وفيق قانصوه
«ما نشهده هو بداية تطبيق كل القرارات الدولية، من القرار 1559 مروراً بالقرار 1701، وصولاً الى إنشاء المحكمة الدولية تحت الفصل السابع». هذا ما تجزم به مصادر إسلامية، تؤكّد أن «حرب نهر البارد»، التي اندلعت غداة مغادرة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش، «هي البداية الفعلية لوضع لبنان، بعد العراق وفلسطين، على خط الفوضى الخلّاقة الأميركية، تمهيداً لاستقدام قوات دولية على خلفية اهتزاز الأمن، وعدم قدرة المؤسسة العسكرية اللبنانية على بسط سلطتها». والغاية، بحسب المصادر نفسها، هي تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير، الذي تنتهي عنده كل القرارات: سحب سلاح المقاومة.
ولكن كيف؟ عبر تحقيق توازن في نزع الأسلحة: يُنزع السلاح السني «الخارج على الشرعية»، بذريعة انه يمثّل تهديداً للسلم الأهلي، تمهيداً لنزع السلاح الشيعي «غير الشرعي» المتمثل بسلاح «حزب الله».
ولئلا يبقى كل ذلك كلاماً في الهواء، تطرح المصادر سلسلة أسئلة: هل حصلت، فعلاً، عملية سطو على مصرف «البحر المتوسط» في الكورة يوم السبت، ما مثّل شرارة الأحداث الجارية؟ ولماذا لم يسطُ السارقون على مصرف في طرابلس، مثلاً، بدلاً من الكورة، حيث ينشط عناصر «القوات اللبنانية»؟ ولماذا لم تنشر تفاصيل عن المبالغ المسروقة؟.
وتخلص المصادر نفسها الى أن ما تسميه «المشروع الأميركي ــ الفرنسي ــ الاسرائيلي» لا يمكن أن يتحقق بأدوات لبنانية، وإن كان يحتاج الى غطاء لبناني «لم تدّخر السلطة الحاكمة جهداً لتوفيره عبر توفيرها الظروف الموضوعية لأحداث الشمال، وزجّها بالجيش في أتون هذه المعركة، وإبدائها إصراراً غريباً على المضي الى النهاية في تنفيذ هذا المشروع، بصرف النظر عن حجم الخسائر، إن في صفوف الجيش أو في صفوف الفلسطينيين».
«هل يراد من حصار مخيم نهر البارد الذي يؤوي 40 ألف لاجئ أن يتحوّل كل الفلسطينيين في لبنان الى فتح الإسلام؟». السؤال تطرحه مصادر اسلامية شمالية، تؤكّد حرصها على «الجيش الوطني الذي كان له دور كبير في الانتصار على العدو الاسرائيلي وفي حفظ الأمن في البلاد والحؤول دون انزلاقه الى فتنة طائفية في ظل الأزمة السياسية الراهنة»، لكنها تحذر من «وضع الجيش في الزاوية، وعدم ترك المجال أمامه للتعامل بحكمة مع الوضع بعد المذبحة التي تعرض لها جنوده في الشمال».
«الحكمة» هي السمة التي ميّزت، بحسب المصادر نفسها، تعامل الجيش «مع الوضع في الشمال منذ بروز «تنظيم الاسلام»، اذ «كان يعمل بطريقة أمنية هادئة على تفكيك شبكات هذا التنظيم»، متسائلة عن «الجهة التي دفعت المؤسسة العسكرية الى هذا الكمين». وتوضح أن «هناك أطرافاً عرقلت العمل الأمني للجيش في الشمال»، لافتة الى «اعتقال عناصر من المجموعات نفسها قبل شهر ونصف شهر في منطقة القبة في طرابلس، عندما ثارت ثائرة بعضهم ممن أعطوا الأمر طابعاً مذهبياً، مروّجين أن الجيش يستهدف أهل السنة والجماعة لحساب قوى 8 آذار»، متسائلة «عمّن سهّل انتقال عناصر من مخيم عين الحلوة الى البارد، وهو ما يتداوله أهل الشمال في الشارع».
وغمزت المصادر التي تعمل عادة على خط تهدئة التوتر الطائفي والمذهبي من قناة المرجعية الدينية والسياسية السنية، «لأن المعطيات الخاطئة تقود الى نتائج خاطئة. فعندما يروّج، منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بأن السنة مستهدفون من كل من حولهم، سيتصرف هؤلاء وكأنهم يعيشون وسط بيئة مرتدّة، وبالتالي سيكون تصرف بعضهم انتحارياً لأن المسألة بالنسبة اليه ستكون مسألة حياة أو موت».