راجانا حميّة
مرّرت أمس كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانية محاضرة سياسيّة للحملة الشبابية لرفض الوصاية الأميركية حول «الخيارات الأميركيّة المتاحة ما بعد العراق». وقد أدرجت الكلية النشاط في إطار «تسجيل الموقف ضدّ العدوان وتسليط الضوء على الحقيقة الجليّة في معتقلات «أبو غريب» و«غوانتانامو» و«الخيام». ودأبت حملة رفض الوصاية على الانطلاق بنشاطاتها من «منبر الجامعة اللبنانية» لتسجيل هذا الموقف، فكانت المحاضرة التي أقامتها في كليّة الآداب لتعريف الطلّاب «الشباب» بالخطّة الاستراتيجيّة الأميركية في المنطقة. من جهتهم، لبّى الطلّاب دعوة الحملة فوفدوا إلى القاعة قبل نصف ساعة من النشاط، مستغلّين الوقت الإضافي في تدوين «هواجسهم» لطرحها على المحاضر الدكتور وليد سكّرية.
وقد عمد سكّرية إلى توسيع مسار محاضرته، تلبيةً لهواجس الطلّاب، فتخطّى في تحليلاته ما جرى في العراق من تبعات الاحتلال الأميركي، إلى المناطق التي «تحتجزها» الولايات المتّحدة الأميركيّة عسكرياً أو سياسياً. ونالت إيران الجزء الأكبر من النقاش، لكونها الدولة الأكثر عرضة للخيارات الأميركيّة الجديدة، وأشار سكّرية إلى أنّ احتمال الحرب ضدّ طهران موجود في الحسابات الأميركيّة قبل أيّة دولة أخرى، عازياً السبب إلى انسداد أفق الحلّ السياسي عبر مجلس الأمن والوساطات الدوليّة، إضافة إلى أنّ إيران هي الدولة الأولى التي تحدّت ببرنامجها النووي الإدارة الأميركيّة وسياستها التوسعيّة في الشرق الأوسط. ووصف سكّرية الحرب المحتملة بالحرب الاستباقية التي تعتمدها السياسة الأميركية لإجهاض «الخطر الإيراني النووي»، مؤكداً «أنّ الفيتو غير وارد لدى الدول العظمى، لأنّ الدول المعارضة يجدر بها أن تحمي رفضها بالقوّة العسكرية، وهذا ما لن تفعله فرنسا وروسيا والصين». وتطرّق سكّرية إلى الوضع في الشرق الأوسط وعلاقة أميركا وإسرائيل بانهياره، لافتاً إلى «أنّ الأولى أحكمت السيطرة على معظم أجزاء المنطقة، بمساعدة إسرائيل التي تكفّلت بسلسلة تسوياتها السياسيّة إخضاع دولها للمطالب الأميركيّة». ورأى «أنّ أميركا تمكّنت إلى الآن من احتجاز شبه الجزيرة العربية أو ما يعرف بدول التسوية»، مشيراً إلى أنّ «القوى الباقية» تنحصر في المقاومة اللبنانية والانتفاضة الفلسطينية وإيران وسوريا. وشدد على أنّ أي حرب أميركيّة محتملة على إيران أو العالم العربي لن تدفع أيّاً من الدول الكبرى إلى مواجهتها، «ففرنسا لا تملك خيار الحرب في غياب الوحدة الأوروبيّة، وروسيا لا تملك سوى تزويد إيران الأسلحة لا المواجهة بعد انهيار منظومتها العسكرية، والصين لا تملك ترسانة عسكريّة وينصبّ تركيزها على العامل الاقتصادي، وحالما تنهض اقتصادياً ستكثّف عمليّات تسلّحها».