البداوي ـ عبد الكافي الصمد
«أنا لا أريد مساعدات من أحد، أريد العودة مع عائلتي إلى بيتي في مخيم نهر البارد، وإذا لم تستطيعوا إعادتنا إلى هناك فأرجعونا إلى فلسطين!». بهذه العبارة المترافقة مع الكثير من الانفعال، توجّهت امرأة نازحة من مخيم نهر البارد بكلامها إلى أحد موظفي الأونروا في مخيم البدّاوي، قبل أن تقفل عائدة إلى المكان الذي تأوي إليه مع عائلتها داخل أزقة المخيم.
هذا المشهد يعكس صورة مصغّرة عن واقع بدأ يتأزم في مخيم البدّاوي، اجتماعياً وصحياً ونفسياً، وحتى أمنياً مع بروز مشاكل وتوتّر بين عدد من النازحين وأهالي مخيم البدّاوي، الأمر الذي استوعبه القادة الفلسطينيون سريعاً، وعملوا على تطويقه.
غير أنّ نجاح القادة في هذه الناحية، لا يعني أنهم استطاعوا حلّ كلّ المشاكل الأخرى، فالانعكاسات الواسعة لعملية النزوح من مخيم نهر البارد تحولت إلى عبء يفوق قدرة مخيم البداوي على تحمّله، بعدما بات «عدد النازحين إليه يفوق عدد المقيمين فيه، ما حوّل المخيم إلى مكان مكتظ بالسكان، حتى إنه لم يبقَ فيه متر مربع واحد فارغ»، على حد قول الدكتور رائد الحاج.
وأشار الحاج إلى أنّ «خطوة الأونروا تأمين ألف منزل جاهز، ووضعها في ملعب فلسطين داخل مخيم البدّاوي، استباقا لوقوع الأسوأ من نزوح إضافي من مخيم البارد، تحوّلت إلى اتهام للأونروا بأنّها تقدم على ذلك كمؤشر إلى عدم عودة النازحين قريباً إلى منازلهم، وهذا أمر لا يستطيع أحد نفيه أو تأكيده قبل جلاء الأمور».
لكن يوسف حمدان أمين سر لجنة حق العودة في لبنان، يبدي شكوكاً في شأن خطوة الأونروا هذه، ويرى أنّ «وراءها شيء ما يحضّر لمخيم نهر البارد، وخصوصاً أنّ الأونروا لم توزّع حتى الساعة شيئاً من مساعداتها الخاصة، بل إنّ كلّ ما توزّعه هو الذي وصلها من دول ومؤسسات أرسلت مساعدات إلى النازحين».
وإذ أشار حمدان إلى أنّ «الاكتظاظ في مخيم البداوي وصل إلى حدّ أنّ كل غرفة بات ينام فيها قرابة 15 شخصاً، ما ينذر بانتشار الأمراض وحصول انفجار اجتماعي»، يوضح الدكتور حسين حوراني أنّ «أمراض الجرب والقمل والإسهال والجفاف والاستفراغ بدأت تنتشر في أوساط الأطفال، وأنّه سجلت عشرات حالات الولادة المبكرة بالنسبة إلى النساء الحوامل النازحات، وأنّ حالات هيستيريا وانهيارات عصبية واضطراب نفسي تسجّل في اوساط النساء وكبار السنّ من النازحين، فضلاً عن إصابة أكثرية النازحين بمرض التهاب الحنجرة الذي يعود سببه إلى الدخان والغازات المنبعثة من القذائف والصواريخ المنفجرة».
على صعيد متصل، أعلنت اللجنة الأهلية الفلسطينية للمتابعة (لهفة)، التي تشكّلت من فاعليات نازحي مخيم نهر البارد، أهدافها المتعلقة بـ«إنضاج العودة» إلى مخيمهم، و«تفعيل التواصل مع أهلنا الصامدين» فيه، و«تخفيف المعاناة» عن النازحين، و«التواصل مع اللجان الشعبية وفصائل المقاومة»، و«رفع مستوى الوعي في ظلّ ظروف الأزمة الراهنة»، و«التأكيد على أنّ منظمة الأونروا هي المسؤولة مباشرة عن تأمين حياة كريمة للنازحين».
وعلى صعيد المساعدات، أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان أمس عن تجهيز وتحريك قافلة من 10 شاحنات محمّلة بمختلف أنواع المساعدات للنازحين الفلسطينيين،. ورافقتها عيادة متنقّلة مع فريق طبي لتقديم العلاج السريع، وقد شملت المساعدات الأسر الفلسطينية التي نزحت إلى بلدات المنية وبحنين وببنين الواقعة شمال مدينة طرابلس. من جهتها، دعت بلدية طرابلس حوالى 200 طفل من نازحي مخيم البارد الى يوم ترفيهي يتضمن وجبة غداء ونشاطات لعب ورسم وتواصل مع اختصاصيين اجتماعيين وذلك في مطعم «ناره» في طرابلس.
وأعلنت حركة حماس «أن الفرق الإغاثية التابعة لها تصل الليل بالنهار من أجل توفير كل الحاجات الغذائية والمستلزمات الحياتية للعائلات النازحة». وشكّلت حركة حماس اثنتي عشرة فرقة إغاثية في إطار «حملة الإغاثة الكبرى». وقدّرت الفرق الإغاثية التابعة عدد العائلات النازحة على الشكل الآتي: البدّاوي 15000 شخص، وادي الزينة 80، الرشيدية 57، البص 34، المعشوق 37، برج الشمالي 37، الساحل 40، البقاع 60 (بعلبك 27)، برج البراجنة 136، شاتيلا 230، مار الياس 10، عين الحلوة 53، المية ومية 13.