طارق ترشيشي
أورد أحد أعضاء الوفد الذي رافق نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي الكسندر تورشين في زيارته الأخيرة لبيروت سيناريو مفاده أن لبنان سيشهد خلافات حادة بسبب إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في مجلس الأمن، ستستغلها اسرائيل للدخول على الخط والسعي مجدداً الى إنهاء سلاح المقاومة التي هزمتها في عدوان تموز الماضي. وزاد على ذلك قائلاً إن الولايات المتحدة لن توجّه ضربة عسكرية إلى إيران وهي تسعى وراء مصالحها لكنها تؤيد اسرائيل في سعيها لتحقيق هذا الهدف.
وأضاف هذا المسؤول الروسي داعياً محدثيه الى عدم النظر الى التطورات الإقليمية والدولية الجارية من زاوية التهديد الأميركي بتوجيه ضربة إلى إيران بل من زاوية «الدرع الصاروخية» التي «ترتبط بها كل التطورات التي تحصل في المنطقة والعالم». وأشار الى ما تخوضه روسيا من مواجهة سياسية مع الولايات المتحدة في هذا المضمار. وقال: «نحن أقوياء، وإننا قادمون الى الشرق». متوقعاً أن تنهار الولايات المتحدة وأن تصاب بنكسة كبيرة إن هي تورطت في أي حرب إقليمية جديدة سواء ضد إيران أو غيرها، لكنها لن تتورط في هذه الحرب أولاً لأن لديها مشاكل داخلية كبيرة وهي ذاهبة الى تسوية مع ايران، في الوقت الذي تلتقي فيه مع اسرائيل في تخطيطها المستمر للقضاء على سلاح حزب الله، أي سلاح المقاومة في لبنان، مستفيدةً من مواقف بعض أركان «النظام العربي» الذي لا ينظر بارتياح الى قيادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وخطابه السياسي المؤثر في قناعات الشعب العربي في كثير من الدول العربية المشرقية والمغربية.
وعندما سُئل المسؤول إياه عن حقيقة موقف بلاده من مشروع إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ردّ مؤكداً أن هذا المشروع يحتاج الى درس طويل وأن موسكو تعارضه في صيغته الحالية وهي تستبعد إقراره في مجلس الأمن بسبب ما تبديه وأعضاء آخرين في مجلس الأمن من ملاحظات واعتراضات عليه، مشيراً الى أن كثيراً من المحاكم الدولية التي أنشأتها الأمم المتحدة، لم يكشف أي جريمة ارهابية.
وعندما قال له محدثه: ما دام هذا الموقف لديكم من هذه المحكمة، فلماذا لا تلوّحون باستخدام حق النقض «الفيتو» ضدها في مجلس الأمن؟ فرد قائلاً: «لماذا تستعجلون الأمور، انتظروا، فنحن لن نوافق على المحكمة بالصيغة التي يريدها الأميركيون والفرنسيون».
ويعلّق دبلوماسي خليجي على ما أورده هذا المسؤول الروسي فيقول إن زيارة تورشين لا يعوّل عليها كثيراً لأن الدول التي تتحاشى تحديد مواقف من قضايا حساسة من مثل المحكمة الدولية أوغيرها، ترسل موفدين برلمانيين معتمدةً «الدبلوماسية البرلمانية»، لكن عادةً فإن المواقف التي يتخذها هؤلاء لا تلزم بلدانهم إلا إذا كانت صادرة عن رئيس برلمان او عن وزارة الخارجية. لذا فإن ما أعلنه تورشين من المحكمة الدولية أوغيرها لا يعوّل عليه.
ويبدى الدبلوماسي الخليجي تفاؤله باحتمال ان تؤدي المحادثات السعودية الايرانية الى انفراج ملحوظ في العلاقة السعودية ـــــ السورية، مشيراً الى أن هذه العلاقات عادت الى دائرة التوتر وأن الجانب الإيراني كان ولا يزال يعمل بقوة في اتجاه تطبيعها. ويضيف إن إيران تخطّت احتمال تعرضها لضربة عسكرية أميركية في هذه المرحلة، ويشير الى المشكلات الكبيرة التي تعوق ادارة الرئيس جورج بوش عن توجيه مثل هذه الضربة أو غيرها.
والى ذلك، يقول مصدر دبلوماسي إيراني إن زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش الأخيرة لبيروت جاءت استناداً الى قرار اتخذته الإدارة الأميركية قضى بإيكال ملف لبنان وفلسطين الى وزارة الخارجية، وفي المقابل أوكلت الملف النووي الإيراني وملفي العراق وأفغانستان الى نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي جال أخيراً في المنطقة بالتزامن مع زيارة ولش لبيروت. وكذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لدولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. ويقول إن زيارة نجاد هذه «كانت مهمة جداً» مثلما كانت زيارته للسعودية التي كان قد تقرر خلالها إيكال الملف اللبناني الى وزيري خارجية البلدين الأمير سعود الفيصل ومنوشهر متكي بعدما كان يتولاها الأمير بندر بن سلطان ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وعلي لاريجاني. ويشير الى وجود اتصالات ولقاءات متواصلة بين الفيصل ومتكي ووزير الخارجية السوري وليد المعلم وهي نشطت بعد مؤتمر شرم الشيخ الأخير الخاص بالعراق، وتركز في جانب أساسي منها على تطبيع العلاقة السعودية السورية التي بدا في الآونة الأخيرة أنه شابها بعض التوتر.