وفاء عواد
رعد: وصفه سلاح المقاومة بغير الشرعي تماه مع الموقفين الإسرائيلي والأميركي

في تحرك حمل الرقم «5»، واصل نواب «الأكثرية» تقليدهم الأسبوعي الذي درجوا على إحيائه منذ 20 آذار الفائت، والمتمثل في التجمّع صبيحة كل ثلاثاء في مجلس النواب لمطالبة رئيسه نبيه بري بـ«تحريره من الخطف» وعقد جلسة عامة لـ«بتّ الخلافات القائمة». وذلك، في حضور 17 نائباً معارضاً.
وترافق التحرك «الأكثري»، أمس، مع الإجراءات التي أضحت قاعدة عامة: ابتداءً من حسن الاستقبال والضيافة، ووصولاً الى مستلزمات الحفاظ على حرمة المجلس، وفق التقيّد بالحدود الجغرافية المخصّصة للاعتصام (الباحة الخارجية) بعيداً عن «حرمة» القاعة العامة، «الخط الأحمر» التي لا يفتح بابها إلا بإذن الرئيس وحده.
وللمرة الثانية على التوالي، توافرت للصحافيين والمصوّرين قراءة «المكتوب» من عنوانه: «قائد الحملة» النائب وليد جنبلاط غائب، و«تعليماته» لا بدّ حاضرة. إذن، لا تصعيد على المنبر ولا لقطات مميّزة، وخصوصاً لا للمصافحات والأحاديث الجانبية.
وقد جاء التحرّك الجديد بمثابة «لزوم ما لا يلزم»، في ظل تقيّد النواب الموالين الـ31 الذين حضروا الى المجلس بمستلزمات التهدئة بانتظار «وحي ما»، مع «استحضارهم» موضوع المحكمة الدولية الذي اقتضته زيارتا نائب وزير خارجية روسيا ألكسندر سلطانوف ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال للبنان. وذلك، من أجل مطالبة المجتمع الدولي بـ«إنشاء المحكمة، من أجل عدالة تنقذ الوطن»، بعد «استنفاد كل الوسائل، إذ أصبح الأمر مستحيلاً، في ظل الإعلان السافر برفضها بالمبدأ من جانب النظام السوري والدائرين في فلكه من قوى لبنانيةإلا أن «حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر»، فالتهدئة «الممنهجة» من جانب الموالين قوبلت بتصعيد معارض تمثل في الموقف الذي أطلقه رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ردّاً على البيان الصادر عن تكتل «المستقبل»، أول من أمس، الذي وصف سلاح المقاومة بغير الشرعي، فرأى رعد أن هذا التوصيف «يأتي تماهياً مع الموقفين الاسرائيلي والأميركي»، مطالباً بتوضيح هذا الموقف «الخطير» على المستوى الاستراتيجي.
وفي انتظار انقشاع الرؤية وتكشّف غبار الحركة الدولية عن الاتجاهات المحتملة لحلّ الأزمة السياسية القائمة في لبنان، اكتفى نوّاب «الأكثرية»، بعد اجتماع مغلق عقدوه كعادتهم في صالون النواب، ببيان مقتضب تلاه باسمهم النائب وليد عيدو، استهلّه بالتذكير بأن حضور نواب «الأكثرية» يهدف الى «المطالبة بممارسة حقهم وواجبهم في العمل النيابي، وفقاً للدستور والقوانين»، مبدياً أسفه لعدم وجود «ملامح توجّه جدّي وحقيقي في هذا الاتجاه».
وفي ظل تجديد مطالبة بري بـ«عقد جلسة عامة برئاسته»، فإن جديد بيان الموالين تمثل في أمرين: التركيز على عناوين «الاقتصاد، لقمة المواطن، والعيش الكريم»، ربطاً بمطلبهم «الروتيني»، وتأكيد تضامنهم مع تحرّك الفاعليات الاقتصادية التي «تعبّر عن المعاناة التي أصابت اللبنانيين واقتصادهم، نتيجة اعتصام المعارضة الذي أصبح تعطيلاً فاضحاً واحتلالاً موصوفاً ومظهراً أمنياً مكشوفاً، ولم يعد سوى ضرب للحياة في الوطن»، كما جاء على لسان عيدو.
ورداً على سؤال عن واقع الحكومة الحالية، رأى عيدو أن شرعية هذه الحكومة «لا تمنح بقرار من فريق، بل بقرار من المجلس النيابي»، معتبراً أن غياب الوزراء الشيعة عن تركيبتها «قرار من أصحاب الغياب».
بدوره، جدّد رعد تأكيد المعارضة أن «المشكلة ليست في المحكمة، إنما هي في الحكومة»، مشيراً الى أن الخلاف مع الموالاة هو «خلاف على الأصول الدستورية التي ينبغي أن تتّبع في الخطوات الآيلة للحفاظ على استقرار البلدورداً على القول إن الموالاة استنفدت كل الخطوات الدستورية الآيلة الى إقرار المحكمة الدولية، رأى رعد أن ما استنفد هو «التضليل الإعلامي، اللعب السياسي على الحبال، كل أنواع الديماغوجية، والتجاهل للأصول والنصوص الدستورية»، إذ إن الموالاة «لم تقدم على خطوة دستورية واحدة منذ بداية السعي للتوافق على أمر مهم، أو لإقرار المحكمة»، داعياً اياها الى «إعادة النظر في طريقتها وأدائها وتعاطيها مع هذا الموضوع»، لكن «إذا كان مجلس الأمن قد تحول الى فان يقوده جورج بوش ويعاونه جاك شيراك، فإن الأمم لا تقاد بهذه الطريقة، والقوانين لا تطبق بإدارة الظهر لكل الأصول والمعايير والأعراف والمواثيق الدولية».
ولافتاً الى أن بري «أخبر من غيره بالأصول الدستورية، نتيجة تجربته الطويلة»، أكّد رعد أن «لا نصّ دستورياً يجبر رئيس المجلس على الدعوة الى جلسة طالما أن له اجتهاداً آخر في هذا الأمر، بالنظر الى حيثيات موعد الجلسة وتوقيتها».
وانتقد رعد مضمون البيان الذي أصدره تكتل «المستقبل»، من دون أن يسميه، ولا سيما اعتباره سلاح المقاومة «غير شرعي»، معتبراً أن هذا التوصيف هو «ذهاب الى المدى الأبعد في مشروع التصالح مع الصهاينة ومع الأميركيين الذين يريدون بناء شرق أوسط جديد، محوره الاعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه، وإلغاء كل حالة ممانعة ومقاومة للعدوان الاسرائيلي»، إضافة الى كونه «تماهياً مع الموقف الإسرائيلي والأميركي»، مطالباً بـ«تفسير وتوضيح، ليس من الكتلة فقط، بل من مرجعيات هذه الكتل وأسيادها وجماهيرها»، لأن هذا الموقف «خطر على المستوى الاستراتيجي وعلى إمكان أن تكون هناك جدوى من أي حوار».
وختم رعد كلمته بالإشارة الى أن الموالاة التي تحضر الى «سوق الثلاثاء» تريد أن توجه رسالة الى نيكولا ميشال «لتقول إنها استنفدت كل المساعي الدستورية، ولم يعد أمامها من خيار إلا إقرار المحكمة تحت الفصل السابع»، مؤكداً أن هذا الفصل «لن يحل مشكلة اللبنانيين، بل هو هروب من المشكلة الحقيقية»، إذ إن «التلطي خلف أمر ينهي كل شعارات ما سمّوه ثورة الأرز، فإقرار المحكمة تحت الفصل السابع هو إطاحة بكل طروحات السيادة والاستقلال واستدرار الانتداب الدولي مجدداً الى لبنان»، و«تعمية على القتلة الحقيقيين، لأنه الفخ المنصوب أميركياً للحريصين على كشف الحقيقة، وللإطاحة بلبنان على حساب الحقيقة»، مضيفاً: «لن نتخذ موقفاً مما سيلجأ اليه مجلس الأمن، وسنسجل هذا الموقف عندما يصدر. لكن، نريد أن نخاطب اللبنانيين ونسأل: أين تصبح السيادة، اذا أصبح لبنان مستباحاً من كل أجهزة مخابرات العالم؟».
ورداً على سؤال عن رفض المعارضة تقديم ملاحظاتها في شأن مشروع المحكمة، أكّد رعد أن «المعارضة حريصة على أن تقدمها الى الإطار الجدي الدستوري في لبنان»، مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بـ«قراءة الدستور اللبناني جيداً، من أجل محاكمة كل فريق من الفرقاء اللبنانيين على خطواته».
وبعيداً عن المنبر، انتقد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب علي المقداد «لعب الموالاة على الوتر الإقتصادي»، وما تحمله مواقفهم من تناقض، حيث «أبلغوا الرئيس بري رسالة مفادها بأنهم أراحوه من موضوع المحكمة بإحالتها الى مجلس الأمن، ثم عادوا الى طرح الموضوع من جديد»، في «سوق الثلاثاء الأشبه بسوق الخان في العرقوب».
بدوره، شبّه عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي خريس تحرّك «الأكثرية» بـ«سوق الاثنين في النبطية، وسوق الجمعة في العباسية»، في ظل «الابتذال الذي يثير اشمئزاز بعض الموالين»، مؤكداً أن بري «مستعجل أكثر منهم جميعاً لعقد جلسة نيابية في ظل وجود حكومة ميثاقية وقانونية»، مشيراً الى إمكان أن يدعو بري الى جلسة عامة في أواخر شهر أيار.
في المقابل، رأى عضو «المستقبل» النائب سيرج طور سركيسيان أن «التمسك بالديموقراطية معركة مستمرة»، داعياً الى ضرورة أن يستجيب بري لمطلبهم «من أجل تنفيس الاحتقان داخلياً، بعيداً عن التراشق خارجياً»، مختصراً ما حققته الموالاة في تحركاتها بـ«توجيه رسالة واضحة: استعداد للحوار، وانفتاح على كل الأمور بالأساليب الديموقراطية».



«جرس» للموالاة... و«اختلاس» مصافحتين

  • للمرة الأولى منذ بدء التحرّك، منح «تيار المستقبل» فرصة إلقاء كلمة باسم «الأكثرية»، وتحديداً النائب عيدو الذي أحيط بالنائبين أكرم شهيب وأنطوان زهرا.
  • لدى بدء رعد بإلقاء كلمته، «دقّ الجرس» منبهاً الى ضرورة انصراف جميع النواب الموالين.
  • على هامش الأحاديث الجانبية، أصرّ الوزير مروان حمادة على التأكيد أن الرئيسين إميل لحود ونبيه برّي «ليس باستطاعتهما فعل أي شيء، إلا التعطيل»، مدعّماً موقفه بواقع تحرّكات «الأكثرية».
  • لدى امتناع رعد عن الإجابة عن سؤال بشأن الدول العربية التي تنوي عقد صلح مع إسرائيل، ردّ النائب قاسم هاشم بالقول: «لبنان حتماً».
  • أعرب أحد النواب المعارضين عن «خشيته» من تلقي نائبي «المستقبل» بدر ونوس ومصطفى هاشم اللذين صافحاه «العقاب المناسب»!
  • ألغى أصحاب المؤسسات التجارية الاعتصام الذي كانوا ينوون تنفيذه في المجلس النيابي، بالتزامن مع تحرك «الأكثرية»، لأسباب متعلّقة بقرار تبلّغوه من الجهات الأمنية في مجلس النواب، واستعاضوا عنه بمؤتمر صحافي عقدوه في مطعم «شوغان».22222