strong> نادر فوز
نجح المركز اللبناني للتربية المدنية في جمع أكثر من ثلاثين طالباً وطالبة من فرعيْ كليّة الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية، لم يجتمعوا يوماً حتى على مطالبهم الأكاديمية. وقد نظّم المركز، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت، دورة تدريبية بعنوان «دور الإعلام في تشكيل الاتجاهات المواطنية» تخلّلتها ورش عمل ربطت بين الصحافة ومفاهيم المواطنية، بمشاركة عدد من الصحافيين والمدرّبين المتخصصين في قضايا المجتمع المدني. ويسمح هذا النوع من الدورات بإيجاد تواصل بين طلاب يمثلون مجتمعات وتوجّهات مختلفة، بهدف إسقاط بعض الأفكار المسبقة والصور النمطية التي كوّنها الطلاب بعضهم عن بعض.
وافتتحت الدورة بورشة بعنوان «واقع المرأة اللبنانية في القانون والحياة العامة: مواطن التمييز»، تحدثت فيها المدربة الزميلة رلى مخايل عن مقاربة الإعلام لقضايا المرأة. ورأت أهمية تسليط المواد الإعلامية الضوء على إنجازات المرأة بدلاً من تصويرها ضحيةً، إضافةً إلى ضرورة إبراز المعوّقات القانونية والتاريخية لتحقيق المساواة بين الجنسين، أو على الأقلّ إكساب بعض الحقوق البديهية للمرأة.
أما المدرّب أوساما صفا فتناول في الجلسة الأولى أساليب التعامل مع النزاعات، ووصف مفهوم «النزاع» بالتضارب الحاد في الآراء أو الصراع القائم بين طرفين حول قضية معيّنة، معتبراً أنّه حالة تفاعل اجتماعي سلبي وشكل من أشكال الطبيعة الإنسانية. وتوقف صفا عند بعض الجوانب الإيجابية للنزاعات المتمثلة في معرفة آراء الغير والتواصل معه وتوفير وسائل التصرّف خلال فترة النزاع. وأشار صفا إلى أنّ عبارة «نزاع» لها معنيان باللغة الصينية الكونفوشية: خطر وفرصة. وعرض صفا عدداً من أساليب حلّ النزاعات، شارحاً إمكان تدخّل طرف ثالث كما في الوساطات والمساعي الحميدة والتحكيم والقضاء، أو الحل الطوعي كالتفاوض، أو حتى عبر العنف والإكراه. وتطرق صفا إلى تحليل توماس كليمان لحلّ النزاعات. وقد غابت عن الورشة مسألة كيفية معالجة الإعلامي للنزاعات في مجتمعات متنوّعة كما كان مقرراً في برنامج العمل.
وأدارت المدربة الزميلة ألين فرح الجلسة الثانية عن نشر الوعي المواطني عبر كتابات غير تقليدية بعنوان «الأساليب الجديدة في التحرير الصحافي». وأكّدت فرح ضرورة استعمال النقد و/أو التأييد في المقال أو الخبر «ما يدفع إلى المزيد من الموضوعية في العمل». وفي ما يتعلق بالكتابات الحديثة للخبر، أشارت فرح إلى إمكان استعمال أساليب مختلفة في كتابة التغطيات والتحقيقات، من اقتباسات أو معلومات إضافية أو الأسلوب القصصي لتغيير طريقة «استقبل، ودّع، أكّد».
وفي ورشة عمل أخرى، قدّمت الزميلة مارلين خليفة مداخلة عن تقنيات وأساليب التحقيق الصحافي، فربطت بين مكوّنات التحقيق والمواطنية، عبر إجراء مقارنات بين مقالات منشورة في الصحف اللبنانية.
وأجرى الزميلان ثائر غندور وصباح أيوب، خارج إطار برنامج عمل الدورة، تمارين خلصت إلى أهمية ابتعاد الصحافي عن الخطابات والعبارات العنفية والطائفية التي من شأنها تحريض الشارع، إضافةً إلى ضرورة أن لا يأخذ بالأحكام المسبقة أو الصور النمطية المنتشرة في المجتمع، وواجب التأثر بالحدث. وشدد غندور وأيوب على سعي الصحافي للحفاظ على هامش من الحرية، مهما كانت سياسة الوسيلة التي يعملون فيها.
ولفتت الزميلة مخايل في جلسة حول التحقق من المعلومات إلى وجود قانون ينص على حق الصحافي في الوصول إلى معلوماته مهما كان مصدره، مشيرةً إلى أنه بعد أحداث 11 أيلول اُطيحت قوانين عدة تحمي حرية الصحافة بحجة مكافحة الإرهاب.
وجرى لقاء ختامي مع الزميل وليد عبّود حول الدعاية السياسية وبناء الرأي العام. وقد اعتبر المحاضر أنّ الانقسام الحاد الحاصل في لبنان جعل من الوسائل الإعلامية وسائل إعلانية للترويج السياسي، بعيداً من الموضوعية، مشيراً إلى «أنّ اجتماعات مكثفة تجري داخل المؤسسة اللبنانية للإرسال للمحافظة على خطها الموضوعي». واستند عبّود إلى أرقام إحصائية «للحديث عن تراجع الموازنة الإعلانية العامة للمؤسسات الإعلامية كافة في لبنان من 100 مليون دولار إلى 75 مليوناً خلال السنتين الماضيتين، ما يسمح بالقول إنّ المال السياسي يتدفّق إلى المؤسسات الإعلامية».