طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
يدور صمت مريب حول حقيقة ما يجري في طرابلس على أبواب مكتب السجلّ العدلي في المدينة، ترافقه محاولات للتعمية ترمي إلى «تجهيل» الهدف من اندفاع مئات الشبان (من سن الـ 18 إلى سن الـ 25)، للحصول على سجلّ عدلي، تمهيداً لتأمين «وظيفة دائمة» مع «راتب مغر» و«تقديمات صحية واجتماعية». فهل إن ما يجري التحضير له هو تأمين وظائف «أمنية» لآلاف الشباب، أم السعي لإنشاء «ميليشيا» جديدة؟!
إضافة إلى ذلك، ما هي حقيقة الشائعات التي تضجّ بها طرابلس وبقية المناطق الشمالية هذه الأيام، عن صحّة ما يُروى لجهة الاستعدادات التي يقوم بها أشخاص تابعون لتيار سياسي بهدف إنشاء «شركة أمنية»، تضمّ حسب المعلومات ما لا يقلّ عن 3 آلاف عنصر كحد أدنى، و7 آلاف كحد أقصى؟ في ظلّ تساؤلات تطرح حول ما إذا كانت هذه الشركة الأمنية هي مجرد غطاء شكليّ يخفي وراءه استعدادات قائمة لتأليف «ميليشيا» مسلحة؟
هذه الشائعات والتساؤلات نبعت بعد بروز مشهد غير مألوف أمام مكتب السجل العدلي في منطقة التلّ بطرابلس، تمثّل في الازدحام الذي تسبّب به عشرات الشبان الذين تجمّعوا في سبيل الحصول على سجل عدلي، ووصل الأمر إلى حدّ تدخّل القوى الأمنية لئلّا تؤدي هذه العجقة، غير المعهودة سابقاً، الى عرقلة حركة وقوف ومرور السيارات، في منطقة تتسم عادة بازدحام السير.
الشبان المتجمعون في الشارع، وعلى الرصيف الملاصق لمدخل مكتب السجل العدلي الكائن في الطبقة الأولى من المبنى، تبيّن أن معظمهم قادمون من مناطق: طرابلس، عكار، المنية والضنّية، لفت بعضهم إلى أن هدفهم من الحصول على سجل عدلي هو «من أجل تأمين وظيفة وُعدنا بها، في شركة أمنية تابعة لـ«تيار المستقبل»، في لبنان والخارج!».
ومن غير أن تتضح خلفيات الموضوع وحقيقته، يضيف آخرون انهم أتوا للحصول على سجل عدلي «بناءً على طلب من مسؤولين في «تيار المستقبل»، في حين لم يتوان فضوليون عن الإشارة إلى أنهم سمعوا بأن «هناك وظائف يقتضي على من يتقدم إليها أن يضمّن أوراقه الثبوتية سجلاً عدلياً، فأتينا لنحصل عليه!».
غير أن معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر متعددة، أوضحت أن أشخاصاً منتمين أو متعاطفين مع «تيار المستقبل»، وبعضهم عسكريون سابقون، يشرفون على الموضوع، وأن الرواتب المقترحة لمن يتم قبوله تتراوح بين 400 ألف ليرة شهرياً للأعزب، و700 ألف ليرة للمتزوج، على أن يحصل الشاب الحائز شهادة جامعية على مرتّب أعلى ومركز أفضل!».
وأفاد أشخاص فضّلوا عدم ذكر أسمائهم أنهم ذهبوا بأنفسهم الى «مكاتب معينة في طرابلس، من أجل اكتشاف حقيقة الأمر، بعدما استدلّوا عليها من قبل آخرين ناشطين في «تيار المستقبل»، وتبيّن بعد الالتقاء ببعض المسؤولين فيها أن المطلوب الحصول على خدمات شبان يتمحور نطاق عملهم في المجال الأمني والمخابراتي!».
غير أن مسؤولاً معنياً في «تيار المستقبل» في طرابلس أوضح لـ«الأخبار» أنه «لا علم لنا بما يحدث، ولم يكلّفنا أحد من بيروت بهذه المهمة أو ما يمتّ إليها بصلة، وأنه لم يخبرنا أحد من المسؤولين في التيار بهذا الموضوع، وأن كل ما يصل إلى أسماعنا هو ما يُحكى في الشارع الطرابلسي»، لافتاً إلى أن «ما يتردد عن علاقة أحد العسكريين المتقاعدين (م. ق) بالأمر وإشرافه عليه ليس صحيحاً، لأنه ليس لديه في الأصل أي صفة في «تيار المستقبل» في طرابلس والشمال».
في موازاة ذلك، تناولت الصحف المحلية الصادرة في طرابلس هذا الموضوع، من غير أن تشير بالإسم إلى أي جهة، وإن كانت التلميحات و«التلطيشات» قد حددت بشكل غير مباشر الجهة والمسؤولين عنها. فجريدة «التمدن» تساءلت حسب قول «أحد الظرفاء: هل تريد الشركة إفادة تقول إن «لا حكم عليه»، أم إنها تريد إفادة يرد فيها «حكم عليه»؟ وفي حين أبرزت جريدة «حرمون» مطالبة «المخاتير في عكار وبقية الأقضية الشمالية الجهات المختصة بضرورة إنشاء مراكز في أقضيتهم، وطالبوا الوزارة المعنية بافتتاح مركز خاص في محافظة عكار لأجل تسهيل شؤون العكاريين»، أبرزت جريدة «الرقيب» الموضوع تحت عنوان «شائعة مرعبة و«صورة» فاضحة!».