strong>ثائر غندور
سينزل الشيوعيون إلى الشارع في 24 كانون الثاني. الموعد متأخر بعض الشيء، لكن الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور خالد حدادة يراه طبيعياً، إذ ستسبقه ندوات في المناطق والجامعات. ورقة الحكومة الإصلاحية هي همّ الشيوعيين، أما في السياسة فكل المؤسسات سيان، إذ «إن الهريان يطال كل مؤسسات البلد الدستورية التي تبدو فاقدة للشرعية وللتبرير الديموقراطي لوجودها من الحكم إلى الحكومة إلى مجلس النواب».
حدادة عقد مؤتمراً صحافياً ظهر أمس في مركز الحزب في الوتوات فصّل فيه موقف الحزب من الورقة، وشنّ هجوماً على الاتحاد العمالي العام «وقوى السلطة السابقة التي أنتجته أيام الوصاية السورية».ولم تسلم المعارضة من الهجوم اذ قال إن مطالبها «أقل من الحدّ الأدنى المطلوب من أجل إحداث تغيير في البلد»، لكنه شدّد على «موقع الحزب المعارض دوماً لسياسات إفقار الناس والنظام الطائفي»، مشيراً إلى أن الحكومة «فاقدة للشرعية قبل عدوان تموز، وأتى العدوان ليؤكد عدم شرعيتها».
ودعا حدادة إلى تأجيل عقد مؤتمر «باريس 3»، وإحالة مهمة إعداد الورقة اللبنانية على المجلس الاقتصادي الاجتماعي، كما أعاد التذكير بمبادرة الحزب التي تقوم على أساس تشكيل حكومة انتقالية، تأخذ صلاحيات واسعة من مجلس النواب ويستقيل رئيس الجمهورية لمصلحتها، وتكون مهمتها تحضير قانون انتخاب يتجاوز القيد الطائفي على قاعدة النسبية والدائرة الواحدة، تجري انتخابات مبكرة على أساسه وتؤسس مجلس شيوخ وتمهد لانتخاب رئيس جديد من المجلس الجديد، ويكون بمقدور هذه الحكومة إقرار مشروع المحكمة الدولية وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية. ولفت إلى رسالة الرئيس السنيورة المؤيدة لهذه المبادرة داعياً إياه إلى ترجمتها إلى أفعال.
وكانت الورقة الإصلاحية موضع تركيز حدادة. فعاتب الرئيس السنيورة لاعتباره أن الورقة «صنع في لبنان»، اذ إن «الكل يعرف أن هذه الاقتراحات ــ الشروط، يمكن قراءتها على المواقع الإلكترونية لمؤسسات النقد الدولية، وهي اقتراحات وشروط فرضها البنك الدولي وصندوق النقد على عشرات الدول في العالم، وساهمت بانهيار اقتصادات معظم دول العالم الثالث وزادت من ارتهانها السياسي والاقتصادي للدول الأجنبية ولصناديق النقد». وذكّر بأن من أهم منجزات الطائف إنشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي شكّل «عنواناً لطائف اقتصادي تتشارك فيه قوى الإنتاج الثلاث، لكن الحكومات المتعاقبة أفرغته من مضمونه». وأشار إلى أن الدعم المفاجئ يهدف عدا الدعم السياسي إلى «تثبيت وجهة الاقتصاد اللبناني كاقتصاد خدمات ووساطة خدماتية معوِّقة لتطور قطاعات الإنتاج المادي. فلبنان يستورد سنوياً، سلعاً وخدمات، بمعدل 7 مليارات دولار، من الغرب بشكل رئيسي. وهذا الدعم المزعوم هو لتأمين استمرار هذه القدرة على الاستيراد لمصلحة الاقتصاديات الغربية وبالتالي هو مساعدة لهذه الاقتصاديات بمعدلات أكبر مما هي للبنان». أّما بالنسبة إلى إشارة الورقة الإصلاحية إلى نتائج العدوان الإسرائيلي على الاقتصاد فسأل الحكومة: «لماذا لا تطالب أصدقاءها، بالتعويض على لبنان كحق له، بل لماذا لا تقوم ولو لحفظ ماء الوجه بإجراءات لمطالبة العدو بالتعويض؟». كما لفت إلى أن ديون الدول الداعية للمؤتمر على لبنان تشكل 16 مليار دولار، ولذلك الأفضل أن تقوم هذه الدول بشطب ديون لبنان أو إعادة جدولتها. وفي الشق السياسي المتعلق بالورقة الإصلاحية قال حدادة: «ما ورد في مقدمة المشروع عن إنشاء «الدولة القوية والمعتدلة...» يشير إلى نهج سياسي يتماهى مع اتجاه إقليمي محدد، يأخذ أبعاداً اخطر إذا ما عطفناه على المنحى المتناقض للإجراء المقترح بتخفيف أعداد القطاع العام مقابل تضخيم أعداد القوات المسلحة من دون تحديد لسياسة دفاعية، ما يشير إلى نيات تقوية الأجهزة الأمنية (غير الجيش) ولأهداف داخلية بحتة، بدأت بوادرها تعطيل القضاء وقمع الحريات...».
وطرح حدادة بدائل حزبه للورقة الإصلاحية وهي: تطوير قطاعات الإنتاج المادي الزراعة، الصناعة، السياحة، وتقديم الدعم الجدي لها وحمايتها لتكتسب قدرة تنافسية حقيقية. إعادة النظر بالنظام النقدي ووضعه في خدمة الاقتصاد الوطني لا أن يبقى وسيلة لتوسيع القطاعات الريعية والطفيلية. خلق صناديق استثمارية لتطوير المناطق وتقديم الحوافز الإنتاجية للمشاريع الاستثمارية في المناطق. اعتماد نظام ضريبي عادل يعتمد الضريبة التصاعدية والحد من استخدام الضريبة على القيمة المضافة. وضع اليد على ملف الأملاك البحرية وتحصيل حق الدولة فيها. وتساءل عن سبب عدم إشارة الورقة إلى جردة حساب لصندوقي الجنوب والمهجرين وإرجاء إقفالهما إلى عام 2008 وإبقاء مجلس الإنماء والإعمار «صندوقاً مفتوحاً للهدر».