؤدية إلى النورماندي في بيروت، ونطالب بالوقت نفسه بمعالجة هذا الموضوع بشكل حاسم وحازم خلال أربع وعشرين ساعة، وإذا لم تعمد هذه العصابات إلى رفع النفايات فسيكون لنا موقف آخر، وخصوصاً أننا راجعنا قوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية المعنية وقائمقام عاليه ووعدوا خيراً لجهة معالجة هذه المشكلة.
وختم قائلاً: «نحن نلتزم بموقف إيجابي مؤقتاً وإلى أقصى الحدود، أما إذا ما أمعنت عصابات النورماندي في تلويث بيئتنا فلن نقف مكتوفي الأيدي، فسيكون لنا تحرك بمستوى هذا المشهد الذي ترونه أمامكم. ولن نزيد».
وفي حديث خاص بـ«الأخبار» أشار خير الله إلى أنه لم يبادر إلى الاتصال بنواب المنطقة، داعياً إياهم إلى تحمل مسؤولياتهم وإن لا يغطوا أحداً». وأردف خير الله: نحن لا نهدد، لكن لسنا في المقابل على استعداد للقبول بتشويه معالم هذه المنطقة التي هي واجهة الاصطياف في لبنان، ولا نقبل الإساءة إلى لبنان السياحي، وفي هذا الإطار نناشد وزارتي البيئة والداخلية والبلديات المبادرة إلى مد يد العون والمساعدة على تخطي نتائج هذه المشكلة.
ومن المعلوم أن كلفة مشروع معالجة مكب النورماندي وصلت إلى ما يزيد على 120 مليون دولار من دون أن ينتهي، الأمر الذي استدعى على ما يبدو تأمين غطاء سياسي ورقابي وقانوني لـ«سوليدير» بتهريب النفايات الباقية بدل استكمال فرزها استعجالاً لتنفيذ المرحلة الثانية من إعادة تأهيل واستصلاح المنطقة شمالي البولفار التي تتضمن إنجاز البنى التحتية في تلك المنطقة وتنفيذ مرفأ سياحي صغير.
وكانت شركة سوليدير قد أعلنت سابقاً «أن لا علاقة لها بأي نفايات تُنقل من بعض المناطق إلى مناطق أخرى. ولا يجوز زجّ منطقة النورماندي كلما حصل هذا النوع من النقليات للإيحاء بأن الشركة تقوم بأعمال مسيئة للبيئة». ولكن الوقائع الميدانية ونوعية النفايات التي رميت في بحمدون تثبت بشكل قاطع أنها من النورماندي، حيث أشارت مصادر بيئية متابعة لـ«الأخبار» إلى أن عملية مقارنة جرت عصر أمس بين عينة من النفايات التي رميت في بحمدون والنفايات الموجودة في مكب النورماندي، وثبت بالدليل القاطع تطابق المواصفات لجهة لون التربة ودرجة العفونة وأكياس النايلون وبقايا الزجاج والخرضوات المختلطة في كلا العيِّنتين.