صباح أيوب
الساعة السادسة والنصف من مساء السبت، شارع «المنلا» الذي بات يُسمّى في طرابلس شارع «الكزدورة»، يعجّ بالسيّارات وروّاد المقاهي. الحال هي نفسها على كورنيش البحر في الميناء. بعد أسبوع على أحداث طرابلس الدامية، استغلّ شباب المدينة يوم العطلة للتعبير عن «رفضهم لما جرى في المنطقة»، كما يقولون.
لا ينتظر شباب «الكزدورة» أن يُسألوا عن رأيهم في ما يجري. يُسارعون إلى نكران أيّة صلة للطائفة السنيّة ولأهل طرابلس بـ«فتح الإسلام»، بلهجة حادّة وخجل واضح يُذكّر بالحالة التي رافقت تبرّؤ أهالي المدينة ولا سيما الشباب من حوادث 5 شباط 2006.
في المقاهي الطرابلسية الحديثة، تُستعاد بعض مشاهد يوم الأحد العنيف. روايات «مشوّقة» عن أجواء أحداث «الزاهرية» و«المئتين» التي كانت «أشبه بمباراة كرة قدم» حيث تجمهر الناس في الأزقَّة بين الملّالات والقوى الأمنية، وراحوا يراقبون ما يجري بحماسة، يهتفون للجيش ويُصفّقون له، وحين لا يصيب يصرخون «بسيطة شو صار الجيش مثل النار»(!)
يضحك البعض ممن كانوا هناك واقفين على أسطح السيارات يصوّرون بهواتفهم الخلوية بعض مشاهد المعركة ويسترجعونها كمن يعلّق على فيلم سينمائي بوليسي! وعندما يحين وقت «التحليل والقراءة السياسية»، يتّفق الجميع على «عدم وجود أيّة صلة للدين الإسلامي وللمذهب السنّي تحديداً بما تقوم به هذه الحركة». ويتّهمون «سوريا وحلفاءها في لبنان» بكلّ ما يجري. اللغة مُشبعة بتعابير إعلامية من تلك التي يرددها السياسيون يومياً. يقول سامر: «القصّة بدأت باغتيال الرئيس رفيق الحريري فظنّوا أنّنا (أي السنّة) فقدنا الرعاية والنفوذ، لكنهم مُخطئون». وحتى بعض الذين يتبنّون السيناريو القائل بأنّ أميركا لها يد في ما يجري، يسارعون إلى إضافة عبارة «هذا ما تريده أميركا.. وسوريا في النهاية»!
تخترق «التحاليل» في بعض الأحيان، أخبارٌ يوردها أحد الحاضرين عن «تسلّح مجموعات أخرى في طرابلس» و«عناوين شقق جديدة يُقال إنّ عناصر من فتح الإسلام يسكنون فيها»... تُنهي هلا الحديث «الأمني السياسي المذهبي» بإبداء «شفقة على الفلسطينيين وما يتعرّضون له في المخيّم» ليبدأ زياد حديثاً آخر، عن سفره إلى دبي قريباً بعد أن دبّر عملاً هناك...