توفيت ظهر أمس في باريس، كبرى كريمات الرئيس الراحل رياض الصلح السيدة علياء الصلح، بعد إصابتها بأزمة قلبية عولجت منها في المستشفى الاميركي في باريس. وقد تقاطرت وفود المعزين من شخصيات فرنسية وأوروبية ولبنانية لتقديم التعازي بالفقيدة التي أدّت دوراً سياسياً وإعلامياً بارزاً على الصعيدين اللبناني والعربي طوال خمسين عاماً، وكتبت عشرات الدراسات والمقالات والمقابلات الصحافية التي نشرتها كبريات الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية. وتلقت أسرة الفقيدة سيلاً من التعازي من كبار المسؤولين اللبنانيين والعرب والأجانب وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد اميل لحود.عُرفت الراحلة بمواقفها الصلبة المعارضة للمكتب الثاني في عهد الرئيس فؤاد شهاب. رأست تحرير مجلة «الحسناء» عام 1969. في عام 1983 غادرت لبنان إلى فرنسا حيث أقامت لفترة طويلة فيها وفي الولايات المتحدة الأميركية. كتبت العديد من المقالات الافتتاحية لجريدة «النهار» نددت فيها بالوجود السوري في لبنان. وقد روت في إحداها أن الرئيس حافظ الأسد قال لها شخصياً «حين كنا صديقين أي زمن كان هو ما زال بداره وأنا بداري، إن حدود لبنان هي من صنع جنرال فرنسي، وإن زمن الاستعمار قد ولّى». فقالت له: «ربما، لكن للقاطنين وراء هذه الحدود، أي أهل لبنان، خصائص قومية تجمعهم تحت رايتها... خصائص جذورها جغرافية تاريخية إنسانية من أول مظاهرها: أن أهل لبنان رغم أساليب الحكم السائدة والضاغطة من حولهم، لم يسمحوا لجنرال أو كولونيل أن يقتحم السلطة على دبابة. ولم يكفوا عن قول «لا» للحكم الأوحد، و«لا» للرأي الأحادي». (النهار 20 آذار 2001)
ردت على الكاتب والصحافي محمد حسنين هيكل الذي نشر مقالاً في جريدة «الحياة» نسب فيه إلى والدها رياض الصلح أن الملك عبد الله (ملك الأردن) استدعاه ليقنعه بالصلح مع إسرائيل. فقالت: «نعم، حصل هذا اللقاء الطويل في تموز 1951 وحصل أطول منه في آب 1948، وفي اللقاءين عمل رياض الصلح جاهداً لإقناع الملك عبد الله باستئناف القتال ضد إسرائيل وبطرد الجنرالات الإنكليز الذين كانوا يقودون الجيش الأردني في ذلك الحين، وعززت قولها بإعادة نشر المذكرة الخطيرة التي بعث بها إلى رئيس الوزارة العراقية مزاحم الباجه جي عام 1948 والتي عرض فيها الأوضاع المتردية التي آلت إليها البلدان العربية. (الحياة 18 شباط 1997)
عادت الى لبنان في عام 2001 والتقت شقيقاتها الأربع في ذكرى اغتيال والدها ولم تلبث أن غادرت بيروت إلى باريس. فكرت يوماً أن تنتقم من قاتلي والدها، لكن سرعان «ما اقتنعت بأن أحسن انتقام له هو العمل على إبقاء ما استشهد أبي من أجله أي لبنان السيد الحر المستقل». (المسيرة 23 تموز 2001)
من مواقفها
ـــ «اذا ارتضينا بما نحن عليه الآن: حكم مصادر، ودولة مديونة، ومواطن جائع، وعلم ينهار، وشباب يهاجر فالدور لإسرائيل بلا جدال».
ـــ «قاطعوا من يسهّل لإسرائيل أهواءها، وذلك بنقل سفاراتهم من تل أبيب إلى القدس محتقرين الإرادة العربية ناكرين علينا الرأي المستقل، ومنكرين علينا الحق بالاحترام واللياقة. نحن نعرف أن أميركا هي الأقوى وأنها تعزّ من تشاء وتذل من تشاء، لكن لنتذكر أيضاً أنها قادرة على واحد منها عندما يسكت الآخرون، ولنتذكر أيضاً أنه حين كنا متحدين واستعملنا أخطر السلاح، وهو سلاح النفط، في وجه أعظم الأمم لم نمت بل عانقت مكانتنا وأموالنا السحاب».
يصل جثمان الفقيدة إلى بيروت صباح غد، وتقام الصلاة عن روحها عصراً في مسجد الإمام الاوزاعي حيث توارى في الثرى إلى جانب ضريح والدها الرئيس رياض الصلح. وتقبل التعازي في قصر رياض الصلح الكائن في منطقة بئر حسن قبل الدفن وبعده ويومي الأحد والاثنين في 28 و29 و30 الجاري.
(الأخبار)