strong> نادر فوز
في يوم دافئ ومشمس بثّت فرقة موسيقية أغاني وطنية وفولكلورية، لبس الأطفال ثياباً جديدة، انتظم الشبان في حلقات من الدبكة، جلست العائلات بالقرب من «مناقل الفحم» أو الأراكيل المعدّة سلفاً، رفعت أعلام كردستان المؤلفة من الأحمر والأخضر والأبيض؛ إنه عيد النوروز القومي الكردي الذي يصادف في اليوم الأول من فصل الربيع.
يرمز «النوروز» إلى اليوم الجديد، وهو عيد مميّز يحتفل به الأكراد والفرس وسكان آسيا الوسطى حيث يمثّل بداية السنة الجديدة مع انتهاء فصل الشتاء.
بدأ الأكراد اللبنانيون بكل أحزابهم وانتماءاتهم أمس الاحتفال بـ«النوروز» عند منطقة «الدالية» المجاورة لصخرة الروشة، بدعوة من حزب زركاري الكردي اللبناني وفرع الأكراد من جمعية الصم والبكم الخيرية الاجتماعية في لبنان. رفعت صور الرئيس الكردي مسعود البرزاني وصور الرئيس رفيق الحريري، إضافةً للأعلام الكردية التي وزّعت على المشتركين. حضر أنصار الحزب العمالي الكردستاني رافعين أعلام «الحزب» وصور الزعيم الكردي عبد الله أوجلان المعتقل في السجون التركية.
«لبّيك يا صلاح الدين»، «بالدم نفديك عبد الله أوجلان»، «كردستان»، وشعارات أخرى أطلقها المشاركون خلال الاحتفال، مستفيدين من الفواصل والاستراحات الموسيقية بين الأغنية والأخرى.
حسن زيّن، رسم على وجهه العلم الكردي، ويعدّ هذا اليوم عيداً قومياً يجب فيه تخطي كل الخلافات الداخلية الخاصة بالأتراك، والاكتفاء بإحياء «هذا العيد المركزي الذي يوحّد جميع الأتراك».
سليم اكتفى بوضع شارة ملّونة على صدره، يقول إنه ولد ونشأ في لبنان إلا أنه لا يستطيع تجاوز جذوره الكردية التي حدثه عنها ذووه، إضافةً للمآسي والاضطهاد الذي عاناه الشعب الكردي؛ ويضيف «أقل ما يمكن فعله تكريماً للدماء الكردية التي سقطت هو الاستمرار في النضال تخليداً للقضية التي استشهدوا لأجلها». التواصل مع المشاركين كان صعباً بعض الشيء، إذ طغت اللغة الكردية على أحاديثهم.
لوحظ فرق بين المشاركين الذين رفعوا أعلام «العمالي الكردستاني» والآخرين الرافعين صور البرزاني، حتى انّ خلافاً حصل، إذ قال البعض إنّ أحد المشاركين ضُبط حاملاً سكيناً فتمّت محاصرته وتسليمه للقوى الأمنية؛ إلا أنّ أحد رجال قوى الأمن اعتبر أنّ الإشكال كان فردياً رافضاً التعليق على الموضوع.
بالقرب من «الفرقة الموسيقية»، رفع الطرفان المنظمان لافتة «يهنئون الشعب الكردي في العالم لمناسبة عيد النوروز العظيم».
توجه أحد الفنانين الأكراد وأدى بعض الأغاني الكردية، رافقته فتاتان بالزيّ الفولكلوري.
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والكردي، وقف المشاركون دقيقة صمت قرأوا خلالها الفاتحة على روح الرئيس الحريري والملّا مصطفى البرزاني وأرواح الشهداء اللبنانيين والأكراد. ثم ألقى خضر عبد العزيز طه، أمين السر العام لـ«رزكاري» ورئيس «الجمعية»، كلمة خاطب فيها أحفاد البرزاني وصلاح الدين، ذاكراً عدداً من الشهداء الأكراد اللبنانيين الذين سقطوا في مواجهة «الاعتداءات الصهيونية»، مثل الشهيد صلاح الدين بدر سعدو عام 1982، والمجند حسين رمّو الذي استشهد خلال عدوان عناقيد الغضب والشهيد محمد حسن الذي نعته المقاومة الإسلامية في العام نفسه.
وأشار طه إلى أنّ العيد لم يكتمل هذا العام أيضاً «إذ لم يكشف بعد عن قتلة الرئيس الشهيد» وخاصةً أنّ «لبناننا الكبير مجروح ورؤساءنا منقسمون، ونأمل منهم المصالحة والحوار». و«بارك» باسم الشعب والجمعيات الكردية الاجتماعات القائمة بين الحريري وبرّي «للوصول بلبنان إلى شطّ الأمان». وطالب الحكومة اللبنانية بإقامة تمثال لصلاح الدين يليق «بانتصاراته»، وإطلاق اسمه على أحد شوارعها مثلما هو معمول به في دول عربية وأجنبية أخرى.
وشكر طه الرئيس السنيورة لاستقباله وفداً كردياً مطالباً بإلغاء الطعن بمرسوم التجنيس، وجدد ثقته برئيس الحكومة طارحاً سلسلةً من المطالب المتمثلة باعتبار يوم 21 آذار عيداً رسمياً، ورفع عدد التمثيل النيابي للسنّة في بيروت إلى ثمانية مقاعد وتخصيص مقعدين منها للأكراد، إضافةً للاهتمام بشؤون الأكراد غير المجنّسين.