طرابلس ــ عبد الكافي الصمد ـ نزيه الصديق
ازدادت الشائعات عن توقيف الأجهزة الأمنية لعدد كبير من العناصر الإسلامية الذين ذكرت بعض الجهات أنهم ينتمون إلى تنظيم «القاعدة». ووسط تكتم رسمي وشعبي على الموضوع تحدث شقيق أحد الموقوفين لـ«الأخبار» عن عملية التوقيف

اتسعت على نحو كبير دائرة القلق والترقب في طرابلس، وخاصة في الأوساط الإسلامية والسلفية منها على وجه التحديد، بعد «موجة التوقيفات التي طالت أكثر من 73 موقوفاً حتى الآن»، حسب مصادر مطلعة، أوضحت لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية «أفرجت عن بعض الموقوفين الذين اعتقلوا قبل نحو 20 يوماً، في حين أن من أوقفوا بعد ذلك ما زالوا قيد الاحتجاز». وكانت مناطق القبة وابي سمراء وباب التبانة وباب الرمل، في طرابلس، قد شهدت خلال الشهر الماضي حملة مداهمات أوقف على أثرها أشخاص ينتمون الى تيارات سلفية.
غير أن ازدياد عدد الموقوفين واتساع رقعة حملات المداهمة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية منذ مطلع هذا الشهر، دفعا أوساطاً إسلامية معنية الى إبداء تخوفها من أن «تُحدث هذه التوقيفات مشكلة كبيرة في البلد».
وأوضحت هذه الأوساط أن «التوقيفات بدأت إثر اعتقال مواطن سعودي في مطار بيروت، وأنه بعد الاشتباه فيه والقبض عليه أعطى أسماء أشخاص قال إنه يتعاون معهم في لبنان. وتبين بعد التحقيقات أن السعودي نائب قائد مجموعة متشددة يقيم رئيسها في طرابلس، وأن هذا الأخير، يمثل خطراً كبيراً على الاستقرار في لبنان، نظراً لامتلاكه أسلحة ومتفجرات».
في وسط هذا الجو الممزوج بالخوف والقلق، اتخذ ذوو الموقوفين قراراً بعدم التحدث الى وسائل الإعلام، خوفاً من أن يؤدي ذلك الى «إلحاق الأذى والضرر بأبنائهم»، حسب ما أوضح أحدهم لـ«الأخبار»، الذي فضّل «ترك الأمر للقضاء حتى يبت به نهائياً، بعد توكيل محام لمتابعة القضية».
وفي ظل هذا التخوف، ارتأى وليد ع.، شقيق الموقوف عمر ع.، التحدث لـ«الأخبار» التي زارته في منزله في حي ضهر المغر الشعبي في محلة القبة بطرابلس. وليد، الذي أقعدته إصابة تعرض لها أثناء الحرب، روى قصة شقيقه عمر الذي «أوقف لمدة خمس سنوات بعد اغتيال رئيس «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) الشيخ نزار الحلبي أواسط التسعينات، وكانت تهمته المعلنة حيازة اسلحة غير مرخصة، وقد أفرج عنه لاحقاً بعد أن تبين أن لا علاقة له بالموضوع». ويوضح وليد أن شقيقه عمر، الذي يمتلك باصاً صغيراً لنقل الطلاب، متزوج وأب لابنتين وصبي، قد اوقف منذ 25 يوماً تقريباً. فبعد استدعاء مخابرات الجيش له اكثر من مرة، طلب منه عناصر من المخابرات، كانوا بانتظاره عند خروجه من منزله، مرافقتهم، حيث اقتادوه الى وزارة الدفاع في اليرزة من غير ان يتعرضوا له بالعنف، قبل أن ينقلوه الى المحكمة العسكرية بعد استجوابه، ثم الى سجن رومية». ولفت وليد إلى أن «عناصر المخابرات قاموا لاحقاً بتفتيش عادي لمنزل عمر، بعدما اصطحبوا معهم شقيقه الاصغر لهذه الغاية»، مشيراً الى أن «زوجة عمر ووالدته وأحد إخوته زاروه، وأنه أخبرهم أن لا علاقة له بالموضوع الذي يروج في البلد، وأنه مستاء بسبب ذلك». غير أن وليد أوضح أن شقيقه عمر كان «يهيئ نفسه للحصول على جواز سفر من أجل تأدية مناسك العمرة، وأنه كان على اتصال بأقرباء له يعملون في أفريقيا من أجل الهجرة والعمل هناك، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وبعد سلسلة من المضايقات والتوقيفات الأمنية له، بسبب رفضه التعاون مع الأجهزة الامنية».
وعن سيرة شقيقه ومسلكه العام مع محيطه، أشار وليد الى أنه كان «محبوباً من جيرانه وأقربائه وأصحابه، نظراً لتدينه، وأن ما يُحكى عن انتمائه والمجموعة التي أوقفت إلى «تنظيم القاعدة» امر غير صحيح، لأن فكر هذا تنظيم «لا يمشي في لبنان»، بسبب تعدد الطوائف والمذاهب فيه؛ واذا كان سبب التوقيف هو تدّين شقيق فهذه عندها تصبح كارثة كبيرة، إذ فيما نرى ان الزعران يتركون ليصولوا ويجولوا، يتم القبض على الاوادم». الا ان وليد ابدى أسفا شديداً لما يتعرض له شقيقه وامثاله من «ممارسات كنا اعتقدنا انها قد ذهبت مع النظام السابق، الذي يفترض انه انتهى مع خروج السوريين من لبنان، فنحن تعرضنا سابقا لظلم لا يوصف، واستشهد لي شقيقان اثناء الحرب، أحدهما على يد الاسرائيليين والثاني على يد السوريين اواسط الثمانينات، واليوم نجد ان النظام الحالي اسوأ بكثير من السابق».
ويتساءل وليد: «اذا كان ثمن الإفراج عن موقوفي أحداث الضنية كان خروج سمير جعجع من السجن، فما هو ثمن الافراج عن الموقوفين اليوم؟ وهل سيكون ذلك بمثابة سعي للحصول على جائزة ترضية من الغرب يعمل المسؤولون عندنا من اجلها، على غرار ما حصل في احداث الضنية ومحاولة تفجير السفارة الايطالية؟». وهنا تدخلت زوجته وقالت: «يريدون بيع الموضوع للأميركان».