إبراهيم عوض
مخاوف من لجوء وليامز إلى اعتماد أسلوب لارسن في تقريره عن الـ 1701

أولى المستشار السياسي الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز خلال زيارته إلى بيروت قبل أيام قضية شاحنــــــــة الأسلحــــــــة العائــــــــدة إلى «حزب الله»، التي ضُبطت الشهر الماضي في الحازمية، اهتماماً خاصاً، قبل إعداد تقريره المرتقب لتنفيذ القرار 1701 الذي سيرفعه إلى الأمين العام للأمم المتحــــــــدة بان كي مون في الثالث عشر من الشهر الجاري. وقد طرح أسئلة استفســــــــارية عنها على كل من التقاهم من مسؤولين وقيادات سياسيـــــــــــة وحزبية وعسكرية بعد الضجة التي أثيرت حولها، وخصوصاً من جانب قوى في فريق 14 آذار سارعت إلى استغلالها متهمة سوريا بمواصلة تزويد «حزب الله» بالسلاح ومخالفة القرار 1701، متجاهلة البيانات الرسمية التي صدرت وأوضحت أن الشاحنة لم تمر عبر الحدود السورية اللبنانية، وفسرت العملية يومها على أنها نقل معدات حربية من مستودع لآخر.
وفي لقائه مع وزير الطاقة والمياه المستقيل محمد فنيش الذي عقد في مقر وحدة الارتباط في «حزب الله»، بحضور المسؤول عن اللجنة الأمنية في الحزب وفيق صفا والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون، تناول وليامز مسألة الشاحنة فزوده فنيش بشرح وافٍ عنها، مشيراً إلى أنه موضوع داخلي لا علاقة له بالقرار 1701، نافياً بشدة قدومها من خارج لبنان، موضحاً أن الأمر يتعلق بعلاقة المقاومة مع الأجهزة الأمنية وكذلك بأحقية المقاومة في امتلاكها السلاح وفقاً لما ورد في البيان الوزاري.
وذكرت معلومات أن وليامز اطلع لاحقاً على نص الفقرة الواردة في البيان المذكور والمتعلقة بالمقاومة والتي جاء فيها ما حرفيته: «تعتبر الحكومة (الإصلاح والنهوض) أن المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير أرضه، والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع الإسرائيلية، والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية والاستمرار في رفض التوطين الذي يخل بالحق العربي الفلسطيني ويتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني».
ولم تفت فنيش الإشارة أمام محدثه إلى أن لبنان اليوم «محل مراقبة بكل الوسائل والتقنيات، ولو كان لدى الإسرائيليين أو حتى لدى الأميركيين أي دليل على استحضار سلاح من الخارج لكانوا أثبتوه وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها حوله». كذلك ذكر فنيش أن القرار 1701 لم ينص على نزع سلاح حزب الله.
وفيما أبدى وليامز ارتياحه للقاء، أعلن في تصريحه للصحافيين أنه «مرتاح لالتزام الحزب بالقرار 1701». كما كشف قبل حصول اللقاء «أن الإسرائيليين أثاروا معه بحزم موضوع السلاح وأبدوا قلقهم من التقارير التي تردهم حول تهريب قذائف من سوريا».
وإذا كان جواب «حزب الله» على استفسارات وليامز بشأن السلاح قد كشف إلى العلن، فإن أوساطاً سياسية متابعة تساءلت عما سمعه الأخير من جانب فريق السلطة وما زوده به الرئيس فؤاد السنيورة بهذا الخصوص، آملة ألا يتكرر مع وليامز ما سبق أن فعله زميله تيري رود لارسن في أكثر من تقرير له عن القرار 1559، حيث استند في تقريره الأخير الذي صدر قبل نهاية العام الماضي، إلى معلومات عن «مواصلة سوريا تهريبها الأسلحة إلى لبنان» قال إنه تلقاها من «مراجع حكومية لم تقدم تفاصيل عن كميات هذه الأسلحة»، الأمر الذي نفاه كل من رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والخارجية الياس المر وفوزي صلوخ. كما استدعى السنيورة يومها بيدرسن طالباً إليه الاستعلام عن الجهة التي استند إليها لارسن في تقريره، مؤكداً له أن لا أحد في الحكومة أدلى بمثل هذه المعلومات. وقد وعد بيدرسون رئيس الحكومة بالعودة إليه فور تلقيه التوضيحات اللازمة من الأمم المتحدة، لكن لم يعرف إذا كان هذا الأمر قد حصل أو لا، علماً بأن الوزير صلوخ كان قد أبلغ وليامز خلال زيارته السابقة إلى بيروت في العاشر من شهر تشرين الثاني الماضي استياء لبنان مما ورد في تقرير لارسن.
وأبدت الأوساط السياسية المتابعة عدم اطمئنانها إلى ما سيرد في تقرير وليامز عن موضوع السلاح، واستندت في ذلك إلى موقفين صدرا عن بيدرسون، الأول مسارعته إلى «تبييض صفحة» صديقه لارسن إثر ضبط شاحنة الأسلحة في الحازمية وقوله «إن لارسن كان على حق في تقريره»، متجاهلاً بدوره المعلومات الرسمية التي تحدثت عن قضية الشاحنة. والثاني كلامه في مجلس خاص رداً على سؤال إذا كان تقرير وليامز سيلقي اللوم هذه المرة على إسرائيل، إذ أجاب سائله مبتسماً: « أنصحك بعدم الغرق في التفاؤل».
هذا وقبل أيام على صدور تقرير وليامز المتعلق بتنفيذ القرار 1701 سألت «الأخبار» كلاً من قيادة الجيش، والمديرية العامة للأمن العام، ومديرية الجمارك، عن الجديد في موضوع السلاح. وقد أجمعت المؤسسات الثلاث على تأكيد عدم حصول أي عمليات تهريب أسلحة لـ«حزب الله» عبر الحدود السورية. وقال مصدر عسكري مأذون إن الوضع ممسوك من الجيش على طول الحدود اللبنانية ــــــ السورية وفي البحر أيضاً، وذكّر بما أدلى به وزير الدفاع إلياس المر في مقابلة تلفزيونية أخيرة له، إذ قال جازماً بأنه «لا يمكن للبرغشة أن تمر حيث يوجد الجيش».
من جهته أفاد مصدر مسؤول في الأمن العام بأن هناك التباساً لدى الكثيرين بما يخص دور الأمن العام في هذا الموضوع، موضحاً أن مسؤولية رجال الأمن العام على الحدود وفي المطار والمرفأ هي ضبط عملية دخول وخروج المسافرين والوافدين والتأكد من هوياتهم وجوازات سفرهم وإذا كانت هناك ملاحقات قضائية بحق أحدهم، إلى غير ذلك من الإجراءات الخاصة بحركة السفر. ولفت إلى أن الجهة المسؤولة عن التفتيش على الحدود وفي الموانئ هي الجمارك التابعة لوزارة المالية، مستغرباً في الوقت نفسه أن يعمد من يريد تهريب السلاح بكميات كبيرة إلى استخدام المعابر الرسمية.
بدوره، قال رئيس المجلس الأعلى للجمارك أكرم شديد إن شاحنة الأسلحة التي ضُبطت أخيراً لم تعبر الحدود السورية ــــــ اللبنانية، لكنها ضُبطت أثناء تنقّلها داخل الأراضي اللبنانية. ولدى سؤاله عما إذا كانت هناك شاحنات مماثلة تعبر الحدود السورية أجاب: «لو شفناها لأوقفناها»، لكن ذلك لم يحصل.