strong>إبراهيم عوض
تساؤلات عن توضيح مكتب رئيس الحكومة لتاريخ حديثه إلى «التايمز» والإبقاء على مضمونه

حتى الأمس القريب كانت قوى 14 آذار تحمل على دمشق وطهران معاً وتتهمهما بالتسبب في المصائب التي تحل بلبنان، حتى باتت عبارة «أمر عمليات سوري ـ إيراني»، التي ترددها تلك القوى لاظهار فريق المعارضة على انه المتلقي له والمنفذ لتعاليمه، لازمة في كل تصريح او خطاب لقادة الاكثرية واقطابها بمن فيهم كبيرهم وصغيرهم.
في الايام القليلة الماضية طرأ تبدل، وان طفيفاً، على هذا التوجه وأضحت ايران بلداً مساعداً على حل الازمة في لبنان. وطلعت اصوات من داخل «14 آذار» ترحب بمبادرتها وتبدي اهتمامها بالمباحثات التي اجراها ويجريها رئيسا مجلسي الأمن القومي في السعودية وإيران الامير بندر بن سلطان وعلي لاريجاني، وتأمل خيراً من اجتماع القمة الذي عقد أخيراً بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الايراني احمدي نجاد. وذهب رئيس «كتلة المستقبل» النيابية سعد الحريري الى حد القول في بروكسل اثر اجتماعه مع الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا «ان ايران والمملكة العربية السعودية حريصتان جداً على المنطقة ولديهما فكرة جيدة عن الحل، وفي الايام المقبلة تتبلور المشاورات الجارية في البلدين في حلول ايجابية على الوضع اللبناني الداخلي.
وجاء كلام الحريري هذا ليناقض ما كان يصدر عنه من مواقف تحاكي معزوفة «أمر العمليات السوري ــــــ الايراني» السابق ذكرها، والتي بلغت اوجها في الخطاب الذي ألقاه خلال شهر رمضان الماضي ووصف فيه يومها قصر المهاجرين بـ «قصر المتاجرين».
واذا كان الحريري واعضاء كتلته النيابية خصوصاً، قد ابعدوا ايران في الوقت الحاضر عن دائرة استهدافهم السياسي وأبقوها محصورة بسوريا، فإن اللافت لم يكن في مضي رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالتصويب على الدور الايراني، كل على طريقته، بل في خروج رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عن خط «المستقبل» المهادن لايران وسلوكه منحى آخر مختلفاً، الامر الذي فتح الباب واسعاً امام تساؤلات عن موقع السنيورة الفعلي في فريق 14 آذار وما اذا كان لا يزال على ولائه الكامل لـ «تيار المستقبل».
فقد فوجئت الاوساط السياسية بنشر مجلة «التايم» الاميركية كلاماً منسوباً الى رئيس الحكومة قال فيه انه «لا امكان للحل في لبنان من دون الولايات المتحدة الاميركية».
واتهم سوريا بـ «السعي لتعطيل المحكمة الدولية» كما اتهم ايران بأنها «تهدف لاقامة دولة قد تكون تابعة لها في لبنان بهدف مد نفوذها في المنطقة».
الا ان السنيورة الذي استدرك الامر على ما يبدو، بعد أن بلغته اصداء وقع كلامه في الرياض خصوصاً وفي وطهران، والذي تزامن مع انعقاد القمة السعودية ــــــ الايرانية، حرص على تصويب مسار التصريح المذكور بإطلاق كلام آخر اسمعه الى رؤساء تحرير ومسؤولي وسائل اعلام شمالية التقى بهم اول من امس حول مأدبة غداء اقيمت في السرايا الحكومية قال فيه: «ان التواصل الايجابي ما بين المملكة العربية السعودية وايران مهم جداً من اجل وقف اي فتنة مذهبية. وليس في مصلحتنا ان يصار الى شن حرب على ايران». مشيراً الى انه كان من «اول الداعين إلى اجراء المصالحة التاريخية بين االعرب وايران».
الا ان ما صدر عن مكتبه الاعلامي لاحقاً من توضيح، وأن حديثه لـ «التايمز» ادلى به قبل شهر من دون ان ينفي مضمونه بحيث ظل ساري المفعول، ابقى التساؤلات السابقة على حالها لا بل زاد الصورة غموضاً وكبر معها الحديث عما يرمي اليه السنيورة.
وقد حاولت اوساط سياسية متابعة رصد ردود فعل الجانب الايراني على التصريحات التي ادلى بها رئيس الحكومة فلمست استياء من هذا التصرف، وثمة من ادرجه في سياق الحملة التي شنها جنبلاط على ايران من واشنطن، مع ما يعني ذلك من رسالة اميركية واضحة لا تعارض مساهمة ايران في حل الازمة اللبنانية فحسب بل قيام المملكة العربية السعودية ايضاً بدور فاعل في هذه المسألة، خصوصاً اذا لم يكن هذا الدور وفقاً للرغبات الاميركية.
وتذكّر هذه الاوساط هنا بالمبادرة السابقة التي توصل اليها رئيس البرلمان نبيه بري والنائب سعد الحريري بمباركة سعودية وتشجيع منها، وكادا أن يعلناها من عين التينة وقريطم لو لم يسارع جعجع الى رفضها ويعمد السنيورة الى التلويح بالاستقالة إذا جرى العمل بها، مع الاشارة الى ان هذه الواقعة جرى تداولها في عدد من وسائل الاعلام ولم يصدر اي نفي او توضيح بشأنها، مما يعني صحتها.