عمر نشابة
شغلت توقعات ميشال حايك لعام 2007 هموم اللبنانيين هذا العيد. فمنذ ظهوره على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال ليلة رأس السنة معلناً تنبؤاته، تكاثرت الأحاديث والشائعات بين الناس عن التفاصيل الكثيرة التي أطلعهم عليها «عالم الغيب» وطرحت تساؤلات عن إمكانية اعتبار كلامه إخباراً قضائياً.

أطلّ صاحب التوقعات الشهير ميشال حايك على مشاهدي شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال ليلة رأس السنة بمجموعة من التنبؤات لعام 2007. وذكر تفاصيل كثيرة عن بعضالجرائم والأحداث التي تتجاوز القانون وتهدّد أمن البلد والناس. فمن بين توقعات حايك التي بدى أكثرها دموياً ومأساوياً «اهتزاز قصر العدل مرّتين، إحداهما إثر محاولة رخيصة وغادرة للنّيل من أحد أركانه». ومن بين التوقعات التي تتعلّق بعمل الضابطة العدلية تحدّث حايك عن ملاحقة «شخصيّة عسكريّة متورّطة بعمليّة مشبوهة» وعن «إلقاء القبض على مجرمين مكلّفين باغتيال النائبين سمير وستريدا جعجع»، وأضاف أن اللافت في هذه العملية هو «شكل المجرمين ولهجتهم» ما يزيد من اندفاع الناس لكشف هوية «المجرمين» التي أصبحت لغزاً خرافياً قد تحلّه أحقاد بعض اللبنانيين وعنصريتهم تجاه جيرانهم السوريين.
واثار حايك موضوع تشكيل المحكمة الدوليّة وتنبأ بأن بعض المحاكم «ستتفرّع عنها»، ولكن ما هو أبرز من ذلك قوله إن بعض هذه المحاكم ستكون «في حال إرباك وتعسّر». ويدفع ذلك إلى التساؤل عن احتمال تأثير ذلك على ثقة الناس بالمحكمة الدولية التي يُعمل على إنشائها. وتنبّأ حايك بـ«إلقاء القبض على عصابة، واعترافات بالتّخطيط لارتكاب جرائم» خلال 2007، وقال إن «جرائم كبيرة» سيكشف عنها «قبل تشكيل المحكمة الدّوليّة». كما ذكر أن ملفّات قضائيّة ذات طابع سياسي وأمني تلاحق الإعلامي غسّان بن جدّو «لضرب النّجاح الذي حقّقه».
كما تناول «عالم الغيب» النجم التلفزيوني ميشال حايك جرائم خطيرة قد تؤثر على الأمن العام وتطال أشخاصاً ذكرهم بالاسم، إذ تحدث عن «عملية انتقاميّة تطال السيد جبران باسيل والمقرّبين منه، وعمليّة مشابهة تطال كلاً من النّائبين مصباح الأحدب ووائل أبو فاعور». وتنبأ بعدد كبير من الجرائم منها «حريق كبير ومفتعل بهدف ارتكاب جريمة» و«اعتداء على رجلي دين من طائفتين مختلفتين». وتحدث عن «دماء في إحدى الجامعات» وعن «هجمات انتقاميّة في إحدى المناطق اللبنانيّة» وعن «خطف امرأة عاملة في حقل عام»، وأعلن «بداية تخطيط لفصل جديد من مأساة آل الحريري». وذكر الكثير الكثير من الحوادث المرعبة التي سيشهدها لبنان في 2007، وترك آلاف المشاهدين مذهولين أمام الشاشة الصغيرة... ألا تثير تلك التنبؤات الذعر والتشاؤم بين الناس؟ وألا يؤثر ذلك سلباً على الاقتصاد والأعمال والسياحة والتجارة والمجتمع بشكل عام؟...
وما هي فائدة «خرافات» لا ترتكز على العلم والعقل غير منفعة الـ«ال بي سي» وزيادة دخل ونجومية ميشال حايك؟
هل يعاقب القانون «علم الغيب»؟
قد لا يمكن احتساب تنبؤات ميشال حايك بمثابة إخبار للقضاء المختصّ لأنه لا يرتكز على معلومات وصلته على سبيل اليقين، بل إن مصدر المعلومات في هذه الحالة هو الغيب والرؤية. ولا يُعَدُّ الغيب والرؤية قانوناً مصدر ثقة. لكن إذا تبين أن حايك قام بإذاعة تنبؤاته على شاشات التلفزيون «بقصد الربح» فقد يعاقبه القضاء لخرقه المادة 768 من قانون العقوبات اللبناني. إذ ينصّ الفصل السادس من قانون العقوبات اللبناني المعنون «في المخالفات التي تمسّ بالثقة العامة» على التالي حرفياً: «يعاقب بالتوقيف التكديري وبالغرامة من عشرة آلاف إلى عشرين ألف ليرة من يتعاطى بقصد الربح مناجاة الأرواح، والتنويم المغناطيسي والتنجيم وقراءة الكفّ وقراءة ورق اللعب وكلّ ما له علاقة بعلم الغيب، وتصادر الألبسة والعدد المستعملة. يعاقب المكرّر بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى المئتي ألف ليرة ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً». (المادة 768) وتعليقاً على قانونية تنبؤات حايك، قالت الباحثة القانونية المحامية ماري روز زلزل لـ«الأخبار» إن هذه المسألة تتعلّق بحرية التعبير عن الرأي في لبنان، لكنها أضافت أن خطاً رفيعاً «أحمر» يفصل بين حرية التعبير عن الرأي من جهة والمساس بالثقة العامة والمصلحة العامة من جهة ثانية. وبالتالي فإن الدعوة لتطبيق قانون العقوبات تطبيقاً حرفياً ينبغي أن تتزامن مع التزام أخلاقيات بعيداً عن تصرفات السلطة القمعية التي شهدها لبنان خلال الفترة السابقة.
أخيراً نسأل: هل تنبأ «عالم الغيب» ميشال حايك بردة فعل الناس تجاه تنبؤاته لعام 2007، أم ترك ذلك للذين يتقاضون الربح الأكبر عبر إذاعتها على شاشات التلفزة؟