رزان يحيى
كثيرة هي المؤسسات التي أقامت ولا تزال تقيم نشاطات للأطفال الذين عانوا بطريقة أو بأخرى من حرب تموز. «كفى عنف واستغلال» هي إحدى هذه المؤسسات التي لم يقتصر عملها على الإغاثة خلال الحرب. فكانت رحلة «لبنان في القلب» إلى مصر، برعاية الوزير طارق متري

شارك في رحلة «لبنان في القلب» إلى مصر 221 طفلاً تراوحت اعمارهم بين 8 أعوام و14 عاماً، من 75 منطقة لبنانية تعرضت للعدوان الإسرائيلي موزعة بين البقاع وضاحية بيروت الجنوبية والجنوب. الرحلة من تنظيم «كفى عنف واستغلال»، وتقول رئيسة الوفد غيدا عناني، إن أسباب الرحلة كانت واضحة. فخلال فترة الحرب ظهرت معالم الصدمة والاستياء على الأطفال وكانوا في الكثير من الأحيان يتعرضون للعنف الأسري، «فكان لا بد من نزع الأطفال من حالتهم هذه». وتضيف أن الأطفال الذين اختيروا «كانوا إما من الناجين من مجازر أو ممن استشهد أحد والديه أو تهدّم منزله وعانى خلال فترة التهجير العنف والضغط النفسي».
الرحلة كانت مقررة بعد الحرب مباشرة، وحال افتتاح المدارس وشهر رمضان دون ذلك. وعند أول عطلة مدرسية توجه الأطفال إلى مصر فكانت الرحلة من 24 كانون الأول حتى 29 منه. وهناك استضافتهم مدينة مبارك برعاية المجلس القومي للأمومة والطفولة وسيدة مصر الأولى سوزان.
في مصر، تنوعت الجولات بين سياحية وترفيهية. زار الأطفال مدن الملاهي، وأماكن أثرية منها الأهرامات، ومتاحف وقرى مصرية منها قناة السويس والإسماعيلية. ترى عناني أن الفترة الزمنية لم تكن عائقاً لترك التأثير الإيجابي على الأطفال. وتقول إن الانقلاب في سلوك الأطفال ظهر من خلال طريقة تعاطىهم بعضهم مع بعض، وزوال نحو 80% من التصرفات العدوانية للأطفال نتيجة شعورهم باحتضان المجتمع لهم.
وكانت دار الأوبرا محطة الأطفال لتوجيه رسائل للعالم. ففي حضور سفيرة المجلس القومي مشيرة خطاب، وجهت أربع رسائل عكست معاناة الأطفال خلال الحرب وخوفهم من السكوت العالمي عن مآسيهم. فاستغربت إحدى الرسائل «لماذا تدرب إسرائيل أطفالها على التوقيع على الصواريخ الموجهة نحو أطفال لبنان، أهذا سلام؟» فيما أرسلت آخرى تحية إلى الشهداء وخصوصاً الأطفال. كما تمنى الأطفال في رسائل أخرى المزيد من الرحلات التي تساعدهم على الخروج من معاناتهم.
وانعكس ارتياح الأطفال من خلال رغبتهم في البقاء لمدة أطول في مصر «بعيداً عن أصوات الطيران». ورأت آمنة حطيط (12 عاماً) أن رحلة مصر «جعلتني أنسى كل شيء صار»، بينما قال مصطفى الجنوبي إن «كل الكآبة التي عاشها في الحرب محتها رحلة مصر».
الجدير بالذكر أنّ ثلاثين طفلاً سيكتبون رسائل تحت عنوان «لمن يهمه الأمر»، يعبّرون فيها عما يريدون من المجتمع الدولي، على أن ترسل إلى المنظمات الدولية. ومما جاء في بعض الرسائل التي لم ترسل بعد: «كيف عاش الأطفال الحرب، أين حقوق الأطفال والإنسان؟ أين الاحتضان لأطفال عانوا الحرب؟».
وعلى الصعيد المصري، أصدرت وزارة البريد المصرية، بمبادرة من المجلس القومي، طوابع بقيمة جنيه و150 قرشاً حملت اسم الحملة، بهدف تأكيد حضور لبنان وأطفاله في ضمير العالم.