الرملية ــ عامر ملاعب
تشكل «دودة الصندل» المنتشرة بأعداد كبيرة في أحراج بلدات قضاء عاليه وقراه آفة حقيقية تنعكس سلباً على البيئة والصحة العامة. المشكلة التي تتجدد كل عام تبدو هذه المرة أكبر من سابقاتها، الأمر الذي يتطلب إجراءات سريعة وفاعلة للحدّ من مخاطرها

يعتبر شهر أيلول بداية رحلة فراشة «دودة الصندل» التي تضع بيضها على الأشجار الصمغية، وفي تشرين الأول تفقّس البيضة وتخرج منها دودة تقوم بنسج خيوط حول براعم أغصان الشجرة، ثم في شهري شباط وآذار تخرج الدودة من العش الذي نسجته، لتأكل أغصان الشجرة،
وصولاً إلى التربة حيث تنسج شرنقة حول نفسها، يخرج منها بعد شهور فراشة جديدة لتبدأ العملية من جديد. وتساهم «دودة الصندل» في موت الشجرة ولها مضاعفات سلبية على صحة الإنسان إذ إنها تخلّف حساسية في العيون والبشرة وضيق في التنفس.
ويعمد بعض المزارعين والمتطوعين في الجمعيات الأهلية إلى إطلاق النار على الخلايا المتجمعة في أكياس بيضاء، لكن المطلوب معالجات تسمح بالقيام بأعمال تقليم واستئصال لهذه الآفة. وعلى رغم أن هذه الطريقة هي أكثر كلفة إلا أنها تبقى أقل ضرراً على البيئة من استعمال المبيدات.
وفي السابق عمدت وزارة الزراعة بالتعاون مع الجيش اللبناني إلى رشّ المبيدات من خلال الطوافات العسكرية، إلا أن هذا الإجراء لم يكن كافياً لأنه من الصعب تغطية كل الأحراج، لأن من المتعذر على المزارع أن يقوم برش الأشجار في الأحراج، وذلك أن ارتفاع شجرة الصنوبر يتعدى اثني عشر متراً.
ويعتبر رئيس نقابة عمال ومزارعي الصنوبر في لبنان فخري المصري «ان المعالجة عبر رش المبيدات تعتبر مجدية بنسبة 30 في المئة، أما فرق المكافحة التي نطالب بها كنقابة فتعتبر مجدية أكثر وتنقذ آلاف الأشجار، فهذه الفرق تجول في الأحراج وترفع تقاريرها إلى وزارة الزراعة بغض النظر عن أصحاب الأحراج، ولدى النقابة خبرات فنية مهمة، فالمزارع يدرك بالخبرة كيفية معالجة الشجرة المريضة، فإذا كان المرض قد أصابها جزئياً يمكن إنقاذها عبر قطع الأغصان المصابة وحرقها، وبذلك نستأصل المرض ونحول دون انتقاله إلى أشجار سليمة، أما إذا كان المرض قد تمكّن من الشجرة، فعندها لا تنفع المعالجة، ولا بد من قطع الشجرة وحرقها وطمر رمادها بالتراب، وفي هذه الحالة نخسر شجرة مصابة ولكننا نربح حرجاً بكامله».
وتمثل أحراج الصنوبر ثروة بيئية ومناخية لكل لبنان وتعتبر موضع جذب للسياح وللاستثمارات السياحية، فضلاً عن أنها ثروة اقتصادية تعتبر مصدر الرزق لخمسين ألف عائلة، تبعاً لإحصاء أجرته النقابة وشمل من يعملون في هذا القطاع من أصحاب أحراج وضامنين وتجار وعمال في مجالات القطف والتصنيع والتوضيب.
ووجّه المصري نداء لفتح باب التطوع لعمال ومزارعين ليتوزعوا فرقاً على الأحراج ومكافحة المرض، وخصوصاً أن هذه الطريقة أثبتت جدواها في أواخر الستينيات من القرن ومكّنت المزارع في عهد المدير العام لوزارة الزراعة الراحل بهيج مزهر من أن يحاصر المرض ويقضي عليه. وأشار إلى أن «المطلوب على مستوى كل أحراج الصنوبر في لبنان لا يتعدى عشرين عاملاً تتألف منهم فرق المكافحة».
رئيس بلدية الرمليّة كامل سلمان، أكد أن «دودة الصندل» منتشرة بأعداد كبيرة في أحراج البلدة، وطالب «الجهات المعنية مدّ يد العون والمساعدة لمواجهة هذه الآفة والحد من نتائجها الخطرة على الأحراج والغابات»، وأكد أن «ما هو قائم على مستوى أحراج الرملية ومناطق حرجية مجاورة في عاليه والشوف يفترض مواكبة استثنائية في المعالجة والمكافحة لنحافظ على ما بقي من مساحات خضراء». وأعلن سلمان في جولة ميدانية نظّمها المجلس البلدي في أحراج البلدة أن المجلس البلدي «رفع كتاباً إلى وزارة الزراعة قبل أيام من أجل تزويدنا المبيدات المطلوبة لمكافحة دودة الصندل المنتشرة بأعداد كبيرة في أشجار الأرز الحلبي (الصنوبر البري) والصنوبر المثمر والبلوط والسنديان وعلى مساحات كبيرة من أحراج البلدة، وقد أبدى مسؤولو الوزارة الاستعداد للمساعدة، وأُبلغنا أن الوزارة في صدد استكمال خطة لمكافحة هذه الآفة، ونحن كمجلس بلدي في صدد التحضير لحملة مكافحة ستكون بإشراف الوزارة أيضاً».
وأشار إلى أن «المشكلة لا تقتصر على الأضرار التي تصيب الشجر فحسب، بل تطاول أيضاً المواطنين القاطنين على مقربة من الأحراج حيث تنتشر الأعشاش البيضاء لدودة الصندل ويحمل الهواء غبارها الى المنازل أيضاً»، ولفت سلمان إلى أن «ثمة مواطنين أصيبوا بعوارض يتسبب فيها غبار ناجم من الطبقة الوبرية لهذه الدودة، كالحساسية والزكام، ما اضطرهم إلى اللجوء إلى الأطباء».