الوحدة وفاءً لذكرى كمال جنبلاط
  • جمانة أرسلان سعيد

    مفكر وفيلسوف ومناضل سياسي عريق، له العديد من المؤلّفات في مختلف المواضيع، التي تهمّ الإنسان وتحاكي قضاياه في كل مكان من هذا العالم، الذي يتخبط بالمشاكل والاضطرابات. ولأهمية هذه المؤلفات وقيمتها، ترجم عدد منها الى لغات عالمية. كما كتب عنه وعن تجربته الغنية الفريدة، كتّاب عالميون لهم مكانتهم الكبيرة بين أهل الفكر والثقافة والأدب والمعرفة والسياسة.
    المعلم القائد الخالد الشهيد كمال جنبلاط، تحلّ ذكرى استشهاده الثلاثون، ومنطقتنا العربية تتعرض لأخطار شديدة، تستهدف أمنها ووحدتها وثرواتها الكثيرة المتنوعة. هذا إلى جانب ما يشهده لبنان الآن، من انقسام خطير، يهدد وحدته الوطنية، التي كان الشهيد العظيم، يؤكد دوماً على وجوب صونها، من أي محاولات خارجية، ترمي إلى ضربها، وتالياً تحويل الوطن الى كيانات طائفية ومذهبية ضعيفة وهزيلة، ما يضطرها الى الخضوع لنفوذ الأجنبي وهيمنته. وهو المتربص بنا، ويسعى باستمرار، جاهداً، من دون كلل أو ملل، الى مصادرة قرارنا الحر، وربط اقتصادنا بعجلته التي تدور في غير مصالحنا الوطنية والقومية، وذلك في سياق سياسته الاستعمارية، التي تعتمد مبدأ «فرق تسد» الشهير، وترمي الى تشويه هويتنا، فضلاً عن تذويب انتمائنا الى محيطنا العربي، هذا المحيط الطبيعي، الذي نعتبر أنفسنا جزءاً عضوياً منه، ولا يمكننا الانسلاخ عنه مهما كانت الأسباب والظروف والحجج. وهو ما أكدته أحداث التاريخ على مرّ الزمن.
    كمال جنبلاط، هذا الثائر بعناد وصلابة كي يعيش الإنسان حراً، ومتمتعاً بجميع حقوقه الأساسية، يبقى مدرسة ومنارة فكرية، للأجيال الحاضرة والقادمة، وخصوصاً في ظل مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد، وما نسمعه من مخططات أخرى. نجّانا المولى العليّ القدير شرورها والويلات.



    الضحية... نحن

  • جاد الزهر

    لم يعد يختلف اثنان بعد الآن على أن الحل للأزمة اللبنانية قد تجاوز بعده الداخلي إلى ما هو إقليمي ودولي، ولم يعد يمكن النظر إليه إلا من خلال النافذة العراقية الفلسطينية، أو البوابة السورية الإيرانية. ولم يعد تشابك الأزمة وتعقيداتها إلا انعكاساً للأزمات الدولية التي تبدأ بالمستنقع الأميركي في العراق، ولا تنتهي بالحصار المفروض على سوريا عربياً ودولياً إلى ما هنالك من تناقضات تقع بين هذين الواقعين. فأميركا ترى في حكومة السنيورة آخر ما بقي لها من حصون طروادة القرن الواحد والعشرين التي تحمي مشروع الشرق الأوسط الكبير خلفها، وخصوصاً أنها تقف وجهاً لوجه مع حزب الله، القوة الناطقة في محور المناورات العسكرية الإيرانية والتناور الدبلوماسي السوري.
    ومن المضحك المبكي أن كلاً من أطراف الصراع الداخلي اللبناني يتهم الآخر بالتبعية ويدعي لنفسه دون الآخر استقلالية القرارات التي يتخذها دون أي تدخل خارجي، لكن ما أن لاح في الأفق موضوع لقاء القمة السعودي ــــــ الإيراني، حتى راح معظمهم يتحدثون عن انفراج في الأفق المسدود حين هرع الآخرون إلى الولايات المتحدة لاستباق اللقاء السعودي ــــــ الإيراني تخوفاً من أي تسوية يكونون ضحيتها أمام هذا الواقع. يجب أن نسأل أنفسنا نحن المعتصمين منذ مئة يوم في العراء أو نحن المدافعين عن الحكومة من خلال دهس المحتجين على ديموقراطيتنا بالسيارات أو بإطلاق الرصاص تجاهم. هل نسي آباؤنا مآسي الحرب الأهلية، أم لم يقرأ عنها أبناؤنا، ونحن أبناء وطن العلم والثقافة؟ كيف لنا أن ندير آذاننا بعد الآن لمن يعطينا دروساً في الوطنية صباحاً ويطلب من دولة أخرى تسمية الوزير الملك لحكومتنا السيادية العتيدة مساء؟ وزير يمثل كل لبنان، ولا يمثل متسولاً واحداً في مضارب الدولة المعينة. عرفوا لنا الحرب الأهلية بأنها حرب الغير على أرضنا، وما أمراؤها إلا مجرد أتباع، لكن ما ضحاياها إلا نحن من دونهم، فما بالنا موالين ومعارضين نقرع أبواب التاريخ بكل عنف كي يعيد نفسه!