طرابلس ـــ عبد الكافي الصمد
تضاربت الآراء والتحليلات بشأن الخلافات التي بدأت تظهر إلى العلن في بلدية طرابلس، من غير أن يتضح إذا كانت الأصوات والأصوات المقابلة التي انتقل صداها إلى خارج جدران المجلس البلدي، هي محضُ تباين في الآراء حول آلية العمل الواجب اتباعها في تنفيذ المشاريع ومتابعة الشؤون الحيوية في عاصمة الشمال، أم أنها برزت قبل فترة وجيزة من استحقاق منتصف عمر المجلس البلدي، الذي قد يعاد فيه طرح الثقة برئيسه المهندس رشيد جمالي، استمراراً في المنصب أو تنحية عنه، أم أنّها ارتدادات سياسية امتدت من «الشارع» السياسي إلى داخل البلدية من غير أن تتضح أبعادها الحقيقية بعد، في خطوة قد تؤدّي إلى خلط الأوراق مجدداً، لا بقائها مجرد زوبعة في فنجان؟
هذه التساؤلات وغيرها طفت على السطح دفعة واحدة، وباتت حديث الوسط السياسي على نطاق واسع، ليس لأنّ بلدية طرابلس تحتل المركز الثاني من حيث الكبر والأهمية في لبنان بعد بلدية بيروت فحسب، بل لأن أيّ تطور يحصل فيها، انطلاقاً من خلفية سياسية معينة، سيرمي بتداعياته المختلفة على الوضع السياسي الطرابلسي والشمالي معاً، إضافة إلى تأثيره على العمل البلدي في أغلب بلديات الشمال.
وكانت هذه البلبلة التي خضّت بلدية طرابلس قد أثارها عضو البلدية ورئيس لجنة التخطيط والمشاريع الإنمائية فيها جلال عبس، في بيان موسّع وزّعه أول من أمس، بدا كأنّه جردة حساب، لفت فيه إلى أنّ جمالي، الذي يحتلّ في الوقت نفسه منصب رئيس اتحاد بلديات الفيحاء، قد «قام بخطوة لم يتجرأ على القيام بها أحد من رؤساء البلديات في لبنان بدون الرجوع إلى المجالس البلدية المعنية، عندما تفرد بتوقيع اتفاقات مع جهات دولية، كلفتها ما يقارب مليون دولار أميركي، لدراسة الخطّة الإنمائية لمدن الاتحاد: طرابلس والميناء والبدّاوي».
وتساءل عبس في بيانه «عمّا يقصده جمالي من تفرده بعقد مثل هذه الاتفاقات مع الجهات والمنظمات الدولية، من دون أن يكون قد عرض أو ناقش مضمونها في بلدية طرابلس لأخذ موافقتها، أو على الأقل استشارة اللجان المختصة فيها»، مشيرا إلى أنّه «لا أحد من أعضاء المجالس البلدية الثلاثة في طرابلس والميناء والبدّاوي على علم بمضمون أو تفاصيل هذه الاتفاقات».
غير أنّ جمالي ردّ أمس في بيان مماثل على بيان عبس، أسف فيه «للأخطاء والتخبط» الوارد في بيان الأخير، لافتاً إلى أنّ «اتحاد بلديات الفيحاء هو مؤسسة عامة قائمة بذاتها، لها كيانها القانوني الخاص واستقلالها المالي والإداري»، ومشيراً إلى أنّ عبس «تجاهل أنّ المشاريع التي وقّع عليها رئيس الاتحاد هي مشاريع تابعة لمجلس الاتحاد الذي وافق عليها، وكلّف رئيسه بالتوقيع عليها وفقاً للأصول، وأخذت مجراها القانوني، وليس هناك أيّ تفرد في هذا المجال».
وكانت قد سبقت خطوة عبس، خطوة أخرى قام بها عضو البلدية الآخر محمد يحيى، عندما هدّد منتصف الشهر الماضي بحجب الثقة عن جمالي «بسبب إخلاله بما وعد به المدينة من تغيير لم يحصل، بالإضافة إلى إخلاله بما هو بداهة من واجبات البلدية»، معطياً إيّاه «مهلة شهرين لإنجاز أحد عشر مقترحاً، تؤلف جزءاً من حقوق طرابلس على مجلسها البلدي وعلى رئيسه»، وهي مقترحات كان قد تقدم بها يحيى إلى المجلس البلدي في وقت سابق، معتبراً أنّ هذه «الفترة كافية لتنفيذها».