strong>منهال الأمين
يستعد طلاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية للضغط باتجاه انتقال الكلية من الأونيسكو إلى المجمع الجامعي في الحدث. فالطلاب الذين يربأون بأنفسهم عن الخوض في غمرات التسويات السياسية، باعتبار أنّ مطلبهم أكاديمي بامتياز، يستغربون ربط تأمين المبنى البديل بانتقال الفرعين الأول والثاني معاً. يلوّح الطلاب بالتحرك الميداني بعد عطلة عيد الفصح مباشرة، بعدما ملّوا «بروفة يوم الحشر»، والتزاحم في الزواريب بين المباني السكنية المستأجرة. «تتداخل العوامل والأسباب في مشكلة الكلية المزمنة»، كما يقول رئيس مجلس طلاب الفرع الأول عباس قطايا. يتحدث قطايا عن خطوات كانت قيد الدرس، إلاّ أنّ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما تبعه من تأزم سياسي في البلد حال دون الإقدام على أي تحرك. فالتحرك الميداني آنذاك لم يكن ليأخذ بعده الحقيقي بقدر ما كان سيندرج في إطار الاصطفاف السياسي، بحسب قطايا، علماً بأنّ مطلب نقل الكلية يحظى بإجماع الطلاب، أو هذا على الأقل ما تؤكده آراء القوى الطلابية في الجامعة، التي تتوزع بين «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المستقبل» و«الحزب الشيوعي» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«جمعية المشاريع» و«الحزب الديموقراطي اللبناني» وغيرها من المنظمات الطلابية. غير أنّ «الازدحام الطلابي» (تضم الكلية حوالى4500 طالب) لم يكن ليتحول يوماً إلى عراك سياسي أو صدام من أي نوع آخر. وهنا يسجل قطايا «أنّ طلاب الفرع الأول عملوا جاهدين كي تظل كليتهم خارج السجال السياسي، فهل تكافأ بأن يُضرب بمطالبها عرض الحائط». ولا يرى قطايا أي مانع من انتقال الفرع الأول إلى أي مكان آخر غير مجمع الحدث إذا تعذر ذلك لسبب أو آخر «المهم أن يكون المبنى لائقاً لجهة قاعات التدريس ومساحات للاستراحة وأجواء مناسبة للدرس، فالمبلغ الذي تدفعه الدولة ويقدر بحوالى 400 مليون ليرة لبنانية سنوياً تستطيع أن تحل به مشكلة مبنى خاص لكلية الآداب بكل سهولة».
ويفتقر الطلاب إلى الخصوصية في مباني الكلية الحالية، حيث تحيط بهم السيارات والدراجات النارية والمتطفلون من كل حدب وصوب، ولا تزال المشكلة مع عناصر قوى الأمن الداخلي حاضرة في الأذهان، مع تأكيد قطايا أنّ الضابط المسؤول بادر إلى معالجة الأمر. كما باتت بعض المباني تشكل خطراً على الطلاب، ولا سيما مبنى الجغرافيا الذي يعاني تصدعات في أسقف بعض طوابقه. ولا ينسى قطايا أن يذكر بمقتل الطالبة ريم صالحة العام الماضي حين سقط على رأسها لوح خشبي من إحدى الورش القريبة من الكلية، ويجد في قضيتها دليلاً واضحاً وقاسياً على عدم توافر شروط السلامة العامة لطلاب الكلية.
تنوء كلية الآداب بحمل مشاكلها، وربما كانت تحتاج إلى تحرك كبير حتى يسمع صوتها، كما هي عادة الأمور في لبنان. فزميلتها العلوم (اللبنة الأولى للمجمع الجامعي في الحدث) نفذت عام 1968، إضراباً استمر شهرين ألغي على أثره العام الدراسي، لكن نالت الكلية مطلبها وانتقلت إلى المجمع في الحدث لتتربع على عرشه وحيدة مدة تزيد على ثلاثين عاماً.
إذاً ليس هناك من سبب واضح يمنع انتقال الكلية إلى الحدث، فوزير التربية والتعليم العالي خالد قباني أكّد للطلاب أنّهم ملحوظون في خطة الانتقال إلى مجمع الحدث. وفي ظل هذه الدوامة، يعد قطايا ورفاقه أنفسهم بملاحقة قضيتهم التي ستكون من أولويات مجلس طلاب الفرع الجديد. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: «هل سيقضي طلاب كلية الآداب ــــــ الفرع الأول عامهم الدراسي المقبل في زواريب الأونيسكو، أم في أكناف المجمع في الحدث؟».