الدار البيضاء ــ رنا حايك
اقتصرت توصيات مؤتمر «الشبكات والتشبيك في المنطقة العربية» الذي عقد في الدار البيضاء بدعوة من مركز دعم التنمية المصري ومنظمة أوكسفام نوفيب على تحديد مبادئ تسهّل خطة التشبيك بين الجمعيات الأهلية، التي ما زال استكمالها يقتضي لقاءات أخرى في المستقبل، عوضاً عن طرح استراتيجية واضحة وتحديد خطة عمل للتشبيك كان يأمل المؤتمرون في التوصل إليها مع اختتام أعمال المؤتمر.
فقد أجمع جميع المؤتمرين على إيجابية المؤتمر كخطوة أولى في إطار التشبيك بين الجمعيات الأهلية رغم تراجع طموحاتهم في ما يخص الأهداف المباشرة التي كانوا يأملون تحقيقها مع اختتام المؤتمر.
نوع من التواطؤ سيطر على جلسات المؤتمر. ففي إطار بحث تراجع فاعلية الشبكات الموجودة (عايشة، هابيتات، حركة صحة الشعوب، الشبكة العربية...)، تجنّب المشاركون الكلام الصريح عن قصورها والبحث الدقيق في مشاكلها الهيكلية تخوفاً من الإضرار بسمعتها، وبالتالي بتحمسّ الممول لها. رافق هذا التواطؤ توتر غير مباشر سرى بين المؤتمرين واضطر مدير أوكسفام نوفيب، عماد السبع، إلى توضيح موقف الجمعية التي يمثلها والتي موّلت المؤتمر حين قال في مداخلته الختامية: «نحن لسنا هنا لنفرض أي شيء عليكم، إننا نحاول فقط توفير المساحة لتتلاقوا وتنسقوا معاً».
فقد تخوف بعض المؤتمرين من نية أوكسفام في إطلاق شبكة جديدة، إذ رأوا أن من الأجدى تنشيط الشبكات الموجودة. فالشبكات التي تستحدث وتفرض على الجمعيات تفشل بعد فترة بسبب عدم توافر أجندة مشتركة وبسبب مشكلة التفويض، فاللجنة التي تكلف متابعة التنسيق سرعان ما تتحول إلى سكرتارية تستأثر بالعمل والمعلومات ويكبّلها حمل الأعباء الملقاة على عاتقها.
ترتكز رؤية هذا الفريق على أولوية إيجاد قضايا مشتركة بين الجمعيات وتنظيم حملات مشتركة على القضايا ذاتها قبل استحداث شبكة. بهذا المعنى، يأتي «التشبيك» قبل «الشبكة» ليضمن استمرارية التعاون ونجاح التجربة. في هذا الإطار، وفّر المؤتمر مساحة مهمة لالتقاء العديد من الجمعيات على قضايا مشتركة، فكان التنسيق الذي يتم بينها خلال فترات «الاستراحة» أكثر فاعلية من المداخلات التي كانت تتلى داخل القاعة، وهو ما أجمع المنظمون على اعتباره إنجازاً بمثابة خطوة أولى يجب استكمالها من خلال عقد لقاءات مستقبلية. أما عن الخطوات العملية الأولى التي ستتبع المؤتمر، فقد تم الالتزام بتنفيذ المشاريع المقترحة. فقد عرض ممثل منتدى البدائل المغربي حمودة صبحي مشروع موقع «جسور» الذي سيفعّل قريباً ويكون بمثابة بوابة بين المشرق والمغرب العربيين، تعرض فيه الجمعيات عناوينها وأدبياتها وتقاريرها تسهيلاً لعملية التعاون. كما أكد المدير التنظيمي للمؤتمر محمد العجاتي (مركز دعم التنمية) إدراج جميع الوثائق الخاصة بالمؤتمر والتقارير الخاصة بالجمعيات المشاركة مع ترجماتها على الموقع الإلكتروني الخاص بالمؤتمر.
رغم تراجع الأهداف التي حددها المؤتمر، إلا أن جواً من التفاؤل ساد على المؤتمرين، فـ«لو كان هذا المؤتمر مجرد منبر هدفه تحفيز التواصل والتفاعل بين الجمعيات المختلفة، فقد نجح في ذلك، لأن الكثير من الجمعيات استطاعت التلاقي ووضع خطط للتنسيق معاً. ممكن أن ينتهي الموضوع هنا وممكن أن يكمل. هذا يعود لرغبة وقدرة الجمعيات على فتح قنوات مشتركة وتفعيلها»، كما تقول مديرة مركز دعم التنمية هالة شكر الله.