حوّل موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي، السجال الداخلي الى نوع من المحاكمة الخاصة، دافعت فيها الموالاة عن خطوة توجيه مذكرة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تطالب مجلس الأمن بإقرار المحكمة. فيما تولّت المعارضة الادّعاء واتهام الفريق الآخر بأخذ البلد إلى المجهول، مع بروز مواقف تدعو إلى تغيير برنامج المعارضة بما يتناسب مع التطورات.وفي مواقف الدفاع، برز تصريح لوزير الاتصالات مروان حمادة كشف فيه عن مذكرة أخرى ستصدرها الحكومة لتواكب مذكرة السبعين نائباً. ورجّح أن يستند مجلس الأمن إلى المادة 41 من الفصل السابع لإقرار المحكمة «وتالياً ليس هناك طبعاً لجوء للعنف أو للقوى المسلحة».
وإذ أشار وزير الخارجية بالوكالة، طارق متري، إلى دور لبان كي مون في تعجيل المذكرة، ذكر «أن موضوع الفصل السابع لم يبحث لا في نيويورك ولا في بيروت. وموقف الحكومة لا يزال هو هو»، مشيراً الى عدم وجود بديل واحد وأن الأمور ليست واضحة حتى الآن.
ودعا وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني الى تحييد المحكمة عن الصراع الداخلي «لأنها قضية تتعلق بالحق والعدالة وكرامة اللبنانيين». وقال إن الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري يريدان إقرارها بتوافق كل الأطراف «وأن تكون محل إجماع لا خلاف».
وأعلن النائب بطرس حرب أن الحاجة الى المذكرة فرضتها «الأزمة السياسية القائمة في لبنان وامتناع رئيس المجلس النيابي عن دعوة المجلس إلى الانعقاد للنظر في اتفاقية المحكمة».
ونفى النائب سمير فرنجية أن تكون المذكرة «للضغط على الرئيس نبيه بري، بل لتخفيف الضغط عنه». وقال إذا أقرّت المحكمة «بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فنحن نطلب أن يقرّها مجلس الأمن كما هي بدون أن يغير في طبيعتها».
في المقابل، رأى وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة أن المذكرة تشكل عرقلة للمحكمة، مشيراً إلى أن حوار بري ـــ الحريري كان قد توصّل إلى آلية مهمة لو اتّبعت لتكوّن إجماعاً وطنياً حول هذا الموضوع. وحذر من تصوير الوضع وكأن هناك قسماً مع المحكمة وآخر يحمي المجرمين.
ورأى النائب حسين الحاج حسن، أنه لا قيمة دستورية أو قانونية للمذكرة، متهماً الموالاة بأنها تأخذ لبنان الى المجهول وتمارس لعبة توزيع الأدوار والخداع السياسي، وإطلاق النار على الحوار والمبادرات»، لافتاً إلى أن «التهويل بالفصل السابع هو تهويل على جميع اللبنانيين وليس على فريق واحد فقط». وقال: «ليتحمّل المسؤولية فريق 14 شباط الذي أوصل الأمور الى هذا المستوى».
ورأى النائب حسن فضل الله أن المذكرة «استجابة لبرنامج وأجندة خارجية لرهن لبنان وخطفه ووضعه تحت الوصاية الدولية، كما أنها نهاية المحكمة التي تبحث عن العدالة وبداية المحكمة التي تريد تسييس القضية». وحمّل الموالاة مسؤولية المغامرة التي تأخذ لبنان إليها، قائلاً: لن نسمح بوضع لبنان بين أيدي الإدارة الأميركية.
وعلق النائب حسن يعقوب بالقول: «إن لم تستح فافعل ما تشاء»، معتبراً أن للموضوع علاقة «بتمرير وقت لإرسال رسائل إقليمية دولية وتحسين الشروط التي جرت في بغداد وستجرى في اسطنبول في 10 الجاري. إذ إن المشكلة اللبنانية أدخلت في مشكلة ملف المنطقة».
وبعبارة «رِجل في البور ورِجل في الفلاحة»، وصف النائب عبد المجيد صالح حالة الموالاة «التي كانت تعطي إشارات حيناً للمضيّ في الحوار وحيناً آخر للذهاب بعيداً عنه وأخذ البلاد الى مكان آخر»، محذراً من سعي البعض الى إقامة معادلة جديدة وتحويل اليونيفيل الى قوات ردع ضمن الفصل السابع «وهذا يعني استدراج فتنة ولن يتم السكوت عن ذلك».
وهاجم الوزير السابق ميشال سماحة الذين أصبحوا «حصان طروادة في منظومة التهويل الأميركي، الغربي الأوروبي، الإسرائيلي، على المنطقة»، معتبراً أن المذكرة «صنعت في بعض الدوائر الغربية ذات المشروع المعادي للبنان»، وأن الهدف هو «استعمال المحكمة لاستقدام الأمم المتحدة بأثواب جديدة».
واستغرب الوزير السابق وديع الخازن تصرف «قوى السلطة»، وسأل: «كيف يمكن للثقة أن تستعاد وأن ترمم؟». وقال: «مصير بلد بل وشعب في الميزان، فهل هكذا يتصرف رجال دولة؟».
ورفض رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا «كل إجراءات تدويل مؤسسات لبنان، وأولها تدويل القضاء»، وحمّل «فريق 14 آذار كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع».
وسأل رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي «الذين لا يتوانون عن السير بالأزمة اللبنانية نحو التدويل، عن مفهوم السيادة والأمن والاستقرار بعد رهن القرار اللبناني بالإرادات الدولية؟».
وبرزت في المعارضة، أمس، دعوات الى التغيير في برنامج العمل لمواجهة هذا التطور، إذ اعتبر رئيس حركة الشعب نجاح واكيم «أن ما يجري خطير جداً، ما يستدعي من المعارضة إعادة النظر ببرنامج عملها ووضع خطة مواجهة أفضل من السابق». كما حذر رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب، من «أن الأمور ذاهبة في اتجاه سيئ للغاية»، ودعا أيضاً الى الخروج «من مرحلة الميوعة الى اتخاذ قرار كبير بحماية لبنان وإنقاذه من يد هذه المجموعة التي تحاول تخريب الوضع اللبناني». ورأت جبهة العمل الإسلامي ضرورة تظهير مشروع المعارضة «لقطع الطريق على اللاوطنيين واللاعروبيين»، متهمة مقدّمي المذكرة بالـ«استهتار بالقيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية» والذهاب بالبلد «نحو الأمركة والصهينة».
وانفرد رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور علي الشيخ عمار، باعتبار أن المذكرة محاولة للضغط على المعارضة «كي تقبل باعتماد الأصول الدستورية لإقرار المحكمة».
(مركزية، أخبار لبنان، وطنية)