وسيم وهبة*
قامت الحكومة اللبنانية والدوائر التابعة لها أخيراً بنشر قوانين في الجريدة الرسمية، على رغم عدم إصدارها من رئيس الجمهورية، ومن دون أن تحمل توقيعه (تعديل المجلس الدستوري وتنظيم شؤون الطائفة الدرزية، تعليق المهل القانونية والقضائية، إلغاء المرسوم الاشتراعي الرقم 31 تاريخ 5/8/1967 المتعلق بمكافحة الإغراق واستبداله بـ«قانون حماية النتاج الوطني، تعديل قانون الاستملاك)، وكان قد حصل أمر مشابه عام 1999 عندما نشر قانون تعديل أحكام المرسوم الاشتراعي الرقم 118/77 (قانون البلديات) في العدد 28 من الجريدة الرسمية.
إن نشر القوانين في الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية يطرح مسألتين:
1 ــ إن لرئيس الجمهورية بحسب نص المادة 57 معطوفة على المادة 56 خيارين: إما أن يصدر القانون في خلال شهر بعد إحالته على الحكومة ويطلب نشره، وإما أن يطلب من مجلس النواب إعادة النظر فيه وذلك خلال مهلة الشهر أيضاً. في الحالة الأخيرة يصبح رئيس الجمهورية في حلّ من إصدار القانون إلى أن يعيد مجلس النواب النظر فيه، فإذا أعيد النظر في القانون من جديد وأقره المجلس النيابي بالأغلبية المطلقة، أصبح رئيس الجمهورية ملزماً بنشر القانون على رغم معارضته له، ويكمل معارضته للقانون بالطعن به أمام المجلس الدستوري.
وإذا لم يصدر رئيس الجمهورية القانون في المهلة المحددة وجبت محاسبته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لعلة خرقه للدستور.
2 ــ يمكن رئيس الجمهورية أن يترك القانون من دون إصداره أو من دون أن يطلب من مجلس النواب إعادة النظر فيه، فعندئذ يصبح القانون نافذاً ويجب نشره بعد مرور مهلة الشهر. وجاء تحديد هذه المدة لكي يسقط حق رئيس الجمهورية في إرسال القانون إلى مجلس النواب من أجل إعادة النظر فيه. وهذا لا يعني أنه يمكن نشر القانون بمعزل عن رئيس الجمهورية ومن دون توقيعه.
وهناك رأي يقول بأن القانون يصبح نافذاً ويجب نشره بمجرد مرور مهلة الثلاثين يوماً، لأن الفقرة الثانية من المادة 57 تنص على أنه «وفي حال انقضاء المهلة من دون إصدار القانون أو إعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره»، وبالتالي فإن القانون ينشر حكماً من دون حاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية.
في فرنسا، اعتبر المجلس الدستوري في قراره الرقم 392/97 أن «الإصدار هو العملية القانونية لاكتمال القانون، هذه العملية تكمن في توقيع رئيس الدولة على هذا القانون.... وإن التوقيع يعطي القانون التاريخ الذي يصبح فيه نافذاً».
وكان مجلس الدولة الفرنسي في قرار «بلدية مونتوري» في 8 شباط 1974، قد اعتبر أن «الإصدار هو الفعل الذي يعلن فيه رئيس الدولة عن وجود القانون، ويعطي الأمر إلى السلطات العامة لاحترام هذا القانون». لو كان المجلس الدستوري اللبناني حياً، لكان أعطى رأيه في الموضوع، لأنه الوحيد الذي في استطاعته أن يجزم بهذا الأمر لكونه سينظر بدستورية قوانين كهذه.

* الدولية للمعلومات ــ قسم الدراسات القانونية
رؤساء الجمهورية منذ 1943
بشارة الخوري، كميل شمعون، فؤاد شهاب، شارل حلو، سليمان فرنجية، الياس سركيس، بشير الجميل، أمين الجميل، رينيه معوّض، الياس الهراوي، اميل لحّود