الجامعة اللبنانية ـــ سوزان هاشميمضي سامي قشاقش (سنة ثانية أدب انكليزي) كل وقته في الكافيتيريا، من دون أن يعرّج على صفه. «هون الجو بيسلّي»، يقول متبرّماً من مجال اختصاصه الأكاديمي. ويضيف علي غملوش (سنة أولى سياسة) مبرّراً هربه من الصف، ان «الحضور مثل قلّتو، وغالبية الأساتذة بيسمّعوا الدرس تسميع». ويوافقه محمد الغول (سنة ثانية هندسة صناعية) الرأي، فيعتبر أن منهجية النظام التربوي «فيها حشو، كما ان الجو مملّ في قاعات الدراسة، بس هون منتسلّى».
ربما يكون الملل من محاضرات الجامعة ورغبة الانعتاق كالفطر، ما يجعل كافيتيريات كليات الفرع الخامس في صيدا تعجّ بالطلاب على نحو دائم، ما أسهم في تكاثرها وانتشارها كالفطر، فبلغ تعدادها اثنتي عشرة كافيتيريا. وبذلك يكون العدد قد ازداد ضعفين وأكثر، مقارنة بالأعوام الأربعة الماضيةتكاد المقاعد في الكافيتيريات تكون محجوزة كلها في كثير من الأحيان. ويبدو، على قول الطالبة ثروت جوني (رابعة حقوق) إنه «لو صار في مئة كافيتيريا، كلها بيمشي حالها، وبتبقى العجقة هي هي». بينما يشكو أساتذة الجامعة من نسبة حضور طالبي في الحصص متدنّية تصل إلى ما دون الخمسين في المئة، ولا سيما في كليات الآداب والحقوق والعلوم السياسية والعلوم الاجتماعية.
وتستقبل هذه الكافيتيريات طلاب الكليات الخمس (الحقوق والعلوم السياسية، العلوم الاجتماعية، الآداب ومعهد التكنولوجيا)، كما أنها «مزار لـ«الشبّيحة»، ولا سيما من عناصر الدرك، فمعظمهم يأتي لرمي شباكه واصطياد قلوب صبايا الجامعة»، بحسب ما يقول «الزائر» وسام حسن.
تقع كافيتيريات الجامعة خارج حرمها، باستثناء واحدة أنشئت حديثاً في معهد التكنولوجيا، بعدما أقفلت كافيتيريا الحقوق والعلوم السياسية، لانتهاء عقد الإيجار. ويشير رئيس مجلس الطلاب في الكلية محمد غزلي، إلى أن «المجلس طلب من الإدارة المركزية في الجامعة اللبنانية أن يتولّى استئجارها، غير أن «البدل» المطروح كان باهظاً جداً». ويردف: «يجب حصر الكافيتيريات في حرم الجامعة وإقفال كل ما هو في الخارج لغياب الرقابة عليها». هذا الطلب أجمع عليه الكثير من الطلاب.
«على شكلو شكشكلو»
رغم تضخّم عدد الكافيتيريات فالطلاب لا يحارون في الاختيار بينها، نظراً لتصنيفها بحسب الأجواء من جهة، واللون السياسي من جهة أخرى، وبذلك يتم إرضاء جميع الأذواق، فأحمد صفاوي (سنة ثالثة حقوق) يفضّل أن يقصد الكافيتيريا الهادئة التي يغيب عن أجوائها «الانفلات الأخلاقي».
أما أيمن نجمة (ثانية هندسة صناعية) فيبتعد عن الكافيتيريا «ذات الصبغة الزرقاء»، لتعارضها مع «دمه اليساري». لذلك يجتمع الرفاق في إحدى الكافيتيريات التي تنسجم مع أجوائهم.
صارت مقاهي عامة
خرجت بعض كافيتيريات الفرع الخامس في صيدا عن إطارها الطبيعي في تقديم المأكولات لتصبح أشبه بمتنزّهات ومقاه عامة. وما يكرّس ذلك مشهد النراجيل المصفوفة في معظم الكافيتيريات، إضافة إلى طاولات لعب الورق في بعضها، حيث يمضي الشباب أوقاتهم في لعب «الشدّة، أربعميّة، أربعتعش...».
الكافيتيريا بالنسبة للكثير من الشباب منفذ، ليس فقط من ضغوط المحاضرات، بل من القيود والتقاليد الاجتماعية المفروضة عليهم. ويرى علي غملوش أن «منع الأهل أولادهم، ولا سيما الصبايا من السهر هو الذي يدفعهم لصرف معظم أوقاتهم في الكافيتيريا، تعويضاً عن هذا الحرمان، وخصوصاً أن معظم الكافيتيريات تتوافر فيها الموسيقى الصاخبة وأجواء المرح.