رئيس «الاشتراكي» يهاجم بري و«دولة الأمر الواقع» وعمّار يذكره بـ «استباحة ميليشياته الدم والمال والاستقلال» في تكرار لمشهد الثلاثاء الماضي، نظّم نوّاب «الأكثرية» تحرّكهم الثاني، أمس، في محاولة منهم لتذكير الرئيس نبيه برّي بضرورة «فتح» أبواب المجلس «المقفلة» والدعوة إلى عقد جلسة لـ«بتّ الخلافات القائمة»، واعدين باستئناف «فصول» التحرّك كل ثلاثاء، قبيل مغادرتهم قاعة المجلس الخارجية، فيما بقيت القاعة العامة «الخط الأحمر» بعيدة عن فصل «الاستعراض» الجديد. تميّز التحرّك بالحضور اللافت لنواب «تيار المستقبل»، وبإصرار رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على قيادة الحملة من خلال تصريحه «الهجومي» على بري والمقاومة، واعداً بـ«الإبقاء على هذه الاجتماعات، لأننا نريد دولة الطائف التي لن نقبل بأن تستباح من قبل قوى لا تؤمن بلبنان نهائية كيانه»، وذلك، في مهمة استكملت بتصريحات الوزيرة نائلة معوض والنائب جورج عدوان، ما استدعى قيام نوّاب المعارضة بتقاسم الأدوار المفنّدة لادعاءات «الأكثرية».
إلا أن المفاجأة الإيجابية تمثلت بإطلاق نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري موقفاً مغايراً لمواقف «الأكثرية» سابقاً، معلناً أحقية رئيس المجلس بعدم الدعوة لجلسة في أول بدء عقد آذار، واضعاً مطالبة الموالاة بضرورة اجتماع المجلس في خانة مستلزمات «الوضع القائم، وليس فقط لأن الدستور يطلب اجتماعاً أم لا»، و«ليس من أجل موضوع المحكمة، فهناك مئات المشاريع في الأدراج».
وعن إمكان عقد جلسة من دون دعوة بري ورئاسته، أكد مكاري أن الموضوع «غير مطروح اليوم، لكن الفكرة موجودة»، مشيراً إلى أن بري «نائب في المجلس مثل الآخرين، ولا يقرّر عن الأمة جمعاء، بل إن الأكثرية هي من تقرّر».
أما المفارقة الأساسية في كلام مكاري فتمثلت بإشارته الى أن بري «اعتبر أن مشروع المحكمة دخل مجلس النواب، عندما نشر القانون في الجريدة الرسمية»، لافتاً في الوقت عينه الى أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «سيرسل المشروع إلى المجلس في 29 الجاري».
بدوره، رأى جنبلاط أن الصراع القائم «بنيوي مع دولة الأمر الواقع التي لا تعترف بلبنان الطائف»، مبشّراً بـ«توتّرات أمنية» بالاستناد إلى معلومات تفيد بوجود «تدريبات وتوزيع سلاح في مناطق الجبل وغير الجبل كي تتكرر مأساة عين علق في الجبل، وهناك شاحنات محملة بالصواريخ ذهاباً وإياباً، تعطى ما يسمى تسهيل مرور من بعض مخابرات الجيش».
وعشية انعقاد القمة العربية، تمنى جنبلاط نجاح السعودية في جهودها، «من أجل أن تكون هناك دولة في لبنان، تكون لاحقاً المسؤولة عن حصرية السلاح»، مضيفاً: «في إطار الحروب الاستباقية، يتحدثون مجدداً عن أنه إذا ما تعرضت إيران للضغط فستكون هناك حرب شوارع أو بعض التوترات في لبنان، فما دخلنا نحن؟ ولماذا تصفية الحسابات على أرض لبنان؟».
وإذ أشار عدوان إلى وجود «خلط» بين دور بري رئيساً لمجلس النواب وكونه ممثلاً لـ«حركة أمل» وتمثيله المعارضة، لافتاً إلى أن المجلس النيابي هو من «يقرّر دستورية الحكومة»، وضعت معوض التحرك في خانة «إعادة تفعيل المؤسسة الأم»، قائلة إن «تعطيل المجلس استمرار لإخراج الخلاف السياسي من المؤسسات الدستورية الى الشارع».
في المقابل، أصرّ نواب المعارضة على إضافة مجريات ما جرى تحت قبّة البرلمان إلى تفاصيل يومهم «العادي»، ولا سيما الذين في المجلس، كعادتهم كل يوم، وهم: غازي زعيتر، علي حسن خليل، علي بزي، علي خريس، علي عمار، جمال الطقش، نوّار الساحلي، علي المقداد، حسين الحاج حسن وأمين شري. لكن تفاصيل المشهد استلزمت «وضع النقاط فوق الحروف»، توضيحاً للأخطاء بما يزيل الالتباسات والهواجس.
فقد دفع المشهد «الأكثري» بالنائب عمار إلى اختصار موقفه بكلمتين: «وادستوراه... واطائفاه»، واضعاً التحرّك في خانة «استكمال الانقلاب» على الطائف، ومحذّراً من المساس بآخر معقل من معاقل الشرعية الدستورية».
وفي معرض ردّه على جنبلاط، غمز عمار من قناة ميليشياه التي «استباحت الدم والمال والسيادة والاستقلال، وتحاول أن تضفي على نفسها صفة الشرعية بحجة أن المصالحة تمّت»، ليؤكّد أن دولة الأمر الواقع هي «دولة جنبلاط التي استباحت 63 قرية في الجبل، وأمعنت اغتيالاً واستباحة، واستخدمت السلاح في كل الأنحاء». وإذ أشار إلى أن مجلس النواب «منيع منعة أرز لبنان الذي حمل البعض درع الخلود فيه ليقدمه إلى الجزّار جون بولتون في الولايات المتحدة»، ختم بالتأكيد أن «سلاح المقاومة باقٍ باقٍ باقٍ».
بدوره، ردّ النائب خليل على كلام جنبلاط في شأن الطائف، مجدّداً التأكيد أن المعارضة ستبقى «حارسة لهذا الاتفاق، وملتزمة به من أجل كل لبنان»، أما رافض هذا الاتفاق فهو «من يتّهم شركاءه في الوطن ويعطل مشاركتهم في الحكومة، ومن يتهم إخوانه في المواطنية بأنهم غير لبنانيين». وشكر خليل نائب رئيس المجلس الذي «اعترف بأن للمجلس دوراً وموقعاً في إقرار القوانين، ونحن الذين افتقدناه في كل المحطات»، واضعاً كلامه عن إلزامية الدعوة لعقد جلسة برسم نواب الأكثرية، انطلاقاً من كونه «اعترافاً لشاهد من أهله».
كما أشار إلى اعتراف الموالين بعدم وصول مشروع المحكمة إلى المجلس، بما يؤكد «اعتراف رئيس الحكومة بأنه خدع اللبنانيين ونواب الأكثرية في حديثه عن وجود مشروع القانون في المجلس».
من جهته، فضّل زعيتر تجاهل كلام معوّض «غير المفهوم»، وتولّى مهمة الردّ على عدوان في شأن كلامه عن موقف رئيس المجلس غير المتمايز عن موقف المعارضة، مؤكداً أن بري «يأخذ نصائحه من الدستور والنظام الداخلي والقوانين اللبنانية»، مذكراً مكاري بأن «لا مكان للاجتهادات بوجود النص».
وشبّه بزي التحرك بـ«سيرك شي فاشل»، منتقداً «استمرار حفلات الفوضى والجنون الدستورية التي تريد إيهام اللبنانيين بأن مؤسسة المجلس مخطوفة». ورأى في كلام معوّض عن وجود مشروع المحكمة في المجلس «تكراراً مملاً وسخيفاً».
(الأخبار)