غسان سعود
قنوات الاتصال فتحت بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر

انقضت الساعات الثماني والأربعون التي تحدث عنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإعلان التسوية التي تم التوصل إليها إثر القمة السعودية ـــ الإيرانيّة، من دون أن تظهر الثمار.
إلا أن عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني يعزو سبب التأخير إلى وجود «حل شامل» يتحضّر، لكنه يحتاج إلى إنضاج، معرباً عن اعتقاده بأن الرئيس بري «كان ربما متفائلاً أكثر مما يجب. فيما هناك إجماع على أن الحل لن يعلن قبل القمة العربية».
وفيما تحاط البنود المتداولة للحل بكتمان شديد، يشير نواب في كتلة «المستقبل» إلى أن لا معلومات لديهم خارج التسريبات التي تكشف في الصحف. فيما يسأل أحد قادة الموالاة الثانويين عمّا سيحصل لو استقال وزراء المعارضة بعد إعطائهم «الثلث الضامن»؟ ولا ينتظر القطب «اليساري» إجابة زميله البيروتي، فيسارع إلى التوضيح بأن الحكومة ستُعتبر، حينها، مستقيلة، وستوزع صلاحيات السلطة الثالثة على الرئاستين الأولى والثالثة. وهكذا يُستكمل «الانقلاب» بمعنى سيطرة فريق «الأقلية النيابية» على السلطات الثلاث، وهذا الواقع الذي قد تذهب المعارضة «المغامرة» باتجاهه غير مستبعد، وخصوصاً أن التحدي لا يقتصر على إقرار مشروع المحكمة الدولية، بل ثمة «روزنامة خلافية طويلة» تنتظر الإقرار خلال الأشهر القليلة المقبلة. من هنا فإن الاتفاق اللبناني ـــ اللبناني برعاية عربية، الذي كان ممكناً التوصل إليه لم يرق للموالاة، وانقسموا داخل الفريق الواحد إلى مجموعتين.
رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري سعى إلى تعهد صريح من الدول الإقليمية «المحركة» للمعارضة أمام المملكة العربية السعودية بعدم الإخلال بسلة الاتفاق، وبتمرير مشروع المحكمة الدولية مع تعديلات شكليّة. فيما رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع وعدد من «صقور» تيار المستقبل أرادوا تجنب الاتفاق، وفق سيناريو شل حركة المعارضة، عبر استمرار الحكومة بتصريف الأعمال، وانتهاء ولاية الرئيس إميل لحود من دون انتخاب رئيس جديد، ومن دون قدرة لحود على تعيين قائد الجيش ميشال سليمان رئيساً لحكومة انتقالية عسكرية، تذهب صلاحيات الرئاسة الأولى إلى الثالثة، ويصبح كل ما يوقعه السنيورة نافذاً، وتحل كل المشاكل من دون الحاجة لانعقاد المجلس النيابي. والمطلوب وفق هذا السيناريو، إبقاء الوضع في ثلاجة الانتظار تسعة أشهر كحد أقصى.
كان رأي المجموعة الثانية أكثر جاذبية، وخصوصاً بعد تعثر مخطط المعارضة في أكثر من استحقاق، لكن دخول روسيا على خط التسوية، وإشهارها ورقة الفيتو بوجه ما لا يتفق عليه كل اللبنانيين، وسعي السعودية لاستعادة موقع المرجعية لكل اللبنانيين من دون استثناء، وبدء التقارب الأميركي ـــ السوري تحت مظلة الأمن في العراق، دفع الموالاة صوب التزام خيار المجموعة الأولى.
واليوم، بحسب أحد نواب «المستقبل» فتح باب الحل، والاتفاق حتى الساعة، بحسب النائب نفسه، شبه ثلاثي، يضم تيار المستقبل، حزب الله وحركة أمل، لا لسبب طائفي وإنما لأن تعاطي المستقبل ـــ حزب الله يسرع في إيجابية النتائج، بحكم قربهما من الجوّين السعودي والإيراني.
من ناحيتها، تبدو المعارضة أكثر تفاؤلاً في إعلان التسوية، ويقول أقطابها إن المعالم باتت واضحة، عنوانها «تلازم وتزامن» بين إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي وتأليف حكومة الوحدة الوطنية التي تحظى فيها المعارضة بالثلث الضامن. ويشدد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب فريد الخازن على أن التعديلات على المحكمة الدولية لن تمس جوهر عملها، أو قدرتها على إنجاز مهمتها كاملة. ويوضح أن هذا المبدأ كان مطروحاً منذ اليوم الأول للأزمة. لكن الآن فقط، أخذ الحل مداه الداخلي والخارجي. ووصل الفريقان الى خاتمة المسائل المطروحة، والسبب الرئيس في صعوبة لبننة الحل هو أن المحكمة تخص لبنان، لكنها بتأثيرها تتجاوز الواقع اللبناني.
وعلى صعيد آخر، تنظر المعارضة بإيجابية إلى إعادة فتح قنوات الاتصال بين تياري المستقبل والوطني الحر، بعد الحادث الذي تعرض له القيادي في التيار جبران باسيل.
ويؤكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، في هذا السياق، أنّ التسوية اللبنانية ستحصل، وأن من يربط ويفكّ ويعبّر عن موقف السلطة هو النائب سعد الحريري، لا من يتبوأ الإعلام والمنابر، وخصوصاً من يعيش منهم على التناقضات والخلافات. ويرى أن «المستقبل» هو ضحية لتحالفاته، ولو ترك القرار له وحده، لكانت تغيرت أمور كثيرة. والآن، بحسب نقولا، عادوا إلى الطريق الذي يجب أن تسلكه أكبر كتلة نيابية. ويؤكد النائب المتنيّ أنهم يحاورون اليوم «تيار المستقبل» بعد أن مدّ لهم يده، وهم حتماً يرحبون بالحوار مع أي طرف، من دون استثناء.
وبالعودة إلى الحل، تقول مصادر الرئيس بري إن نقطة قوته الرئيسية هي في استحالة قدرة فريق من الفريقين على القول، ولو بعد بضعة أسابيع أنه انتصر بواسطته على الفريق الآخر، وأنه سيفرض على كل الأفرقاء الجلوس حول طاولة واحدة.