strong>أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الحكومة، لقب الحكومة البتراء، محمّلاً رئيسها فؤاد السنيورة مسؤولية فشل طاولة التشاور. كما حمّل الـ«فولكلور» الذي حصل في المجلس، أمس، مسؤولية «توجيه ضربة قاصمة» إلى الحوار بينه وبين النائب سعد الحريري
عقد بري مؤتمراً صحافياً في عين التينة أمس، في حضور أعضاء «كتلة التنمية والتحرير» وعدد من قادة حركة «أمل» وحشد من ممثلي وسائل الإعلام اللبنانية العربية والأجنبية، خصّصه لشرح مراحل الحوار والتشاور واستقالة الوزراء، استهلّ بري كلمته بتوجيه الشكر الى المملكة العربية السعودية، بشخص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إضافة الى قادتها وسفيرها في لبنان عبد العزيز خوجه على «الرعاية والاهتمام الدائم بلبنان والمساعي المضنية والمتابعة الدقيقة للمسألة اللبنانية ومحاولة إيصالها الى برّ الأمان»، كما شكر المصريين على مساهماتهم، والسوريين على تجاوبهم، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على دوره المتواصل، والمسؤولين الإيرانيين والسفير محمد رضا شيباني على «تحمّلهم مرّ الكلام والسهام من أجل لبنان، وعلى مساعيهم بجانب إخوانهم السعوديين لتجنيب لبنان أي فتنة أو شدّة». كما شكر جميع المبعوثين الدوليين والسفراء الأجانب الذين «أثبتوا أنهم حريصون على لبنان، أكثر من حرص اللبنانيين أنفسهم على أنفسهم».
وإذ أكّد استعداده الدائم للقيام بما تفرضه عليه مسؤوليته الوطنية، انطلاقاً من مدرسة الإمام الصدر، استعرض مراحل الحوار والتشاور واستقالة الوزراء وصولاً الى اجتماعات الحوار الأخيرة مع رئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري، موضحاً أن فشل التشاور حصل «عندما أقدم الرئيس فؤاد السنيورة على الاستعجال في تعيين جلسة للبحث في مشروع المحكمة الدولية، من دون أن يكون هذا المشروع قد وزّع إلا قبل 36 ساعة، وبعدما أعطى وعداً بأن الجلسة يمكن أن تكون يوم الخميس».
وفي هذا الإطار، أضاف: «نهار الجمعة الذي سبق، وصلنا مشروع المحكمة قرابة العاشرة ليلاً من الرئيس السنيورة، وكنت قد استأذنت لجنة التشاور للذهاب الى طهران لحضور مؤتمر. وتكلم معي الرئيس السنيورة، فقلت له: إياك أن تفكر في عقد جلسة كما المرة الماضية. فالمرة الماضية تسبّبت بمصيبة سبعة أسابيع اعتكافاً. وفي المرة الثانية، تصبح القصة أكبر وتمثّل لنا مشكلة. فقال: لا.. فقلت له: على كل حال، نحن سنلتقي غداً السبت في التشاور يا دولة الرئيس، فأي جلسة تكون بالتوافق في ما بيننا ونتفاهم. وبعد ساعة، حضر صديقنا وليد جنبلاط ليزورني، فقلت له: أنا أخشى أن يقدم الرئيس السنيورة على هذا العمل. فسألني: متى تعود من طهران؟، فأجبته: يوم الأربعاء مساءً. فقال: لا، الجلسة تكون يوم الخميس. فاطمأننت لوعدين. وفي اليوم التالي من جلسات التشاور، جنبي الى جنب الرئيس السنيورة وكتفي الى كتفه، تمّ تعيين الجلسة من دون أن نعلم. واكتشفت بعد ذلك أن السنيورة كان قد اتصل برئيس الجمهورية، وقال له: إذا رغبت في حضور الجلسة وأردتها أن تكون يوم الثلثاء أو الأربعاء أو الخميس أو الجمعة أو السبت، فلا مانع. فلماذا تعطى هذه المواعيد لرئيس الجمهورية، مع احترامنا له، بينما لأجل الوفاق والخوف من فتنة داخل الطائفة الإسلامية لا يعطي 48 ساعة؟. الآن، أين هي المحكمة الدولية؟. بالأمس، تقرير القاضي سيرج برامرتس قال إنه في حاجة الى سنة إضافية. أليس حراماً أن نجني بعضنا على بعض؟ سأفترض أن الناس كانوا يراوغون، فلماذا لا نعطي 48 ساعة لكي نكشف المراوغة؟ هذا هو ما حصل في موضوع التشاور وأدى الى ما أدى إليه».
وأشار بري الى أنه أرجأ المؤتمر الصحافي الذي كان قد أعلن عن عقده لـ«بقّ البحصة» بطلب من السفير خوجة، موضحاً أنه بعد ذلك فكّر في «حكومة العشرة من الأقطاب على طريقة حكومة الرئيس رشيد كرامي عام 1984، فأُطلقت عليها النار في الهواء وأخفقت. فقلت لنفكر في شيء جديد، فما كنت أسمعه دائماً من أقطاب الموالاة هو كيف سنؤمن للمعارضة على موضوع 19-11؟. صحيح أن رأسمال الديموقراطية موجود في بنك مجلس النواب، لكن المعارضة تمثل 57 نائباً من أصل 128، أي 44 في المئة، يعني يحق لها بـ13 وزير فاصلة، وحقها أن تأخذ 11 وزيراً من باب أولى، إنما تقول الموالاة إنها اذا أعطت المعارضة 11 وزيراً فهناك خطران: الأول، أن هذا الثلث قد يعطل سير المحكمة الدولية. والأمر الثاني هو الاستقالة وتطيير الحكومة».
ورأى بري أن هذين التخوفين «شرعيان»، مشيراً الى أنه وضع مشروعاً خلال اجتماعه بالسفير السعودي في الثاني من آذار، بحضور مندوب عن حركة «أمل» وآخر عن «حزب الله»، لتأمين المحكمة الدولية وضمان عدم الاستقالة، وعندئذ وضع صيغة 19 ــــ 11 الحكومية، لافتاً الى أن «المشروع ينصّ على الآتي:
أولاً: موافقة المعارضة على مشروع المحكمة ذات الطابع الدولي، ومناقشته بكل إيجابية، توصلاً الى إقراره. وذلك، عبر:
أ- تأليف لجنة من أربعة أشخاص، 2 للموالاة و2 للمعارضة، تبدأ بدرس مشروع المحكمة حتى الاتفاق عليه. وعند الفراغ منه، توقعه.
ب- تنتقل اللجنة، بعد الفراغ من المحكمة، الى توزيع الحقائب في الوزارة، وتوقّع مشروع الحكومة، أي لا تنتقل الى مناقشة كلمة حكومة الا بعد أن تكون قد انتهت من موضوع المحكمة.
ج- يرفع المشروعان من لجنة الاربعة الى المدعوين في المملكة العربية السعودية لأخذ تواقيعهم جميعاً على المحكمة والحكومة، برعاية خادم الحرمين الشريفين في حفل علني. والمدعوون هم الأشخاص والقادة الذين دُعوا الى الحوار والتشاور، ليس بصفتهم هيئة حوار أو تشاور. وعندئذ، يعلن فوراً انتهاء الاعتصام القائم في وسط العاصمة.
د- نعود إلى بيروت، ويعرض مشروع المحكمة بصيغته الجديدة على الحكومة الموسعة، بعد إلغاء النشر القديم والموافقة عليه من دون أي مناقشة، أي إن الحكومة لا تناقشه باعتبار أن ألـ 14 هم الذين تتألف منهم الحكومة. ويحضر رئيس الجمهورية الاجتماع ويوقّع آخذاً هذا الأمر على مسؤوليته، دون أن ننسى أن مراسيم الوزراء الجدد يكون قد وقعها رئيس الجمهورية وأرسلها الى مجلس النواب.
هـ : يدعو رئيس المجلس النيابي فور انعقاد الدورة العادية الى جلسة لمجلس النواب دون المرور باللجان النيابية، يعني يذهب المشروع «خط عسكري». ويحق لرئيس مجلس النواب، وفقاً لنص في النظام الداخلي للمجلس، أن يطرح موضوعاً على السادة في الهيئة العامة مباشرة، هكذا نكون وفرنا الوقت الذي ضاع كي لا يذهب المشروع الى اللجان وتأخذ القضية حوالى شهرين أو ثلاثة.
و: يرسل القانون بعد توقيعه من رئيس مجلس النواب الى رئيس الحكومة الذي يوقعه، كما يوقع الوزراء الحقيقيون. ثم يوقع رئيس الجمهورية ويعطي أمراً بنشره في الجريدة الرسمية ويرسل الى الأمم المتحدة، وفقاً لهذه الطريقة التي عرضتها.
وإذ أشار بري الى أنه أبلغ الحريري إمكان الانتهاء من هذا الأمر خلال عشرة أيام كحد أقصى، نقل عن الأخير قوله: «هناك أمور جديدة ستأتي على الطريق، مثل تعيين القضاة ومتطلبات إنشاء المحكمة»، ما أدى الى إضافة الآتي: «يلتزم جميع الأطراف تسهيل كل الخطوات الآيلة لتأليف المحكمة وتسهيل مهماتها»، لافتاً الى حصول توافق بينهما حيال هذا الأمر.
وفي ما يتعلق بحكومة الوحدة، أشار بري الى أن المشروع ينصّ على «موافقة الموالاة على تأليف حكومة وحدة وطنية موزعة على الشكل الآتي: 19 للموالاة و11 للمعارضة، على أن:
أ - تضمن المملكة العربية السعودية هذا الحق.
ب - يتعهد كلا الطرفين، الموالاة والمعارضة، في المملكة ألا يغيبا عن جلسات مجلس الوزراء بما لا يؤدي الى اعتبارها مستقيلة أو معطلة.
وفي موضوع قانون الانتخاب، لفت الى أنه توافق مع الحريري على أن يكون المشروع الذي وضعته لجنة الوزير السابق فؤاد بطرس «الأساس لوضع قانون انتخاب جديد»، مشيراً الى أن ما لم يتفقا عليه بعد هو «موضوع حكومة 19 – 11».
وتطرّق الى موضوع عقد جلسة نيابية، موضحاً أن «هناك فرقاً بين بدء الدورة وبين تعيين الجلسة»، وقارب هدف المطالبة من باب «الخديعة التي حصلت عندما قيل إن رئيس الجمهورية لا يحق له ان يوقع قانون المحكمة الدولية بحجة أنه غير شرعي وغير دستوري. وبالتالي، ليس ضرورياً أن نعيد آليه القانون ونستطيع إرساله الى الأمم المتحدة. وعندما أعدّ القانون من رئيس الجمهورية، اجتمعت الحكومة البتراء وقررت رد الرد، ونشر المشروع، وقررت إحالته على مجلس النواب، فاعتقد الناس أن المشروع أصبح في المجلس. ولكن، حتى هذه اللحظة، لم يتم ذلك والرئيس السنيورة والأكثرية يعرفون ذلك. بعد 3 أيام، يأتيني اتصال وفيه أن هناك 70 نائباً وقعوا عريضة تطالب بتعيين جلسة لبت المحكمة. فقلت: فاقد الشيء لا يعطيه»، و«بقيت القصة مخفية علي الى أن وصلتني رسائل من رئاسة الحكومة تفيد بأن نبيه بري تحت تأثير المغناطيس السوري ومخطوف وخاطف مجلس النواب». وفي هذا الصدد، لفت الى أن النواب الـ70 «يمثلون المجلس»، نافياً الاهتمام بشأن الفصل السابع أو التاسع أو التاسع عشر، مضيفاً: «أنتم تقولون إننا تابعون لسوريا. وسوريا تقول إنها غير معنية بالمحكمة. الرئيس الأسد قال هذا الكلام، والرئيس ميشال عون يقول إنه موافق من دون تحفظ، وحزب الله أيضاً، ونحن نقول إننا معنيون ونريد أن نناقش ونمشي بإيجابية بعد أن نزيل كل النقاط التي لا علاقة لها بالحقيقة».
ورداً على من يتهمه برفض الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، قال: «أطمئنهم، لن يصلوا الى العشرة أيام الأخيرة. قبل شهرين وضمن المهلة الدستورية المعطاة، سأدعو الى جلسة وجلستين وأكثر، ضمن أطر الدستور»، داعياً الى ضرورة «الخروج من التفسيرات الزمخشرية»، إذ إنه «في حال حصول الوفاق، نكون يداً واحدة»، مجدداً تأكيده أن الحكومة الحالية «غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية وغير قانونية، لكنها حكومة قائمة».
ورداً على رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، أكد بري أنه «لا يغير كلامه، وليس أسيراً أو مأسوراً»، مضيفاً: «أنا قلت في طهران: فليعينوا وزراء اخرين. واذا كانوا خائفين من رفض حركة أمل وحزب الله، فإننا نقول لهم: هناك من هم أقرب منهم بكثير، خانونا ونكّلوا بنا، ولكن لم ننكل بهم ولا ضربنا أحداً منهم، وأنا أعطيتهم أسماءً لامعة حتى يحصنوا طابتهم».
ونفى أن يكون الهدف مما يجري ومن المراسلات مع الأمم المتحدة، إقرار المحكمة تحت الفصل السابع، بل «محاولة لإظهار المجلس مخطوفاً»، ومن ثم إرسال القانون الى مجلس الأمن «لإصداره هو نفسه، لا بنداً سابعاً ولا ثامناً». ورأى أن «المؤامرة باءت بالفشل»، وأنهم حاولوا أمس «إعادة تنشيطها» بـ«أن يذهب الـ70 نائباً الى المجلس النيابي، ويطالبوا رئيس المجلس بعقد جلسة الزامية، ويتوجهوا الى الأمين العام للأمم المتحدة والعالم وينادوا بأن المجلس مخطوف. وبالتالي، في نظرهم يجب أن نعتبر أن القرار اتخذ، ومن أجل ذلك قرر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون أن يأتي الى لبنان». وتوقع «فولكلوراً آخر في 30 الجاري (موعد لقائه كي مون)
ولفت بري الى أنه كان يحاور باسم المعارضة والحريري باسم كل الموالاة. وأوضح ان اقتصار اللقاءات عليهما سببه أنه «كان هناك توتر على الأرض». وأرجع عدم الذهاب الى السعودية للتحاور الى ان رافضي ذلك.
وقال: «مجلس النواب لن يجتمع مع هذه الحكومة البتراء، إلا وهي مكتملة في شكل او في آخر، ولكن هذا لا يعني أنه لا جلسات لمجلس النواب».
وإذ أكد أنه لا ضغط عليه «لا من سوريا ولا من غير سوريا». قال: «الضغط علي هو، ماذا سأقول؟ أقول للبنانيين إن هناك فرقة تدريب وتسليح جارية تحت عناوين مختلفة، منها الدفاع المدني ومنها شركات أمنية والأعداد أصبحت بالآلاف، هل أقول لهم إنني أحرص على السلم الأهلي من جنوحهم الطائفي والمذهبي، هل اقول لهم إنني لست تحت الوصاية السورية وأنتم وصاياتكم غير معروفة من أين؟ أقول لهم اذا كنتم تتهمون أناساً بمخالفة القانون، فأنتم أليس كل يوم تستبيحون الدستور وتزنون به».
وكشف ان اللقاءات بينه وبين الحريري تجاوزت المعلن عنه بكثير، مشيراً الى أنهما كانا يلتقيان أحياناً مرتين في اليوم وكانا يحرزان تقدماً. وقال: «نحن لسنا أعداءً في لبنان نحن على خصام وطالما أنكم تعرفون تأثير هذه المسألة فلماذا تقدمون عليها، ولماذا تشنجون أجواء البلد على هذا المنوال». وغمز من قناة الذين انتقدوا تفاؤله، معتبراً أن «ما حصل كان استهدافاً جدياً ليس لي فقط، وانا قلت للشيخ سعد الحريري امس عبر الهاتف إن هذه القصة موجهة ضدك، ولكن ما آلمني الآن أن اكثر من نصف النواب الذين حضروا الى المجلس كانوا من كتلة تيار «المستقبل».
وختم بالقول: «ما دام هدفهم انهاء الحوار، فجوابي لهم جميعاً استمرار الحوار واليد ممدودة حتى إنقاذ لبنان».
ورداً على سؤال كرر: «سأستمر بالحوار نكاية بهم»، معلناً أنه سيحاور «كل من يريد ذلك»، وأكد «أن لا مشكلة بتواصل الحوار مع النائب الحريري وقال إنه في حال التوصل الى تسوية في شأن المحكمة، فسيعقد جلسة فورية في مجلس النواب وبدون أن أحيل المشروع الى اللجان النيابية». ورأى ان خراب الاقتصاد ليس من المعتصمين بل من «عدم الوفاق»، منبهاً الى أن «باريس -3 بدون وفاق ستكون نتائجه كباريس –2»
ورداً على سؤال آخر، قال: «لا أعطي ضمانات للقوات اللبنانية بأنهم سيحصلون في الحكومة على عدد الوزراء نفسه الذي سيحصل عليه العماد ميشال عون، لأن العماد عون له حجمه في المجلس النيابي».
(الأخبار)