صريفا ــ آمال خليل
التعويضات الزهيدة التي رصدتها الحكومة لبلدة صريفا المنكوبة لاقت حركة اعتراضية من الأهالي كانت باكورتها اعتصاماً أمام مقر المجلس البلدي على أن تليها خطوات تصعيدية أخرى رداً على «الإهانة التي لحقت بشهداء البلدة والمقاومة والمتمسكين بها من أهل الجنوب»

لم يبدأ أهالي صريفا عامهم الجديد بالاحتفال، بل بالاعتصام. فالعام الذي مضى لم يفجعهم بأبنائهم وأرزاقهم وبيوتهم فقط، بل أقفل على «فجيعة» أخرى وهي التعويضات الزهيدة التي رصدتها الحكومة للأهالي المنكوبين، الذين يجدون فيها إهانة لما قدمته البلدة خلال العدوان من مقاومة وشهداء. ولأنهم يجدون «أن البلدية شريكة في التقصير الذي لحق بهم»، شرعوا في القيام بعدة خطوات تصعيدية، كان أولها اعتصام شعبي نفذوه أمام مبنى البلدية طالبوا أعضاءها فيه بالاستقالة.
رئيس البلدية عفيف نجدي، المهندس في مجلس الجنوب، كان يتمنى «لو كانت المبالغ المستحقة لأهل بلدتنا أكثر من ذلك»، لكنه في المقابل لا يشاطر الأهالي رأيهم بوجود «إجحاف مقصود من أي جهة تجاههم حتى جاءت قيمة الشيكات على هذا النحو».
وكان أهالي صريفا الذين شرعوا بإعادة إعمار بيوتهم، قد وجدوا أنفسهم في مأزق بعد التعويضات الزهيدة التي قدّرتها لهم الهيئة العليا للإغاثة، علماً بأن الأموال الموزعة على المواطنين هي من خزينة المملكة العربية السعودية التي تبنّت البلدة وخصّصت لها هبة سلمتها للحكومة اللبنانية.
لكن وعوداً كثيرة بقيت معلقة. الوحدات السكنية الجاهزة التي تكفي حاجة صريفا والتي وعدت بها البلدة من مجلس الإنماء والإعمار لم تبلغ إليها. والتعويضات التي ظنّ الأهالي أنها ستدفع مباشرة تأخرت ثلاثة أشهر. فيما وجدوا أن قرى تضررت بنسبة قليلة استحقت الدفع قبلها بأشهر.
مصدر في مجلس الجنوب يردّ السبب إلى «أن المقياس المعتمد في ترتيب القرى هو إنجاز ملفاتها بشكل سريع». كما يرفض في الإطار ذاته بشكل قاطع، الحديث عن «أي اعتبارات حزبية أو سياسية أثّرت في توزيع التعويضات على الناس».
الجدير بالذكر أن البلدة نكبت بأكثر من 700 وحدة سكنية منها 268 وحدة دمرت كلياً، وتشتّت سكانها بين منازل الأقرباء أو في شقق مؤقتة في المنطقة المحيطة. لذلك، ما إن أعلن رئيس الحكومة بدء دفع التعويضات، حتى شرع الأهالي بإعادة الإعمار والترميم، معتمدين على مبلغ «الإيواء» الذي قّدمه حزب الله للناس بعد انتهاء العدوان، على أن يتمّموا المبلغ اللازم من تعويضات الدولة. لكن الواقع بدا مختلفاً جداً. فالتعويضات جاءت أقل من رمزية، بل «مسيئة ومذلة» بحسب الأهالي.
ففي المرحلة الأولى، تسلم أصحاب البيوت المدمرة كلياً نصف المبلغ الذي أقرته الحكومة (30 مليون ليرة). ويستبعد مختار البلدة خضر نجدي «إنجاز المرحلة الثانية وإتمام المبلغ المستحق» الذي هو في كل الأحوال غير عادل، على ما يرى الأهالي الذين قدّروا خسائرهم بأكثر من ذلك بكثير. فيقول علي حمودي إنّه تكبّد أكثر من 250 ألف دولار بسبب تدمير بيته ومحلاته، واستحق تعويضاً لا يتجاوز الستّين مليون ليرة، مقسّمة على دفعتين.
ولا يبدو أصحاب البيوت المتضررة جزئياً بأفضل حال. فقد سجّل مبلغ 350 ألف ليرة حداً أقصى في الشيكات التي وزّعتها الهيئة العليا للإغاثة عبر مجلس الجنوب، ما دفع بأكثر من 200 شخص من مستحقي الشيكات، إلى رفض تسلمها وإعادتها إلى اللجنة المختصة لإعادة الكشف وتقدير المبالغ المستحقة بشكل سليم.
والجدير بالذكر أنّ مسح الأضرار الأوّلي قام به مهندسو مجلس الجنوب الذين قدّروا أرقاماً للتعويضات، ثمّ جاءت بعدها فرق شركة «خطيب وعلمي» كهيئة رسمية للتدقيق على كشف المجلس.