عمر نشابة
يعتبر «قصر» العدل في بيروت «أشرح» قصور العدل في لبنان وأكثرها حركة. اذ ان عدد الاحكام والاجراءات القضائية الصادرة عن المحاكم والقضاة والمدعين العامين يتجاوز الآلاف سنوياً. ويحتاج كلّ قاض الى الوقت الكافي لدراسة عشرات الملفات المكدّسة على مكتبه كما يحتاج الى المكان المناسب لقيامه بواجباته بشكل مناسب. فالملفات القضائية غالباً ما تكون حساسة وتتطلّب تركيزاً ودراسة معمّقة قبل اتخاذ القرار الذي سيؤثر على حياة ومستقبل كلّ من المدعى عليهم والمشتبه بهم والضحايا كما سيؤثر على نظام العدالة وصدقيته. وخلال زيارة قمنا بها أخيراً الى قصر العدل في بيروت لاحظنا أن مكاتب بعض القضاة لا تليق بأهمية المهمات المطلوبة منهم. فبعض القضاة يتشاركون مكتباً بسيطاً وصغير الحجم لا تتجاوز مساحته 18 متراً مربعاً. والبعض الآخر يشغل مكاتب وصلنا إليها بعد تجاوز نفق مظلم تكدست على جوانبه مئات الملفات القضائية والاوراق الرسمية... وبسبب تلك الظروف، يحمل العديد من القضاة ملفاتهم معهم الى منازلهم ليقوموا بدراستها في مكان يوفر لهم شروط عمل مناسبة... وبينما كان من حظّ بعض القضاة القليلين ترميم مكاتبهم وتوسعيها، لا تزال معظم قاعات المحكمة مهملة لدرجة انها معيبة من ناحية الاثاث والجدران وحتى الارضية.... في «دولة القانون والمؤسسات»!؟
وخلال زيارات قمنا بها لعدد من المراكز الامنية اكتشفنا أن مكاتب الضباط العسكريين أوسع وأفضل تجهيزاً ولياقة من مكاتب القضاة. فمكتب ضابط في إحدى المؤسسات الامنية يتألف من ثلاثة صالونات أي إن هذا المكتب يمكنه توفير المكان المناسب لعمل ثلاثة قضاة بدل أن يقوموا بواجباتهم في منازلهم... ولاحظنا أن أثاث مكتب ضابط آخر يتميّز بفخامة لافتة. ومعظم مكاتب الضباط ممكننة بينما لا يزال القضاء غير ممكنن. والعديد من القضاة يشترون الكمبيوترات المحمولة على نفقتهم الخاصة...
هل عمل العسكر يستحق أكثر من عمل القضاة؟