البدّاوي ـ عبد الكافي الصمد
لا يمكن لمشاهد وصور الازدحام الشديد التي يختنق بها مخيم البدّاوي إلا أن تعكس صورة الأزمة المستجدّة فيه، إنسانياً واجتماعياً، بعد أن شهد نزوح أكثر من 20 ألف شخص من مخيم نهر البارد

تساهم شاحنات البيك ـــ أب المحمّلة بالخضر والفواكه الزهيدة الثمن، التي تدخل إلى مخيم البداوي في مساعدة النازحين في تدبّر شؤونهم، وخصوصاً أنّ المساعدات التي تصل إلى مخيم البدّاوي تكاد لا تكفي سوى النذر اليسير من احتياجات السكان والنازحين فيه على السواء؛ وهو ما توضحه إحدى السيدات بعد شرائها بعض ما تحتاجه بقولها: «نزحت برفقة زوجي وأبنائي السبعة، ونحن لا نملك سوى 200 ألف ليرة لبنانية».
الشارع الرئيسي في مخيم البدّاوي، الذي لا يزيد عرضه على أربعة أمتار في أحسن الأحوال، اكتظ بالسّيارات والمارّة. الضجيج فيه على أشدّه، وخصوصاً أنّ نازحين جدداً ما زالوا يتوافدون إليه، ولو كان ذلك بصورة أخفّ من اليومين السابقين. يضاف إلى ذلك أن المباني والعمارات الجديدة الكائنة في محيط المخيم، وتحديداً في منطقة جبل البدّاوي، قد استوعبت أعداداً كبيرة من النازحين، نظراً لاستضافة مقيمين فيها نازحين معهم، إضافة إلى أن أصحاب الشقق من الفلسطينيين المقيمين خارج لبنان، وتحديداً في الدول الإسكندينافية، قد أوعزوا بفتح هذه الشقق أمام النازحين.
أمّا في مقر «نادي الهلال الرياضي»، الذي يتكوّن من 4 غرف، فقد نزل فيه 14 عائلة لا يتوافر لهم ضمنه الحدّ الأدنى ممّا يحتاجونه من ضروريات، مع أنّ الغرفتين السفليتين قد فاضت فيهما المياه الآسنة، عدا أنّ النازلين فيه يواجهون صعوبة الحصول على المساعدات التموينية والخدمات الصحية التي تقدمها لهم الأونروا، بسبب بقاء بطاقاتهم الشخصية المخصّصة لذلك في بيوتهم بمخيم نهر البارد.
في ظلّ هذه الصورة الإنسانية الصعبة، لم يملك مسؤول منطقة الأونروا في المخيم ، إلا أن يشير إلى أنّ «المساعدات المقدّمة لا تكفي بشكل كامل، مع أنّ جمعيات وهيئات إنسانية أخرى تساهم في تقديم المساعدات إلى جانب الأونروا، غير أنّ جهات عدّة وعدتنا بتقديم المساعدات، إلا أنّ أيّ شيء منها لم يصلنا بعد». إضافة إلى ذلك، فقد غادرت عائلات نازحة عدّة باتجاه مخيمات بيروت والجنوب، بعدما ضاق مخيم البدّاوي بهم، وتحدثت معلومات عن أن أكثر من 50 عائلة قد وصلت إلى مخيم برج البراجنة. في مقابل كل هذا، لا تزال تتفاعل قضية ما تعرض له النازحون من مخيم نهر البارد باتجاه البدّاوي، من مضايقات واعتداءات على أيدي مسلحين مدنيين تابعين لـ«تيار المستقبل»، وتحديداً في بلدتي بحنّين والمنية، حيث روت زوجة نايف صلاح صالح كيف أصيب زوجها بطلق ناري من بندقية قنّاص بعد خروجهم من مخيم نهر البارد، وكيف «قام بعض هؤلاء المسلحين بتعذيب ابني وضربه بأسلاك كهربائية».
هذه الرواية وغيرها أكدها مصدر مطلع في مخيم البدّاوي لـ«الأخبار» عندما أشار إلى أنّ مناصرين ومؤيدين لـ«تيار المستقبل»، معروفين من قبلنا بالاسم، كانوا يطلقون الرصاص باتجاه النازحين، أو توجيه السباب والشتائم إليهم، وأنّ أحدهم لم يتورّع عن القول لقافلة من النازحين: «إننا سنفعل بكم ما فعله الملك حسين قبل أن يطردكم من الأردن!».