طارق ترشيشي
غضب السنيورة وكاد يغادر.... وإعلامه حذف «الدعم له» وأبقاه لـ«حكومته»


لم يكن سهلاً تعديل نص قرار «التضامن مع لبنان» الذي اتخذته القمة العربية التاسعة عشرة التي اختتمت أعمالها في الرياض أول من أمس. لكن في النهاية عُدّل بعد الأخذ بغالبية التعديلات التي اقترحها رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، ووفق صيغة تشعر الرئيس فؤاد السنيورة بأن حكومته التي يعتبرها رئيس الجمهورية والمعارضة وجمهورها «غير دستورية»، حظيت بـ«اعتراف» عربي بدستوريتها.
وقال مصدر مطلع على موقف رئيس الجمهورية رافق المفاوضات التي جرت في أروقة القمة عن التوافق على تعديل القرار اللبناني لـ«الأخبار» إن الرئيس لحود «حرص منذ البداية على التأكيد لمفاوضيه أنه من خلال التعديلات التي يقترحها على نص هذا القرار لا يسعى الى مكاسب شخصية او لخوض بطولات ضد السنيورة، بل لتصحيح النص بما ينسجم مع الواقع الداخلي لأن هدف القمة هو أن يكون الدعم للبنان كله وليس لحكومته، او لمؤسسة او جهة سياسية واحدة فيه».
وأشار المصدر الى أن لحود «لم يأتِ خلال المفاوضات وفي الكلمة التي ألقاها امام القمة على ذكر رئاسة الجمهورية، بل تحدث عن الدولة والمؤسسات ساعياً لتحقيق مكاسب للبنان، فيما أصر رئيس الحكومة وفريقه على أن يُحصر الدعم بحكومته فقط لحسابات سياسية وشخصية لديه، اذ إنه أراد ان يحصل على شرعية عربية لحكومته الفاقدة شرعيتها الداخلية».
وكشف المصدر أن السنيورة وفريقه «أمضوا ليل اليوم الثاني للقمة مصرين على عدم تعديل القرار ومتمسكين ببقاء كلمة «حكومة» حيثما وردت في النص، واشار الى أن السنيورة كان غاضباً، ودار جدل بين المتفاوضين استمر حتى اللحظة الأخيرة من افتتاح الجلسة الاولى للقمة في يومها الثاني حول حذف كلمة من هذا البند وأُخرى من ذاك من بنود القرار، الى درجة ان مكتب السنيورة الاعلامي وزع نصاً مغايراً لمشروع القرار، وخصوصاً للفقرة الثانية منه التي عُدّل مطلعها وفق اقتراح لحود بالآتي: «تأكيد التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له بما يحفظ الوحدة الوطنية». فجاءت الصيغة التي وزعها مكتب السنيورة مبقية على النص كما أقره وزراء الخارجية العرب في القاهرة مطلع الشهر الجاري وهو: «تأكيد التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة اللبنانية بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية».
وقال المصدر إن الذين تولوا المفاوضات بين لحود ومعاونيه من جهة والسنيورة ومستشاره محمد شطح من جهة ثانية هم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والسفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومساعده هشام يوسف. وقد شعر معاونو لحود، من خلال الإصرار على وجوب التوصل الى اتفاق على صيغة موحدة للقرار الخاص بلبنان، ان السنيورة «كان مهتاجاً وغاضباً».
وإذ أشار المصدر الى ان السنيورة لم تكن له أي مداخلات في جلسات القمة، قال إن رئيس الحكومة قد يكون لوَّح امام الجانب السعودي وموسى بمغادرة الرياض عائداً الى بيروت إذا أخذ بكل التعديلات التي اقترحها الرئيس لحود على القرار. وقال المصدر إن لحود لبى رغبة الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما التقاه في صالون قريب من قاعة القمة، ووافق على صيغة لمطلع الفقرة الثانية المختلف عليها وجاءت كالآتي: «تأكيد التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي له ولحكومته بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية».
ولفت المصدر الى أن المكتب الاعلامي للسنيورة وزع ليل أول من امس على بعض وسائل الإعلام نصاً لهذه الفقرة خُذِفت منه كلمة «له»، وجاءت خلافاً للنص الذي نُشر على الموقع الالكتروني للقمة العربية على شبكة الانترنت، وكذلك للنص الرسمي الموقع من جامعة الدول العربية الذي حمله معه لحود الى بيروت.
وذكر المصدر أن لحود ركز في تعديلاته، بالدرجة الاولى، على الفقرة الخامسة من القرار التي تناولت ما سُمي «النقاط السبع للحكومة اللبنانية»، فتم حذف عبارة «دعم وتبني» هذه النقاط بعبارة «الترحيب» بها، لأن الحكومة اللبنانية عندما ناقشتها قبل ان يُعلنها السنيورة في مؤتمر روما، إنما أخذت علماً بمضمونها ولم تؤيدها او تتبناها.
واشار المصدر الى أن موسى وافق معاوني الرئيس لحود تلقائياً على تعديل الفقرة 16 من القرار التي تصور أن المسعى الذي يقوم به لمعالجة الأزمة بين الأكثرية والمعارضة انما يتم مع الحكومة حصراً فيما يشمل كل المؤسسات الدستورية، بدليل أنه التقى عندما زار بيروت لهذه الغاية رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة وآخرين، ولذا استُبدلت عبارة «الحكومة» في هذه الفقرة بعبارة «المؤسسات الدستورية اللبنانية».
وعلم أن لحود قبِل بنص الفقرة المتعلقة بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري حول البند المتعلق بالمحكمة الدولية، كما ورد في القرار لأنه يفي بغرض الوصول الى كشف الحقيقة في هذه الجريمة.