عصام نعمة اسماعيل*
رغم عدم وجود نص دستوري يجيز للبرلمان تفويض الحكومة حق التشريع. إلّا أنّ غياب النص لم يمنع من تمرير بعض المراسيم الاشتراعية. فمنذ عام 1930 كان المجلس النيابي يقوم بتفويض الحكومة وإعطائها حق التشريع عن طريق اتّخاذ مراسيم في مجلس الوزراء لها قوّة القانون، على أن تصدر هذه المراسيم في المدّة المحددة في قانون التفويض وضمن نطاق المواضيع المحددة فيه. وبلغ عدد المراسيم الاشتراعية الصادرة في لبنان، حوالى 382 مرسوماً اشتراعياً، صدر معظمها في عهد الرئيسين فؤاد شهاب وأمين الجميل. ومنذ عام 1992 لم يصدر أي مرسوم اشتراعي، بعد أن قرر مجلس النواب الامتناع عن تفويض الحكومة أي اختصاص تشريعي، لانتفاء النص الدستوري الذي يجيز هذا التفويض.
واليوم، بعد توقف نظام المراسيم الاشتراعية لأكثر من أربع عشرة سنة، إذ بفكرة انتزاع الصلاحية التشريعية من مجلس النواب تراود الحكومة الحالية. فقد تردّد لدى أوساط نيابية أنّ الأكثرية النيابية أعدّت اقتراح قانون معجلاً مكرراً من مادة وحيدة تجيز بموجبه للحكومة أن تصدر نظام المحكمة الدولية الخاصة للبنان بموجب مرسوم اشتراعي. وكان من الممكن في ظل تعطيل المجلس الدستوري المراقب الوحيد لدستورية القوانين أن يتم تمرير اقتراح القانون المعجّل في الجلسة التي طلبتها الحكومة لطرح الثقة بنفسها أمام المجلس النيابي وكذلك في الجلسة التي طلبتها بالعريضة المقدّمة للأمانة العامة لمجلس النواب من أجل مناقشة مشروع المحكمة.
وهذا الاقتراح ما زال محضّراً وسوف يعرض في أول جلسة عامة يعقدها مجلس النواب، وتعتقد الأكثرية النيابية أنّ هذه الجلسة هي الجلسة التي ستناقش فيها عريضة اتّهام رئيس الجمهورية بخرق الدستور. ويستندون في ذلك إلى سابقة هي إقدام مجلس النواب الحالي على إصدار عدّة تشريعات في اليوم ذاته الذي جرت فيه مناقشة تقرير لجنة التحقيق النيابية في قضيّة الوزير السابق شاهي برسوميان.
وتستند الأكثرية إلى المادتين 110و112 من النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يجيز لأيّ من النواب أن يطلب بمذكّرة معلّلة مناقشة مشروع أو اقتراح قانون بصورة الاستعجال المكرر شرط أن يكون مؤلفاً من مادة وحيدة. عندها يناقش المجلس صفة الاستعجال المكرر، فإذا أقرّها وجبت مباشرة مناقشة الموضوع والتصويت عليه بدون إحالة إلى اللجنة أو اللجان المختصّة. ولكن غاب عن ذهن الأكثرية أن لا نص في الدستور أو في النظام الداخلي لمجلس النواب يجيز تفويض الحكومة إصدار قوانين بموجب مراسيم اشتراعية.
* خبير دستوري