هل من العلاقة بين ارتفاع التوتر السياسي وارتفاع مؤشر الجريمة. فعام 2005 شهد ارتفاعاً في المعدلات الجرمية، وهو العام الذي شهد أكبر سلسلة من التفجيرات الارهابية ويبدو أن اطلاق الحوار في آذار 2006 ساهم بخفض معدّل الجرائم
تظهر الإحصاءات الصادرة عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي لعام 2006 انخفاضاً في عدد جرائم السلب والسرقة والقتل والنشل وكذلك بالنسبة للجرائم الارهابية. وكان عام 2005 قد شهد ارتفاعاً في عدد الجرائم عن عام 2004، لتعود الأعداد وتنخفض في العام المنصرم. ومثلما يشير الجدول أعلاه، ارتفع عدد السيارات المسروقة من 1625 عام 2004 بمعدل شهري 135 سيارة إلى 1825 عام 2005 بمعدل شهري 152 ليعود العدد ويشهد انخفاضاً كبيراً عام 2006 فيصل إلى 1042 سيارة مسروقة بمعدل شهري يبلغ 87 سيارة (تبلغ نسبة الانخفاض 43 %). لكن بالرغم من انخفاض عدد السيارات المسروقة بهذه النسبة الكبيرة، لا بد من لفت النظر إلى أن نسبة السيارات التي استعادتها القوى الأمنية لا تمثّل أكثر من 42.61 % من إجمالي عدد السيارات المسروقة، وهي النسبة التي شهدت ارتفاعاً طفيفاً عن عام 2005 حين كانت قد بلغت 42.41%. وبالتالي، فإذا اعتبرنا انخفاض عدد السيارات المسروقة تطوراً في عمل الأجهزة الأمنية في مكافحة هذه الجريمة، يمكننا من ناحية أخرى اعتبار بقاء نسبة السيارات المستعادة على حالها تقريبا خلال ثلاث سنوات (2004ــ2005ــ2006) دليلاً على عدم حدوث تطور مهم لدى الأجهزة الأمنية في مجال ملاحقة عصابات سرقة السيارات.
معدلات القتل والانتحار ومحاولة الانتحار
ينسحب الانخفاض في العدد على مختلف الجرائم. فجرائم القتل انخفضت بنسبة كبيرة تصل إلى 45.51% ليصل العدد إلى 85 جريمة. وفي هذا المجال، لا بد من الاشارة إلى مشكلة الطب الشرعي في لبنان، ومن ضمنه التشريح والمشارح، حيث لا تجرى عمليات التشريح لكل جثث المتوفين لتبيان الأسباب الحقيقية للوفاة. وبالتالي، من الممكن ان تكون حوادث قتل كثيرة قد سجلت على انها حوادث وفاة عادية.
اما عمليات الانتحار ومحاولة الانتحار، فقد انخفض مجموعهما من 199 عام 2004 إلى 167 عام 2005 وصولاً إلى 110 عام 2006. وفي هذا المجال، لا بد من الاشارة مجدداً الى الضعف الذي يعانيه قطاع الطب الشرعي في لبنان، اذ إن اغلبية الاطباء الشرعيين ليسوا من حاملي الشهادات في هذا الاختصاص، بالاضافة إلى أن «الخجل الاجتماعي» يؤدي الى الشك في دقة احصاءات هذه الحوادث، فيتم تسجيل عدد من عمليات الانتحار، وخاصة عن طريق ابتلاع الأدوية أو المخدرات أو السم، على أنها حالات وفاة طبيعية.
الاتجار بالمخدرات وتعاطيها
اما ما تسميه القوى الأمنية في الجدول أعلاه بتعاطي المخدرات أو الاتجار بها، فتعني به عدد الموقوفين بهاتين الجريمتين (قبل صدور حكم). وبالتالي، فلا يمكن اعتبار انخفاض عدد الموقوفين دليلاً على انخفاض عدد المتعاطين او تجار المخدرات، إذ ليس في لبنان إحصائيات دقيقة أو حتى تقريبية لعدد متعاطي المخدرات.
عملية سلب يومياً
شهد لبنان خلال العام الماضي 365 جريمة سلب (بمعدل جريمة واحدة يومياً) وبانخفاض نسبته 39.7% عن العام السابق، ومن ضمنها حوادث السلب المسلح. وفي هذا الاطار، قال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي إن السلب المسلح في لبنان ليس «ظاهرة» مثل النشل على سبيل المثال، إنما هي موجودة بشكل محدود. وأشار إلى أن «مديرية المخابرات في الجيش اللبناني استطاعت القبض على المدعو ح. ع، أخطر الرؤوس المدبرة لهذه العمليات، علماً بأن هذا الأمر كان بعد القبض على كل أفراد عصابته ثمرةً للجهود المشتركة بين قوى الأمن الداخلي ومديرية المخابرات». ويخلص ريفي إلى أن عمليات السلب، وإن كانت لا تمثّل «ظاهرة»، فهي مؤذية للمجتمع وبالتالي لا بد من إيجاد حل لها.
عدد الموقوفين لدى قوى الامن
اما العدد الاجمالي للموقوفين في كل الجنح والجنايات، فقد انخفض بنسبة 11.78% عن عام 2005 الذي كان قد شهد ارتفاعاً في العدد نفسه عن العام 2004. ومن الممكن اعتبار أن توازي انخفاض عدد الموقوفين (وإن بنسبة ضئيلة) مع الانخفاض العام في نسبة الجرائم عموماً، من الممكن اعتباره دليلاً إضافياً على انخفاض مؤشر الجريمة، خاصة بعد النظر إلى عدد مذكرات التوقيف الواردة إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية عام 2006، والذي بلغ 58755 مذكرة بانخفاض نسبته 29% عن عام 2005. لكن نسبة تنفيذ مذكرات التوقيف انخفضت عن العام السابق، محققة في الوقت نفسه ارتفاعاً إذا ما أخذت بالنسبة إلى مذكرات التوقيف الواردة. كذلك الأمر، فإن أمراً إيجابيا يسجل للأجهزة الأمنية هو الانخفاض المستمر، سنة بعد أخرى في مذكرات التوقيف المتراكمة منذ سنين والتي بلغت في نهاية العام 272420 مذكرة بانخفاض عن اول العام حين كانت قد بلغت 278712 مذكرة.
الأعمال الإرهابية انخفضت
برزت الجرائم الإرهابية عام 2006 مثلما في عام 2005. فشهدت السنة المنصرمة تسع عمليات تفجير واغتيال ومحاولة اغتيال بانخفاض عما جرى عام 2005. وذهب ضحية العمليات الارهابية 8 شهداء، هم الأخوان مجذوب في صيدا وأربعة من عناصر فرع المعلومات في محاولة اغتيال المقدم سمير شحاده، بالاضافة الى الوزير والنائب بيار الجميل ومرافقه سمير الشرتوني.
ارتفاع عدد قتلى حوادث السير
اما حوادث السير، فقد استمر عددها في الانخفاض للسنة الثانية على التوالي. وقد شهد العام المنصرم انخفاضاً في عدد الحوادث بنسبة تزيد على 43%. وبالرغم من ذلك، فقد ارتفع عدد القتلى الناجم عن حوادث السير من 304 عام 2005 إلى 372 ليعود ويقترب من عدد العام 2004 الذي كان قد بلغ 376 قتيلاً. لذلك، لا بد من زيادة الاجراءات التي تتخذها قوى الامن الداخلي وتطويرها لتشمل تركيب المزيد من الرادارات لكشف السرعة على كل الطرق السريعة والتشدد في تطبيق قوانين السير، بالتوازي مع إسراع وزارة الأشغال ومجلس الانماء والاعمار في إعادة بناء الجسور التي تهدمت جراء العدوان الاسرائيلي، والتي كان لها نصيب بالتسبب بحوادث سير قاتلة. بالاضافة إلى ذلك، الاخذ بما صدر عن الندوة الثالثة للسلامة المرورية وأهمها «تفعيل دور التفتيش المركزي في إدارة مراقبة امتحانات السوق، وإعداد قانون سير عصري وإيجاد آليات لتطبيق قانون السير الجديد، وتعميم تجربة النقل الحضري من بيروت الكبرى إلى مختلف المدن اللبنانية الكبرى، والتزام بناء الجسور المخصصة للمشاة، وصيانة الطرق حسب الأصول، وإدخال مواد عن أصول القيادة الوقائية وعن السلامة العامة ضمن المنهج التربوي، وعدم التأخر في تنظيم امتحان السوق النظري والعملي بحسب قرار وزير الداخلية رقم 981». (الأخبار)