حاورهعمر نشابة
حسن عليق


تصوير
مروان طحطح

المدير العام لقوى الأمن الداخلي في لبنان اللواء أشرف ريفي متفائل بمستقبل البلد على عكس ما يشعر به كثير من المحلّلين. ويعلن مدير مؤسسة «الشرطة» الرئيسية للبنانيين عبر «الأخبار» عن تقدم «حرزان» في التحقيقات في الجرائم الكبرى ويطمئنهم في مطلع الـ2007
الى قدوم «مرحلة هدوء أمني تسمح ببناء مستقبل زاهر». ويعلن عن خطوات عملية ستقوم مكافحة الجريمة

  • وما هي توقعاتكم لمستقبل الوضع الأمني؟ ... بينما تثير توقعات وخرافات المنجمين مخاوف المواطنين؟
    برأيي أن علينا وضع حد لهذه الظاهرة ... شو المنجمين بدّن يمشّوا الناس؟ أنا تشاروت مع المدعي العام التمييزي لأنه لا يجوز أن تبقى الأمور على هذه الحال...
    وبعيداً عن التنجيم، أعتقد أن الساحة اللبنانية ستشهد مرحلة هدوء أمني يمكن أن يبنى عليه مستقبل زاهر للبلد، ونحن على تواصل مع كل الأطراف، ولا أحد يريد انتقال الصراع السياسي إلى العنف على الأرض وهذا ما لا نريده جميعاً، والجميع صادقون بهذا الأمر. وهذا ما يمكننا من القيام، مع الجيش، بمهماتنا. ونحن قمنا بما يتناسب مع الميل الطبيعي لكل اللبنانيين. وأعطيك مثالاً يوم الأحد الشهير، عندما كان هناك أكبر اعتصام في ساحة رياض الصلح، كان هناك في الوقت نفسه في «البيال» الذكرى السنوية لاستشهاد جبران تويني. التقت الحشود عند تمثال المغترب اللبناني، وكان اللبنانيون يعبرون عن وجههم الحضاري ولم تسجل أي ضربة كفّ. إذاً علينا كمؤسسات ترجمة الميل الحضاري لمجتمعنا الذي لا يريد العنف ولا القتال، ونحن نلعب دور الحامي لهذا الميل الطبيعي للمواطنين.
    هناك خطة امنية أعلنت في تشرين الثاني 2006، هل أنتم مستمرون فيها؟
    الخطة أمنية يتم تعزيزها أكثر، ونحن نرى أين هي الثُغر لنعزز أنفسنا لأن أي تصور نظري لا بد أن يترافق مع بعض الهفوات، ونحن نعيش الحدث الأمني يوماً بيوم.
    التقدم في التحقيقات
  • المواطنون يشتكون من عدم كشف مرتكبي الجرائم الـ14 حتّى الآن وجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ماذا تقولون؟
    أطمئن الناس إلى أننا حققنا خرقاً نوعياً وهو خرق «حرزان»، ومن حق الناس أن يتساءلوا لماذا استهدف المقدم شحادة وضابط آخر قبله، وأنا أقول إن هذا الاستهداف كان بسبب الخرق النوعي الذي حققناه.
    هل وجدتم ترابطاً بين التفجيرات الـ14؟
    قناعتنا أن هناك ترابطاً. الجرائم مترابطة بالدليل وليس بالتصور النظري، حتى الآن، والخرق النوعي الذي حققناه يشير إلى أن هناك أشخاصاً مشاركين في ثلاث جرائم أساسية.

  • هل الجرائم مرتبطة باستهداف المقدم شحادة والضابط الآخر، وهل هي الجهة نفسها؟
    برأيي إنها الجهة نفسها، لكن استهداف شحاده كان لإرهابنا كقوى أمن ومنعنا من التقدم وتطوير أنفسنا.

  • أنت متفائل باستمرار تقدم التحقيقات؟
    نعم أنا متفائل. لدينا خيط جدي، وهذا الخيط يوصل، ولا أعرف الفترة الزمنية. نحن بدأنا من الصفر لمواجهة الجرائم الإرهابية. واستطعنا التقدم.

  • هل كانت إمكانات قوى الأمن توازي «صفراً»؟
    نعم، على مستوى الجرائم الإرهابية لم تكن لدينا الإمكانات للتحقيق فيها. كنا جهاز شرطة تقليدياً. كنا نستطيع التحقيق في جرائم عادية أو محضر خلاف بين شخصين وتنظيم السير وأي أمر تقوم به الشرطة العادية. لم يكن لدينا أي إمكانات على مستوى التجهيز والتدريب والخبرة التي يتطلبها التحقيق في الجرائم الإرهابية. وكان لدينا خياران: إما المحافظة على وضعنا كشرطة تقليدية، وأخذ الموافقة من السلطة السياسية على ألا يطالبنا احد بمسؤوليات، والخيار الثاني أن نكون معنيين بمواجهة الإرهاب ونحضر أنفسنا لمواجهته. وبعد اغتيال النائب جبران تويني، طلبت منا السلطة السياسية أن نحضر أنفسنا لنكون مسؤولين أمام المواطنين.
    اتخذنا القرار بتطوير كل القطعات الاستعلامية بشكل نتخطى فيه الروتين والشكليات. طورنا، أعطينا عديداً، أعطينا تدريبات نوعية. طلبنا من بعض الدول أن تعطينا تجهيزات خاصة لمواجهة هذه العمليات، وأكثر هذه التجهيزات عبارة عن برامج. وبدأنا بلا خبرة وشبكات استعلام.وكانت ساحتنا مستهدفة، فسرّعنا عملية التطوير، وعندما بدأنا نضع أيدينا على خيط أساسي في الموضوع تم الاستهداف الأول لأحد ضباط الفريق المكلف التحقيق بالجرائم الكبرى. وبعد فترة، تقدمنا بالتحقيق أكثر، فاستهدف المقدم شحاده واستشهد أربعة عناصر. لكن نحن صرنا على المسار الصحيح. ونستطيع أن نطمئن المواطنين إلى أن الساحة لم تعد مفتوحة وهناك من يتصدى للمجرمين ولو كانوا ارهابيين. كذلك رفعنا نسبة التعاون مع مخابرات الجيش إلى الحد الأقصى، ولا نقف عند أي اعتبارات تنافس ايجابي أو تسجيل انتصارات، وكما كشفت مخابرات الجيش محمود رافع ونفاخر بها، نحن في بعض الاماكن سجلنا بعض النقاط الايجابية ونحن واثقون بأن مخابرات الجيش تفاخر بهذه النقاط التي سجلناها. المدراء العامون الذين كانوا قبلي فعلوا ما بوسعهم بالإمكانات المتوافرة في تلك المرحلة، أن يحافظوا على المؤسسة لكنْ هناك شيء غير مسموح به لهم او أن الظروف لم تسمح لهم بأن يطوروا المؤسسة. كان لدينا ثلث العديد المفروض ان يكون موجوداً بالاصل. كان هناك اربعون مخفراً بلا أي سيارة، التجهيزات الفنية المتطورة لم تكن موجودة نهائياً والجرائم الإرهابية لا تكشف إلا بخبرة وبتقنيات خاصة.

  • هل لكم أن تضعونا في أجواء التحقيقات الجنائية في جرائم اغتيال الوزير بيار الجميل واستهداف ثكن قوى الامن والوسط التجاري التي وقعت في لبنان خلال العام الماضي ؟
    لا خيوط قاطعة لدينا في هذه التحقيقات حتى الآن. ولا ننسى ان هذه جرائم احتراف، والفاعل يحضر جريمته وينفذها بشكل محترف تماما ويحاول ألا يترك أي خيط، ولكن ليس هناك جريمة كاملة، وهناك بعض الخيوط التي نتابعها لكن لا معلومات بشكل قاطع.

  • ذكرت معلومات سابقاً أن قذيفة الانرغا التي استهدفت ثكنة الحلو كانت من الداخل. ما تعليقكم على ذلك؟
    ثبت أنها ليست انرغا، بل عبوة متفجّرة رُميت من خارج الثكنة، وهي عبارة عن متفجرة صغيرة، رُميت من فوق السور، وهناك فاصل زمني كاف لأن يكون الفاعل على دراجة ويهرب مباشرة. الدراجة هي الوسيلة الأسرع للهروب، إذا وضعنا أنفسنا مكان المجرم، والأرجح أنه كان على دراجة. والهدف كان البلبلة وارباك قوى الامن الداخلي، كل استهداف الثكن كان هدفه البلبلة. اما في موضوع استهداف قوى الامن في الطريق الجديدة، فقد ثبت لدينا أن المنفذ كان على دراجة، أحد الشهود قال إنه رأى شخصين على دراجة. وتركيب العبوة التي استهدفت ثكنة الحلو هو نفسه. على دراجة، ومع وجود فاصل زمني، دقيقة تقريباً، يستطيع خلالها الفرار، وبعد أن تنفجر العبوة، تحتاج القوى الأمنية إلى دقائق معدودة من اجل معرفة ما جرى، عندئذ، يكون قد هرب من مسرح الجريمة.

  • هل يمكن ان تضعونا في أجواء التحقيقات في جريمة الرمل العالي؟
    الملف عند القضاء العسكري، ولا يجوز أن يقتل الطفل بحادث غير اجرامي وغير ارهابي، كموضوع مخالفات بناء، تألمنا كما تألم الجميع، ولم نكن نتمنى أن نكون طرفا بجريمة قتل طفل.

  • هل هناك عناصر من قوى الامن مشتبه فيهم؟
    حسب القانون من غير المسموح التحدث بملف موجود بيد القضاء. وانا طرف في العملية، ولذلك أفضل ألا أتحدث بالموضوع. ولنترك القضاء يقول نتيجة تحقيقاته، ويحدد الدوافع، وما إذا كان جرى الأمر عن طريق الخطأ ام لا.

  • هل يمكن أن تضعونا في أجواء التحقيقات في قضية استشهاد أحمد محمود؟
    القضية بيد القضاء العسكري، الشرطة العسكرية قامت بالتحقيق، ونحن أجرينا تحقيقا، والفاعل ما زال مجهولا، وبرأيي مطلق النار لم يكن من المجموعتين اللتين تواجهتا، بل تم إطلاق النار من مسافة بعيدة عنهما.
    تنظيم القاعدة في لبنان “مزّور”
  • هل هناك وجود لتنظيم «القاعدة» في لبنان؟
    هناك “قاعدة خاصة” في لبنان. ومن حظ اللبنانيين انها ليست “قاعدة حقيقية”. بل “قاعدة” «تقليد»... وفهمكم كفاية.
  • هل لديكم معتقلون من تنظيم «القاعدة»؟
    نحن اعتقلنا ليلة رأس السنة 2005 -2006 مجموعة من 15 شخصاً ثم اعتقلنا اثنين إضافيين بعدئذ أفرجنا عن اثنين ليستقر العدد على 15.
    العلاقة بـ«الشقيقة سوريا»
  • في اجتماع مجلس الأمن المركزي مقعد شاغر، كان لصالح ضابط سوري؟
    أجل لكن وجوده لم يكن قانونيا. كان بحكم الامر الواقع.
    علاقتنا بسوريا تاريخية. نحن نفرق تماما بين سوريا وبين العمل الامني السوري الذي كان موجودا. نحن لن نضيّع «البوصلة» فسوريا دولة شقيقة ولشعبها كل الاحترام، وآخر اشتباك حصل بين دورياتنا وأناس خطفوا شخصاً من سوريا في بعلبك كان بناءً على طلب الانتربول السوري. سنبقى نلبي كل طلبات الشرطة السورية التي تأتي قانونياً، دون تردد ودون أي خلفية، كما نلبي طلب اي شرطة في العالم. لقد حررنا الشاب المختطف وأرسلنا إلى الأنتربول السوري بما جرى فبعثوا لنا والد الشاب وتم تأمين الطريق لهما حتى الحدود السورية.

  • ألم يكن هناك تشنج في الاتصال؟
    الاتصال لم يكن الاول، “ولا مرة كان هناك تشنج” ولن يكون هناك تشنج و سيبقى أخوياً بكل معنى الكلمة. عندما عقدنا لأول مرة في لبنان اجتماع قادة الشرطة العرب، أتى الوفد السوري، وعومل بكل احترام وتقدير ويمكنك ان تسأله. لا أخفي أننا تعاملنا معه باهتمام خاص تحسباً للعامل النفسي الذي قد يكون عند البعض. وهم تصرفوا كإخوة ونحن تصرفنا كإخوة في موقع يماثل أي مشارك آخر في المؤتمر. والمراسلات بيننا وبين شُعب الاتصال في دمشق لم تنقطع في اي مرحلة. هذه حياة الناس عندما نساعده على كشف جريمة جنائية فنحن نساعد أنفسنا، وهو عندما يساعدنا في جريمة جنائية يساعد نفسه ونحن حريصون على أن تبقى الامور بشكلها الطبيعي. هذا التوجه دائم لدينا وتوجه أيضا لدى السلطة السياسية وهو نابع من تربيتنا وأخلاقياتنا وبحكم العلاقة التاريخية بيننا.
    ألقينا القبض اول من امس على عسكري سوري في شتورا، دخل لبنان ببذلته العسكرية، أوقفناه وسلمناه للشرطة العسكرية ليسلموه الى الحدود لأنه تبين أن الرجل غير طبيعي. ونحن لم نتصرف كأننا حققنا إنجازا إنما تصرفنا كإخوة وسنبقى نتصرف كذلك.
    «القومي» و«القوات» والسلاح
  • ماذا عن تجارة السلاح في لبنان؟
    السلاح الموجود يكفي الجميع، ولا أحد بحاجة إلى سلاح إضافي.

  • جرت مصادرة سلاح من ميليشيا سابقة، هل ستصادر اسلحة ميليشيات سابقة أخرى؟
    أي مكان تأتينا عنه معلومات عن وجود سلاح فيه يهدد السلم الأهلي سنقوم بمصادرته. نحن والجيش نعمل على هذا الامر. وعندما علم الجيش أن «القوات»، او في النهاية حراس الشيخ بيار الضاهر يقومون برماية، لم يرحمهم، ونحن رحبنا بهذه الخطوة التي نراها ايجابية جدا. وعندما توافرت لدينا معلومات في نيسان الماضي عن وجود متفجرات، تحدثنا إلى الحزب (القومي)، واستدعينا الشباب (من الحزب القومي) أنفسهم لننبههم، واتصل بي أحد المسؤولين من الحزب وأتى لزيارتي فقلت له أن “يسمحوا لنا بقضية العسكر ، واعملوا في السياسة ما شئتم”، فوعدني خيرا، ثم قمنا باستدعاء الشباب أنفسهم مرة ثانية لتنبيههم و“باعونا حكي”، ثم استدعيناهم مرة ثالثة للأمر ذاته. بعدما تعطي شخصاً ما ثلاثة تنبيهات شفهية، “ليسمح لنا بالتحرك”.

  • لكن الامر يُستغل سياسياً؟
    لا علاقة لي بالأمر



    أربع خطوات يمكن أن يتخذها الأشخاص الذين تعرّضوا للتعذيب على يد قوى الامن: (1) التوجه للقضاء عبر محام (2) التوجه إلى المفتشية العامة التابعة لوزارة الداخلية بكتاب أو شفهياً، (3) التوجه الى المدير العام شخصياً بكلام شفهي أو بكتاب، (4) التوجه إلى الرئيس المباشر للفاعل (المعذِّب). إضافة إلى ذلك، هناك صناديق للشكاوى على مداخل مراكز قوى الامن. ويؤكد اللواء ريفي أن الشكاوى ستتابع بجدية