strong>إبراهيم عوض
أظهرت مواقف صدرت أخيراً عن عدد من المسؤولين في الرياض ودمشق تقدماً على صعيد إزالة الجمود الذي يعتري العلاقات بين البلدين تمهيداً لإعادتها الى سابق عهدها. والأبرز في هذا السياق كلام نائب الرئيس السوري فاروق الشرع عن احتمال زيارة الرئيس بشار الأسد الى السعودية

ما من مسؤول عربي أو دولي يزور الرئيس نبيه بري للبحث معه في الأزمة التي يعيشها لبنان إلا ويتمنى عليه إعادة الاهتمام لإصلاح العلاقات بين الرياض ودمشق، وإخراجها من حال الجمود التي تعتريها، من منطلق أن إعادة هذه العلاقات الى صفائها من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الساحة المحلية مما يساعد على تذليل كثير من العقد التي تعترض سبل التوصل الى الحلول.
وآخر من سمع نصيحة بري في هذا الخصوص كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وقبله الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمبعوث الرئاسي السوداني مصطفى عثمان اسماعيل.
وفيما ينشط أصدقاء مشتركون بين الطرفين على خط ترطيب الأجواء بينهما وفق ما أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد شخصية لبنانية استقبلها قبل أيام، أظهرت مواقف صدرت أخيراً عن مسؤولين كبار في كلا البلدين تقدماً ملحوظاً من شأنه أن يمهد للعودة الى «فترة الهدوء» كما سماها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في مؤتمر أحزاب الجبهة الوطنية القومية الذي انعقد في دمشق قبل أكثر من شهر، عازياً يومها التراجع في العلاقات بين سوريا والسعوية الى «أسباب شخصية» شبيهة بالعلاقة مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، داعياً الى «عدم السماح للآخرين بأن ينساقوا وراء ما سيكتشفون أنه سراب حقيقي أو ينزلقوا إلى عداء طويل الأمد ليس لمصلحة أحد».
وقد سارع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حينذاك إلى الرد على كلام الشرع قائلاً بأنه (الفيصل) «لا يعلم بأن أشخاصاً في السعودية تسببوا بإساءة أو جمود العلاقة بين الرياض ودمشق»، مضيفاً «إن سوريا بلد غالٍ ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك».
هذا ما قيل في الأمس القريب. أما اليوم فاختلفت اللغة وانتفت عبارات الغمز واللمز لتحل محلها «رسائل الود»، إذ اكد الشرع في حوار أجراه مع مراسلي وسائل الإعلام العربية والدولية في دمشق أول من أمس «أن العلاقات السورية ــ السعودية تاريخية لا يجوز أن يحكم عليها من خلال فترة زمنية قصيرة»، منوهاً «بما حققته هذه العلاقات على كل الصعد وبالتعاون الكبير منذ توقيع اتفاق الطائف والمرحلة التي سبقته وأعقبته»، لافتاً الى «وجود تشاور بين البلدين وإن بشكل متقطع».
وفي ما بدا «رسالة» واضحة تعبّر عن رغبة سورية في طي صفحة الخلاف مع السعودية شدد الشرع على «أن العلاقة بين البلدين إذا أضيفت اليهما مصر وإيران فهي الضمانة لاستقرار المنطقة». أما الأبرز فكان تلميحه الى احتمال قيام الأسد بزيارة الى السعودية وعقد قمة ثلاثية تضمه الى العاهل السعودي والرئيس المصري حسني مبارك.
وفي هذا الإطار أبلغت أوساط دبلوماسية سعودية «الأخبار» أن زيارة الرئيس السوري للرياض من شأنه أن يبدّل الكثير من الأمور بحيث لا تقتصر المسألة على تطبيع العلاقات فحسب بل تتعداها الى ما هو أبعد لتصب في مصلحة الدولتين مع الحرص السعودي على الوقوف الى جانب سوريا إزاء الضغوط التي تتعرض لها.
وكان وزير الإعلام السوري محسن بلال أكد في حديث الى «الأخبار» (19 ـ 12 ـ 2006) «حرص سوريا على إقامة أفضل العلاقات وأحسنها مع كل الدول العربية»، منوهاً بـ«حكمة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز»، مؤكداً أن الرئيس الأسد «يكن له كل محبة وتقدير».
وردت المملكة العربية السعودية على تحيتي الشرع وبلال بالمثل من خلال الحديث الذي أدلى به ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز الى صحيفة «الشرق الأوسط» في السادس من الشهر الجاري وأكد فيه أن العلاقات بين البلدين «متينة وتاريخية، وسوريا دولة شقيقة»، معتبراً «ما تسميه بعض وسائل الإعلام فتوراً في العلاقة بينهما بأنه انعكاس لتحليلات إعلامية مبنية على فرضيات غير صحيحة».
وإزاء تبادل «الرسائل المشجعة» بين الرياض ودمشق تمهيداً لخطوات تعيد العلاقات بينهما الى سابق عهدها، لخص مصدر سوري مطلع لـ «الأخبار» الوضع قائلاً «إن تقدماً أحرز على صعيد إزالة الاحتقان الذي كان قائماً»، مثمناً التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ولي العهد السعودي، آملاً أن «تسير الأمور من حسن الى أحسن على رغم انعدام الحوار المباشر بين الطرفين في الوقت الحاضر».